نداء آخر يوجهه الله سبحانه وتعالى إلى عباده الذين آمنوا، وهو نداء عظيم ونداء مهم جدا، يقول جل شأنه {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} [التحريم - 8]، لأن البعض يتصور أن الانتساب والانتماء الإيماني أصبح بطاقة ترخيص، يكفي أن يقول لا إله إلى الله محمد رسول الله ثم يفعل ما يشاء ويريد من المعاصي والذنوب ويدخل الجنة، لا، هذه فكرة غير صحيحة إطلاقا، الدين هو جاء لتزكية النفوس ولإصلاح الإنسان ولإصلاح أعمال الإنسان، والجنة والنار هي جزاء على العمل، على العمل، وفي الدنيا والآخرة جزاء على العمل، والله يقول {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة - 7]، لكن الله فتح باب التوبة، توبة إليه، هنا يوجه نداءه إلى الذين آمنوا أن عليهم أن يبادروا بالتوبة إلى الله، {ِيَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا} [التحريم - 8]، المطلوب من الجميع أن يتوبوا إلى الله، كل إنسان هو مقصر، كل إنسان هو مذنب، كل إنسان يصدر من جانبه أخطاء ويقصر في أشياء ولكن يتلافى ذلك بماذا؟ بالتوبة إلى الله، بالرجوع إلى الله سبحانه وتعالى رجوعا بالندم، رجوعا بالندم على التقصير وبالندم على المعصية وبالندم على الذنب وبالإقلاع عن الذنوب وبالعزم على تركها، وعلى عدم العودة إليها، وهكذا حالة يستمر الإنسان عليها، وبتوجه جاد وصادق، {تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا}، هذه التوبة الجادة التي هي توبة كاملة وخالصة، خالصة، الإنسان توجه بكل جد إلى الله سبحانه وتعالى وبكل جد، نادما على معصيته، على ذنوبه على تقصيره، ليس راضيا بذنوبه، ليس راضيا عن أخطائه، ليس راضيا عن تقصيره، بل يندم ويدرك أنه قصر في جنب الله سبحانه وتعالى وأساء إلى ربه العظيم الكريم المنعم، الخالق، وجلب على نفسه بذلك الشر والخطر، أنه بحاجة أن يدفع عن نفسه، فتكون توبة جادة صادقة كاملة، لا يبقى الإنسان مترددا، أو يبقى عازما في نفسه إلى العودة إلى الذنب ويتصور أن المسألة مسألة استغفار مؤقت ثم يعود إلى الذنب أو لا يتخلص من آثار ذلك الذنب، من المظالم إن كانت مظالم لعباد الله أو نحوا من ذلك، فالمطلوب أن تكون هذه التوبة جادة وصادقة وتوجه جاد للإقلاع عن المعصية وعن الذنب وعن التقصير، {عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ ۖ نُورُهُمْ يَسْعَىٰ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [التحريم - 8]، لتنال المغفرة تب إلى الله، لتنال المغفرة، لتنال التكفير لسيئاتك، ليدفع الله عنك الخزي والفضيحة يوم القيامة، لا تكن ممن يفتضحون يوم القيامة على رؤوس الأشهاد، لتكون في موكب النور مع نبي الله ورسول الله صلوات الله عليه وعلى آله ومن معه من المؤمنين التائبين المنيبين الصادقين الذين يمنحهم الله في ذلك اليوم هذا الشرف وهذا التكريم وهم يتحركون في موكبهم، يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم، هذا الشرف الكبير، لتحظى بهذا الشرف ولتنال هذا الشرف لا تكون مع المفضوحين، لا تأتي يوم القيامة وصحيفة أعمالك مليئة بالفضائح والمخازي، نعوذ بالله ونستجير بالله، ولتحظى بهذا الشرف تكون مستورا بستر الله وبمغفرته وبتكفير السيئات منها، هذه دعوة يفترض أن الإنسان يحرص على الاستجابة لها، لا يبقى الإنسان مصرا على المعصية.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من محاضرة السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي / حفظه الله.
المحاضرة الرمضانية السادسة 1441هـ.