مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

بشير ربيع الصانع
لم يكن الإمام الحسين عليه السلام رجل لحظة ولا قائد ثورة محلية، بل كان صوت الإسلام الصافي، وصدى الرسالة المحمدية الممتد في وجه الطغيان إلى آخر الزمان. لقد قدّم نفسه للأُمَّـة كشخصية ثورية إسلامية عالمية، أسّس مدرسة متكاملة لمواجهة الظلم والظالمين، وبنى بمعاناته واستشهاده معالم نهجٍ خالد، لا تحدّه حدود الجغرافيا، ولا تقيده ظروف التاريخ. وفي وقفته في كربلاء تجسدت كُـلّ المعاني التي بها تُعرف الثورات وتُقاس المبادئ وتوزن العزائم، فهو الذي وقف بأقلّ القليل من الأنصار أمام عروش الظالمين، لا طمعًا في حكم، ولا رغبة في سلطان، بل نصرةً لله، وإنقاذا لدين محمد صلى الله عليه وآله وسلم من أن يُمسخ على يد الطغاة والمنافقين.

وها نحن اليوم، نعيش في ظل معركة الحق الكبرى، نجد أنفسنا أمام امتداد أصيل لذلك النهج، نهج قرآني قاده الإمام الحسين عليه السلام بدمه وصرخته، ويقوده في زمننا السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي (يحفظه الله) ببصيرته وجهاده. إنها المسيرة نفسها، وإن اختلف الزمان وتغيّر العدوّ، فالصراع هو ذاته، والمعركة هي نفسها، والمواقف تتشابه في وجه المستكبرين، وفي رفض الخضوع، وفي الإصرار على أن تبقى الأُمَّــة حرة، عزيزة، شريفة.

ولأن المعركة واحدة، فإن المبادئ واحدة، وهي التي زرعها الإمام الحسين عليه السلام في كلمات ستبقى تهزّ أركان الباطل ما بقي الليل والنهار.

في أرض كربلاء، وقف يخاطب الأُمَّــة بقلب نبي، وعقل إمام، وجرأة شهيد، فقال: "أيها الناس، إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: من رأى سلطانًا جائرًا مستحلًّا لحرم الله، ناكثًا لعهد الله، مخالفًا لسنة رسول الله، يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان، فلم يغير عليه بفعل ولا قول، كان حقًّا على الله أن يدخله مدخله". فكان بيانه هذا إعلانًا صريحًا أن السكوت على الظلم جريمة، وأن الحياد في زمن المعركة انحياز إلى الطغيان، وأن الأُمَّــة مسؤولة أمام الله في كُـلّ موقف وكل لحظة.

ثم رفع صوته عاليًا، يتحدى الطغيان، حين قال: "ألا وإن الدعيَ ابن الدعي قد رَكَزَ بين اثنتين: بين السِّلةِ والذلة، وهيهاتَ منّا الذلة"، فخطَّ للأُمَّـة شعارًا خالدًا لا تمحوه السنون، ولا تغطيه عواصف السياسة والمصالح، شعارًا لا يزال شعبنا اليمني يرفعه اليوم في وجه أمريكا وإسرائيل، بكل إباء، بكل وفاء، بكل عزة لا تلين. هذا الشعار نفسه يتردّد في خنادق غزة، وعلى شفاه المجاهدين من محور المقاومة، في كُـلّ موقع من مواقع الصراع بين الحق والباطل.

ولم تكن مواقفه عابرة ولا شعارات، بل كانت عهدًا مع الله، حين قال: "لا والله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل، ولا أقر إقرار العبيد"، فكانت كلماته نارًا تحرق عروش الذلة، وتكشف وجوه المنافقين، وتُسقط كُـلّ راية تُرفع باسم الإسلام لتغطي بها خضوعًا للمستكبرين. ثم نظر إلى الواقع بعيون البصيرة فقال: "ألا ترون أن الحق لا يُعمل به، وأن الباطل لا يُتناهى عنه؟! ليرغب المؤمن في لقاء الله محقًّا، فإني لا أرى الموت إلا سعادة، ولا الحياة مع الظالمين إلا برما". فكان ذلك تأكيدًا أن الحياة بلا موقف، وبلا وعي، وبلا مقاومة، ليست حياة تليق بأمة القرآن، بل هي موتٌ يتنفس الهوان ويبيع الكرامة.

وحين قال الحسين عليه السلام: "ويزيد فاسق فاجر، شارب للخمر، قاتل النفس المحرمة، معلن بالفسق والفجور، ومثلي لا يبايع مثله"، فإنه لم يكن يتحدث عن شخص يزيد فحسب، بل عن كُـلّ طاغية في كُـلّ زمان، وعن كُـلّ من يحاول أن يلبس الفجور لباس الدين، ويُسخّر الخيانة في خدمة السلطان. وهو ذاته ما يفعله الطغاة اليوم حين يتحالفون مع أمريكا وإسرائيل، ويسوقون الفساد باسم السياسة، والخضوع باسم الواقعية، والانحراف باسم المصلحة. وهنا يُصبح الموقف واجبًا، والسكوت خيانة، والولاء للحق فريضة لا تقبل التردّد.

وإنّنا؛ إذ نستلهم من الحسين هذا النهج، فإننا نؤكّـد أن هذا الدرب ليس دربًا للماضين فحسب، بل هو دربنا نحن، وسلاحنا في معركتنا، وصرختنا في وجه من يريدون أن ننسى الحسين، لنقبل بالذلة، وأن نتخلى عن كربلاء، لنخضع لطغاة العصر، ولن يكون ذلك أبدًا، ما دام فينا وعي، وما دام فينا نفس يتردّد، وما دامت كربلاء حاضرة في عقول الأحرار، وفي قلوب المجاهدين.


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر