وعندما نتأمل فيما أتانا من الله -سبحانه وتعالى- من توجيهات وأوامر، إذا جئنا لنحسب أهمية ذلك بحساب المصدر: وهو الله -جلَّ شأنه- فهو على أعلى درجة من الأهمية، أعلى درجة من الأهمية، هل هناك أهم من الله -سبحانه وتعالى- أعظم من الله؟ كل الاعتبارات التي قد تجعلنا نتفاعل مع شيءٍ وصل إلينا من طرف، أو من جهة، بحسب اعتبارات معينة أنه من ملك، أو من أمير، أو من رئيس، أو من قائد، أو من زعيم، أو من حكيم، أو من عالم، أو من رحيم، أو من تاجر، أو من ثري… أو من أي طرف، بأي اعتبارٍ قد يشدنا إلى التفاعل مع ذلك الطرف؛ وبالتالي مع ما يأتينا من جانبه، كل تلك الاعتبارات لا تساوي شيئاً أمام الله -سبحانه وتعالى- رب السموات والأرض، ملك السموات والأرض، رب العالمين، الذي بيده الخير كله، بيده ملكوت كل شيء، بحساب ما نرجوه: فهل هناك شيءٌ نرجوه من الآخرين بأعظم مما نرجوه من الله، وهو الذي خلقنا، وبيده حياتنا، بيده موتنا، إليه مصيرنا، كل أمرنا بيده، يتدخل- وهو القادر -جلَّ شأنه- في كل شيءٍ أراد أن يتدخل فيه من واقع حياتنا، يملك منا ما لا نملكه من أنفسنا، يملك لنا ويملك منا في الخير والرشد أو الضر ما لا نملكه نحن بأنفسنا، ولا يملكه أحدٌ سواه لنا أو علينا، هو الذي له الدنيا والآخرة، وله العالم كله، وله الأرض ومن عليها، وهو الذي بيده ملكوت كل شيء، فعلى مستوى ما نرجوه، وعلى مستوى ما نخافه، وعلى مستوى التعظيم… على مستوى كل الاعتبارات، ليس هناك ما ينبغي أن يشدنا إلى الآخرين بأكثر من الله -سبحانه وتعالى- فما أعظم غفلتنا، وما أسوء تجاهلنا لما يأتينا من عند الله -سبحانه وتعالى-
ودعوته -جلَّ شأنه- هي دعوة حق، هي دعوة خيرٍ، هي دعوة رشاد، هي دعوة فلاح؛ لأنه الغني عنا، عندما يأمرنا بشيء أو ينهانا عن شيء فلم يأمرنا بشيءٍ لأنه بحاجةٍ إليه، ولم ينهنا عن شيءٍ لأن فيه ضراً عليه، هو الغني -جلَّ شأنه- لا تنفعه طاعتنا ولا يحتاج إليها، ولا تضره معصيتنا ولا تمثل بالنسبة له مشكلة، العائد هو يتعلق بنا في الطاعة لمصلحتنا، وخيراً لنا، ومنفعةً لنا في الدنيا وفي الآخرة كذلك، أيضاً فيما ينهانا عنه، ولهذا عندما نأتي إلى دعوة الله وهو -جلَّ شأنه- قال في عنوانٍ عام: {وَاللّهُ يَدْعُوَ إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ}[البقرة: من الآية221]، {وَاللّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ}[يونس: من الآية25]، {يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَـمًّى}[إبراهيم: من الآية10]، على المستوى التفصيلي فيما يدعونا إليه حينما يقول -جلَّ شأنه-: {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ}[الطلاق: 2-3]، على المستوى الشخصي كم هناك من وعود في القرآن الكريم: {وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ}، أنت أنت المستفيد عندما تستجيب لله، عندما تطيع الله -سبحانه وتعالى- عندما تلتف إلى توجيهاته وأوامره، عندما تنتهي عن نواهيه، على المستوى العام كجماعة، أو كأمة، أو كشعب، أو كمجتمع، في كل المجالات، في كل جوانب وشؤون الحياة، ونحن نحتاج إلى الله في كل شيء، هو القائل -جلَّ شأنه-: {إن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ}[محمد: من الآية7]، تكونون أنتم من تستفيدون، من تنتصرون، من تعتزون، {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ}[المنافقون: من الآية8]، وهكذا عندما نأتي إلى سائر التوجيهات الإلهية: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَـكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ}[الأعراف: الآية96]، النتيجة لو أنهم آمنوا واتقوا لكانت النتيجة نتيجة خير، ونتيجةً عظيمة، لمصلحتهم هم، {لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ}، بركات واسعة في أرزاقهم، في حياتهم، في شؤونهم، في كل جوانب الخير، وكلما هو خيرٌ فيما يتصل بشؤونهم على نحوٍ واسعٍ ووافر، النتيجة عندما كذَّبوا، والتكذيب هو يتجه إلى الواقع العملي، وليس فقط الى الجحود، الجحود جانب، شكلٌ من أشكال التكذيب؛ لأنه يترتب عليه نتائج عملية سلبية، وعندما يكون أيضاً في الواقع العملي من الأساس ولهذا قال: {فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ} ماذا؟ {يَكْسِبُونَ}؛ لأن المسألة كانت في الواقع العملي، فعندما يتجه إلى الواقع العملي النتيجة تساوي نتيجة الجحود: سواءً كذَّبت بالجحود، أو كذَّبت في الواقع العملي بعدم اعتبارك لما وصل إليك من الله من توجيهات وهداية.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من كلمة السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي / حفظه الله.
خطر الغفلة وضرورة اليقظة لتأمين المستقبل الدائم
سلسلة المحاضرات الرمضانية 1440هـ المحاضرة الثالثة
مايو 20, 2019