اليهود بأنفسهم، لماذا اتجهوا إلى تلك الخطوة العدائية، التي تستهدف الشعب الفلسطيني والأمة العربية والإسلامية؟ هل كان هناك في تلك المرحلة بالتحديد ما يستفزهم من جانب العرب والمسلمين؟
على العكس من ذلك، كان اليهود- وعلى مدى قرون من الزمن- يعيشون في العالم الإسلامي في بلدان متعددة، وهم في حالة الشتات، في ظروف تختلف كثيراً عن الظروف التي يعيشونها في المجتمعات والبلدان الغربية، كانوا يعيشون بأمن وأمان وسلم وسلام، ويعيشون في ظل أجواء يعيشون فيها الاستقرار وظروف ملائمة للحياة، لم يكن هناك حالة اضطهاد لهم، ولا ظلم لهم، بل على العكس من ذلك، كانت بعض الدول في العالم الإسلامي، وفي مراحل كثيرة من التاريخ الإسلامي، تعاملهم في بعض الأحيان أحسن من الكثير من المسلمين، من المواطنين المسلمين، وهذا شيءٌ معروف في التاريخ الإسلامي، وفي تاريخ كثيرٍ من الدول، والحكومات التي تعاقبت في تاريخ المسلمين، كيف كانت تتعامل معهم، بل كانوا هم، في كل مرحلة من مراحل مآسي الأمة ونكباتها، من يبادرون إلى التآمر على المسلمين، مع أي عدوٍ يستهدفهم، وهذا أيضاً معروفٌ في التاريخ، وموثقٌ في كتب التاريخ.
مع ذلك اتجهوا هم (اليهود)، وهم الذين تعرَّضوا في البلدان الغربية في مراحل معينة، قبل أن يؤثِّروا على الثقافة الغربية، وقبل أن يخترقوا المعتقدات، بما يغيروا النظرة إليهم تماماً، وقبل أن يرسِّخوا المشروع الصهيوني كمعتقد ديني في أوساط البلدان الأوروبية، وفي أمريكا، ما قبل ذلك تعرضوا في مراحل تاريخية معينة لاضطهاد كبير هناك، وقمع شديد، وإذلال كبير، وهذا معروفٌ أيضاً في التاريخ؛ لكنهم اتجهوا بكل حقد، وعداء شديد، ضد المسلمين، ولاستهداف المسلمين، بدءاً بالشعب الفلسطيني، والذي حدث أنهم اتجهوا ضمن مشروعهم ذلك، الذي جعلوا له صيغةً كمعتقدٍ ديني، وأصبحوا يتحركون على أساسه، ويشترك معهم الغرب، في كثيرٍ من قواه وحُكَّامه وأنظمته، في الإيمان بذلك المعتقد الصهيوني، الذي يستهدف أمتنا الإسلامية، وبلادنا العربية، في إقامة ما يسمونه بـ[إسرائيل الكبرى]، من النيل إلى الفرات، ومعظم الجزيرة العربية، ومكة والمدينة، ومن ثم السيطرة على بقية المنطقة بكلها، كما يقول المجرم نتنياهو: [تغيير الشرق الأوسط بكله]، ومن ثم تعزيز نفوذ عالمي لهم، وصولاً إلى إقامة حلمهم، بحكومة عالمية يحكمون منها العالم، من خلال سيطرتهم على البلاد العربية، بعد أن يكونوا قد تخلصوا من المسلمين والعرب، كما فعل الأوروبيون الذين اتجهوا إلى أمريكا، وقاموا بالقضاء تماماً على (الهنود الحمر) السكان الأصليين لأمريكا، الذين كانت تُقَدَّر أعدادهم في بعض المصادر التاريخية بثلاثين مليون نسمة، وعندهم هذا الأمل: أن يتخلصوا من العرب بوسائل كثيرة، وأن يستفيدوا منهم، وأن يكون لهم برنامج مرحلي، في كل مرحلة يحققون مستوىً معيناً من النتائج، وقدراً من الإنجازات، حتى يصلوا إلى هدفهم الكبير.
إذاً بريطانيا أقدمت على هذه الخطة من دون استفزاز، من دون أي تحرُكٍ مناوئٍ لها، أو معادٍ لها، في معظم البلدان العربية، إلا القليل النادر، في مناطق لم يصلوا إليها؛ أمَّا بقية القوى، الأنظمة، كانت متعاونةً معهم، منسقةً معهم، متواطئةً معهم، وتواطأ البعض منهم حتى فيما يتعلق بالوضع في فلسطين، وأسهمت بعض الأنظمة العربية- آنذاك- في العمل على إيقاف الحركة الثورية الجهادية للشعب الفلسطيني في مراحل مهمة، كان يمكن أن يكون لها جدوى بشكلٍ كبير، وتأثير كبير على الوضع هناك، وتعاونوا مع بريطانيا.
الصهاينة منذ المرحلة الأولى تعاملوا بحقد وإجرام، وإبادة جماعية، استهدفوا الشعب الفلسطيني في القرى، في المدن، بأفظع جرائم الإبادة والقتل، في بعض القرى كانوا يجمعونهم إلى مسجد القرية، ثم يقومون بإبادتهم بشكلٍ كامل، قتلوا بعض الأهالي في بعض القرى بالسكاكين والخناجر والفؤوس، حتى الأطفال والنساء استهدفوهم بذلك... جرائم كثيرة جداً، مسلكهم الإجرامي كان منذ اليوم الأول، وهل كانت القضية آنذاك ايرانية؟! آنذاك لم يكن لإيران أي علاقة بما يحدث في المنطقة العربية، كانت هناك، أيضاً عانت في مراحل معينة من الاحتلال البريطاني، والسيطرة الأجنبية، ومن بعد ذلك أنظمة موالية لأمريكا وبريطانيا والغرب، ما قبل الثورة الإسلامية في إيران؛ فإذا لم تكن المسألة ردة فعل تجاه إيران، ولا موقف من أجل إيران، ولا علاقة لإيران بالموضوع، والمستهدف منذ البداية كان هو العرب، الثورة الإسلامية من وفائها للإسلام، لقيمها، لمبادئها التي قامت عليها، أنها تبنَّت النصرة للشعب الفلسطيني كواجبٍ إسلامي، وهذا هو واجبها الإسلامي فعلاً، وبقيت مستمرةً على هذا الأساس، وهذه إيجابية كبيرة جداً.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
كلمة السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي
حـــول آخـــر التطـــورات والمستجـــدات الأسبوعيـــة
الخميس 5 جماد الأول 1446هـ 7 نوفمبر 2024م