قال الله -سبحانه وتعالى- في كتابه المبارك: {وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا} [الإسراء: الآية37] الآية المباركة ضمن التوجيهات الإلهية في سورة الإسراء، وقد تقدَّم الكثير من الآيات تناولت جوانب كثيرة في مختلف شؤون حياة الإنسان، وهذا التوجيه الإلهي المهم الذي ينهى الله فيه عن التحرك والسلوك المعبِّر عن حالة الكبر والغرور، {وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا} مشية المتكبر المغرور.
السلوك والتحرك والتصرفات التي تعبِّر عن حالة الكبر والغرور محرمةٌ في الإسلام والنهي عنها متكررٌ في القرآن الكريم، والكبر هو من المساوئ والرذائل الخطيرة جدًّا، وأول ما عصي الله به- كما في الروايات- هو الكبر، في معصية إبليس التي أطاحت بكل ما له من مقام ومكان في العبادة بين أوساط الملائكة، وتحوَّل بسبب ذلك إلى ملعون ومطرود من رحمة الله، ورمز للشر والجريمة والرذائل والنقائص.
الله -سبحانه وتعالى- يريد لنا كمسلمين وكمجتمعٍ مسلم، ولكلٍ منا كفردٍ مسلم أن يكون منزهاً من هذه الرذيلة، من هذه الصفة السيئة جدًّا، من هذا الخلق الذميم الذي هو الكبر، والذي يظهر أثره في مواقف الإنسان وتصرفاته في هذه الحياة في جوانب متعددة، منها: في تقبله للحق، الإنسان المتكبر لا يتقبل الحق في كثيرٍ من الأمور، يكون بعيداً عن الإنصاف، بعيداً عن التفاهم، يظهر في سلوكه التغطرس والتعالي على الآخرين، وعدم الاحترام للآخرين، وعدم التقدير للآخرين، والتباهي بنفسه، وصولاً إلى مشيته، حتى طريقته في المشي، تظهر حالة التبختر سواءً وهو يتحرك ويظهر تبختره وتعاليه، ويظهر عليه هذا التباهي بنفسه، والكبر بنفسه، أو في حركته في هذا الزمن في السيارة أو في الطائرة… أو في وسيلة من الوسائل التي تستخدم، التي قد تكون معبرة عن لا مبالاته بالآخرين، وعن تكبره على الآخرين، وعن غطرسته على الآخرين.
الكبر صفة سلبية جدًّا، ينشأ عنها سلوكيات وتصرفات سيئة في مجالات كثيرة من مجالات الحياة، ولهذا أتى التحريم له والنهي عنه كثيراً، والتأكيد على ذلك كثيراً في الشريعة الإسلامية وفي القرآن الكريم، والإنسان عندما يصل إلى موقع من مواقع المسؤولية وهو متكبر تكون الطامة أكبر، تكون السلبيات أكثر عندما يصل إلى موقع قرار، أو موقع سلطة، أو موقع له فيه تأثير، وله فيه نفوذ، يؤثر هذا حتى في قراراته، حتى في مواقفه، حتى في سياساته وأفكاره وتوجهاته، يؤثِّر عليه الكبر في ذلك؛ فيتصرف تصرفات ظالمة خاطئة، تتسم بالطغيان، ويكون لها أثر سلبي حتى في تعامله مع المواقف، مع القضايا، فهي صفة خطيرة على الإنسان في أي موقعٍ من مواقع المسؤولية، وفي كل مجالٍ من مجالات الحياة، وعلى كل إنسان، ولكن عندما يكون في موقع المسؤولية تكون المسألة أخطر وأسوء، ونتائجها في الواقع أسوء بكثير، وهذا ما حصل كثيراً في واقع البشر، في واقع البشر كثيرٌ من الزعماء الطغاة هم في واقع الحال أيضاً يتصفون بصفة التكبر، وأثَّرت عليهم هذه الصفة في قراراتهم، في أعمالهم، في تصرفاتهم، في لا مبالاتهم بالناس، وبحياة الناس، وبأمور الناس، وبشؤون الناس.
فالإنسان المسلم يجب أن يكون حذراً من هذه الحالة ومن هذه الصفة الذميمة جدًّا، ومن السلوكيات المعبِّرة عنها، والتي هي متولدةٌ عنها، يعني: حتى لو لم يكن الإنسان قد بلغ إلى درجة أن ينطبع بهذا الطابع ويتصف بهذه الصفة، حتى السلوكيات هذه يجب أن يحذرها حتى لا يتحول- في نهاية المطاف- إلى متكبر؛ لأنها سلوك، ثم يتجذر وراء هذا السلوك حالة نفسية لدى الإنسان، وهذه خطيرة على الإنسان.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من كلمة السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي / حفظه الله.
{وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا}
الكبر.. منشؤه ومساوئه وعلاجه
سلسلة المحاضرات الرمضانية 1440هـ المحاضرة الثانية والعشرون مايو 30, 2019م