مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

{فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ} يناقضون في حالهم، في ثباتهم، في وفائهم، في التزامهم الإيماني والديني ما عليه حالة أولئك المتراجعين، هؤلاء قوم يقول الله عنهم: {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ} هذا- بحد ذاته- شرفٌ عظيم وفضلٌ كبير، والمفترض في الإنسان أن يسارع لأن يكون من هؤلاء القوم، أن يحرص على أن يكون منهم، وسماهم قوماً؛ لأنهم سيتحركون بشكل أمة، بشكل أمة تجتمع على هذا المنهج، تجتمع في هذا المسار، تتحرك جماعياً على أساس هذه المواصفات القرآنية، يعني: ليسوا مبعثرين، هذا لوحده، وهذا لوحده، وتحركهم تحرك فردي، بل تحرك جماعي، يأتي الله بهم وهم يتحركون في إطار هذه المواصفات المباركة:

 

أولها: يتحدث عن طبيعة علاقتهم بالله -سبحانه وتعالى-: {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ}، ولذلك هم موالون لله -سبحانه وتعالى-، وهم يحبون الله، والله يحبهم؛ لما هم عليه من مواصفات راقية، ووفاء وثبات على منهج الله -سبحانه وتعالى-، وتجد الحالة تختلف عند الذين يتجهون لموالاة أعداء الأمة، حتى لو وصلوا إلى درجة المحبة لأعداء الأمة، فأولئك لا يبادلونهم المحبة، {هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ}؛ أما الله -جلَّ شأنه- فهو يقول ابتداءً {يُحِبُّهُمْ}، قبل أن يقول حتى: {وَيُحِبُّونَهُ}.

 

علاقتهم هذه في المحبة لله -سبحانه وتعالى- أكثر من أي شيءٍ في هذه الحياة، يبنى عليها منطلقاتهم العملية، فهم الذين يتحركون في سبيل الله، وفي الطاعة لله، وفي الموقف مع الله -سبحانه وتعالى- بكل رغبة، ولا يؤثرون على ذلك أي اعتبارات أخرى، هم ذائبون في الله، يتحول هذا الحب لله -سبحانه وتعالى- إلى دافعٍ قويٍ جدًّا للعمل بكل رغبة، وبكل جد، وبكل اعتزاز، وبكل شوق، ومن دون أي تراجع لأي اعتبارات أو حسابات شخصية، لا يخضعون لأي حسابات شخصية، أو أي اعتبارات شخصية من هنا أو من هناك، ولذلك فسيكون الضمانة التي ستجعلهم ينطلقون ولا يتراجعون أبداً، الذي يتراجع هو الذي تدخل في نفسه، في دوافعه، اعتبارات شخصية: إما مصالح شخصية، أو مكاسب شخصية، أو دوافع شخصية، الذي يحمل الاعتبارات الشخصية هو الذي من يمكن أن يتراجع.

 

{أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ}، هم في واقعهم الداخلي أذلة على بعضهم البعض، لدرجة أن حالة التواضع فيما بينهم والاحترام المتبادل فيما بينهم، والمودة فيما بينهم، والأخوة فيما بينهم، توصَّف بهذا التوصيف: (أَذِلَّةٍ)، ليسوا جريئين في الإساءة إلى بعضهم البعض، على العكس من غيرهم، تجد الآخرين الذين اتجهوا اتجاهاً آخر كيف هم جريؤون في الإساءة إلى المؤمنين، وفي نفس الوقت أذلاء أمام الأعداء، لا جرأة عنده في الكلام والموقف ضد إسرائيل، ضد أمريكا، لكنه سيكون جريئاً في الإساءة والكلام، ولربما الموقف- بأكثر من ذلك- ممن يعادي أمريكا وإسرائيل.

 

{أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ}؛ لأنهم يحملون العزة الإيمانية، فهم جريؤون، تتجلى هذه العزة في كل مواقفهم، في كلامهم، في فعالهم، في حركتهم، في مواقفهم بكلها.

 

{يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ}، فليسوا ممن يتبنى القعود والجمود، والتخاذل والتكاسل، ليسوا ممن يشطب هذه المسؤولية بكلها، ويلغيها نهائياً وكأنه لا أساس لها من الدين، فهم يتحركون لبذل الجهد في كل المجالات؛ لإقامة دين الله -سبحانه وتعالى-، فيتحركون وفق الطريقة التي رسمها الله -سبحانه وتعالى- في كل مجالات هذه الحياة: على المستوى العسكري، على المستوى الأمني، على المستوى الاقتصادي، على المستوى الإعلامي، مواقفهم واضحة، يتصدون للعدو في كل مجال وفي كل ميدان، ويتصدون لمؤامراته وخططه في كل المواضيع وفي كل القضايا التفصيلية، هم الحاضرون في كل ميدان للتصدي للعدو، للتصدي لمؤامراته، للتصدي لخططه، للتحرك وفق توجيهات الله -سبحانه وتعالى-، ومن أجله -جلَّ شأنه-.

 

{وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ}؛ لأن الزمن الذي تدخل فيه الأمة في حالةٍ من الانقسام والاختلاف على هذه القضية سيكثر فيه اللوم، اللوم بشكل كبير لمن يتجه هذا التوجه، لمن يتحرك على هذا الأساس سيلقى اللوم من القاعدين الجامدين المسترضين للعدو بقعودهم وجمودهم، وما تخلوا عنه من المسؤوليات والواجبات، وما قصروا فيه من توجيهات الله -سبحانه وتعالى- استرضاءً لأمريكا وإسرائيل، استرضاءً لفريق الشر والغدر والمكر والكفر من أهل الكتاب، وسيلقون اللوم بأشده ممن تحرك بشكل موالاة صريحة وتحالف واضح مع أعداء الأمة، الكل سيلومهم، وسيأتي اللوم بكل أشكاله وأنواعه: اللوم الذي هو بطابع ديني وعناوين دينية، واللوم الذي سيأتي أيضاً بشكل إعلامي وسياسي، واللوم الذي سيأتي إليهم لانتقادهم على كل موقف، على كل حركة، على كل عمل، للتشكيك بنواياهم، للتشكيك بهم، هكذا سيكثر اللوم، سيكون من أكثر ما يتجلى فيه اللوم هو هذا الموقف: اللوم لهم، ولكنهم على درجة عالية من الوعي واليقين والبصيرة والإيمان، فلا يكترثون ولا يبالون، ولا يخافون من لوم اللائمين بكل أشكالهم، بكل أنواعهم، بكل خطاباتهم وأساليبهم، بكل العناوين التي يعتمدون عليها في توجيه اللوم.

 

هؤلاء الذين يمنحهم الله هذا الفضل الكبير، قال -جلَّ شأنه-: {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ}، فضل من الله وشرف عظيم أن يكون الإنسان ممن يدخل في إطار هؤلاء القوم، ممن يحمل هذه المواصفات، نعمة عظيمة وفضل وشرف كبير؛ بينما اللوم- في واقع الحال- ينبغي أن يتوجه تجاه الذين يتخذون مواقف منحرفة.

 

{وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}، فليسعَ الإنسان إلى أن يكون ممن يؤتى هذا الفضل، وليسع لأن يكون ممن يلتزم بهذه المواصفات: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (55) وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ}[المائدة: 55-56]، وهؤلاء بمواصفاتهم هذه يلتزمون بالتولي العملي لله ولرسوله ولأوليائه وللإمام عليٍ -عليه السلام- ، ولذلك فبتوليهم العملي الذي يبنون عليه حركتهم، مواقفهم، مسيرتهم، العملية، يتحقق لهم هذا الوعد الإلهي في نهاية المطاف: {فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ}، فنجد أن هذه المسارات في واقع الأمة لها عواقبها المرسومة من قبل الله -سبحانه وتعالى-: مسار عاقبته الندم والخسران، هو مسار من يسعى لاسترضاء أولئك من أعداء الأمة، ومسار نتيجته: {فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ}، من يتحرك ضمن هذه المواصفات والطريق التي رسمها الله -سبحانه وتعالى-.

لا يفوتنا- في نهاية المطاف- أن نؤكد على أن هذه المسألة من أهم المسائل التي ينبغي أن يتعامل الإنسان معها بالتزام واستشعار للمسؤولية أمام الله -سبحانه وتعالى-، وأن يحرص أيضاً عندما يتوجه أن يتوجه بجد وصدق ضمن هذه المواصفات القرآنية، ألَّا يتراجع في منتصف الطريق، ولا في بعضٍ من المراحل المعينة، وأن يحرص على أن يبقى في واقعه الشخصي، في التزامه، ملتزماً بهذه المواصفات، وضمن هؤلاء القوم الذين يحملون هذه المواصفات، والتي بها الشرف الكبير.

نسأل الله -سبحانه وتعالى-، أن يوفقنا وأياكم لما يرضيه عنا، وأن يرحم شهداءنا الأبرار، وأن يشفي جرحانا، وأن يفرِّج عن أسرانا، وأن ينصرنا بنصره، إنه سميع الدعاء.

والسَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.

[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

دروس من هدي القرآن الكريم

من محاضرة السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي / حفظه الله.

المحاضرة الرمضانية الثامنة والعشرون: 1441هـ 22-05-2020م.

واقع الأمة تجاه أهل الكتاب: المسارات والعواقب الوخيمة.


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر