كان من أهم العوامل الإيجابية التي ساعدت بأن تكون مكة منطلقاً مناسباً للرسالة الإلهية، وأن تبدأ فيها حركة الرسول -صلوات الله عليه وعلى آله- بالرسالة: أنَّها كانت خارج النفوذ والسيطرة للقوى الكبرى في ذلك الزمن، كان هناك الروم دولة كبيرة، ودولة عظمى آنذاك، ونفوذها واسع، وسيطرتها قوية على كثيرٍ من المناطق، وتأثيرها العالمي واسع، وكان هناك أيضاً الفرس، ولهم كذلك دولتهم القوية، ونفوذهم الواسع، وتأثيرهم الكبير، ولكنَّ مكة كانت خارج السيطرة لهذه القوى الكبرى آنذاك، وقد فشلت حملة أبرهة الذي هو امتداد للروم، وضمن دائرة نفوذهم، ومن الموالين لهم، والمرتبطين بهم، فشلت في السيطرة على مكة، وكانت تهدف- من خلال تلك السيطرة- إلى تغيير الوضع في مكة، من حيث كونها مركزاً دينياً ترتبط به العرب قاطبةً، أو كذلك- وهي نقطة رئيسية- التصدي لما يعتبرونه بالنسبة لهم خطراً قادماً، وهم كانوا من خلال ما لديهم من آثار، وما لديهم من كتب يقدِّرون تلك المرحلة بأنها مرحلة قدوم ومولد النبي محمد -صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله- وأنه سيولد وينشأ ويبدأ حركته بالرسالة الإلهية من تلك المنطقة، فجعل الله كيدهم في تضليل، وأتت العقوبة الإلهية الكبيرة المنكِّلة بجيش أبرهة، كما ذكر الله ذلك -جلَّ شأنه- في القرآن الكريم في سورة الفيل: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ (1) أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ (2) وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ (3) تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ (4) فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ}[الفيل: 1-5]، دمَّر الله ذلك الجيش بشكلٍ كامل، وفشلت تلك المحاولة في السيطرة على مكة، وهذه الحادثة الكبيرة والمهمة والعجيبة عززت حالة الاستقلال في وضعية مكة، وأن تبقى خارج نفوذ أي طرف من تلك الأطراف والقوى الكبرى المعاصرة في ذلك الزمن، فهذا كان عاملاً إيجابياً يساعد على انطلاقة الرسالة الإلهية، وضمن التدبير الإلهي، {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ}[يوسف: من الآية21]، الله -سبحانه وتعالى- هو الذي يهيئ الظروف المناسبة.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من كلمة السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي / حفظه الله.
المحاضرة الثالثة: بمناسبة الهجرة النبوية 1441هـ