وقد يصل الحد بالبعض إلى أن يصاب بجنون العظمة، وبالتمحور والغرق في الذات، فلا يبقى مفكِّراً إلَّا في نفسه، وفي أهمية نفسه، وفي عظمة نفسه، وفي... وهكذا.
وغارقاً في نفسه، ويبقى حسَّاساً جدًّا تجاه الآخرين بهذا الحساب، وبهذه النظرة، من هذه التقديرات: [كيف هم؟ هل هم يحترمونني جدًّا أم لا؟ هل يقرون بمكانتي ودوري أم لا؟ هل هم كذا أم لا؟]، فيحكم علاقته بالآخرين من خلال هذا الاعتبار الشخصي، ويغرق في الشخصنة، في شخصنة الأمور من حوله، المواضيع من حوله، الأعمال من حوله يطبعها بالطابع الشخصي، هو يريد من كل عمل أن يكسب به المزيد من الأهمية، المزيد من تعزيز الموقع والشخصية، فيفقد إخلاصه لله -سبحانه وتعالى-، ولاحظوا كم تكثر الآفات عندما يصاب الإنسان بمثل هذه الحالة: يفقد الإخلاص لله -سبحانه وتعالى-، يفقد الاستشعار للقربة إلى الله -سبحانه وتعالى- بما يعمل، يعيش حالة الغرور، يعيش حالة العجب، يعيش حالة الكبر، يتحول من المختالين، والله -سبحانه وتعالى- كما يقول في كتابه الكريم: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا}[النساء: من الآية36]، يصبح كثير الافتخار والاعتداد بالنفس، فيكثر من قول: [أنا وأنا وأنا... وأنا الذي فعلت، وأنا الذي صنعت، وأنا الذي حققت، وأنا الذي أنجزت]... وهكذا، وهذه حالة رهيبة جدًّا، يعالجها القرآن الكريم بهذه التربية الإيمانية، التي يعيش الإنسان فيها حالة الذوبان لله -سبحانه وتعالى-، وحالة الاستشعار لفضل الله، وهي الحالة الصحيحة، ليست مسألة مجاملة مع الله، هي الحالة الصحيحة والواقعية، أنَّك بدون الله لا شيء، لاشيء، أنَّك بدون الله أنت الضعيف، أنت العاجز، أنت الذي لا تمتلك لا في روحك المعنوية، ولا في واقعك العملي ما كان من الممكن أن تحقق ما حققه الله على يديك لولا رعاية الله لك، لولا أنه هو الذي هيَّأ لك على مستوى الواقع العملي، وأمدك في واقعك النفسي والمعنوي، وهكذا هيَّأ الأشياء الكثيرة، لاحظوا مثلاً في قوله: {فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ}، الله -سبحانه وتعالى- هو الذي ربط على القلوب، الله -سبحانه وتعالى- هو الذي منح الطمأنينة والسكينة، وهذا العامل المعنوي هو الرئيسي في أن يتم الثبات أولاً، ثم أن يكون الموقف أكثر من الثبات موقفاً متقدِّماً: الله -سبحانه وتعالى- هو الذي يسدد في الضربات والرمي، الله -سبحانه وتعالى- هو الذي يقذف الرعب في قلوب الأعداء، ويوهن من كيدهم... وهكذا، لولا الله، لولا رعايته، لولا مدده وتأييده ومعونته لما تم شيءٌ من ذلك أصلاً، فالحالة الإيجابية: أن يتجه الإنسان إلى الله -سبحانه وتعالى-، وأن يستشعر القربة إليه فيما وفَّقه له، وأن يتخلَّص كلياً من كل هذه المشاعر السلبية.
هناك أيضاً درس على المستوى الأمني، لا يستحسن أن يتباهى الإنسان بقتل أشخاص مثلاً في صف العدو، فيصبح يتباهى أنه الذي قتل فلاناً، أو أنه الذي تمكَّن من قتل فلان، على المستوى الأمني يمكن أن يركِّزوا عليه شخصياً، وتتحول القضية إلى قضية شبه شخصية وثأر شخصي.
هناك درس أيضاً على المستوى الاجتماعي، وهو أنَّ البعض قد يكون من أسرة معينة، أو من منطقة معينة، أو من قبيلة معينة، والتباهي بقتله قد يورث الضغائن في نفس أسرته، في نفس أصحابه، في قبيلته، وتكون المسألة حسَّاسة، تترك تأثيراً سلبياً على المستوى الاجتماعي، البعض قد يكون من نفس مجتمعك الذي أنت تعيش فيه، فيكون لهذا آثار سلبية حتى على مستوى المستقبل، على مستوى المستقبل قد يؤثِّر على البعض في موقفهم، في هدايتهم، في صلاحهم، فلهذا دروس متعددة، هذا بعضٌ منها.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من محاضرة السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي / حفظه الله.
المحاضرة الرمضانية الحادية والعشرون: 1441هـ 14-05-2020م.
يوم الفرقان (4) الاعتماد على الله والتنكر للذات.