{انْفِرُواْ خِفَافًا وَثِقَالاً وَجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} انفروا تحركوا في سبيل الله جميعاً، {خِفَافًا وَثِقَالاً} حتى من كان ثقيل باعتبار آخر، إن قلنا بالاعتبار المادي نفترض ثقل سمنة أو تعب أو ما شابه ذلك، أو لديه في واقع الحياة علائق كثيرة تثقله. على كل حال المطلوب في حالة الاستنفار أن يكون الموقف الجماعي للمؤمنين هو الاستجابة، وخصوصاً أنه في بعض المراحل تأتي ظروف تتوجب أن يكون هناك تحرك جماعي من الأمة، استجابة جماعية، تحرك عام، وتختلف المسألة من وقت إلى وقت ومن ظرف إلى ظرف ومن تحدٍ إلى تحدٍ، وحسب الاحتياج، وحسب طبيعة ما يستنفر له. ومثلما تقدم الكلام أحياناً استنفار لمظاهرة، أحياناً الاستنفار لقتال، أحياناً الاستنفار لأي شيء، المهم في سبيل الله.
{وَجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} جاهدوا هذا واجبكم مسئوليتكم، جاهدوا أولاً بالمال لا يبخل الإنسان بماله، الجهاد بالمال والنفس، وللأسف الشديد، للأسف الشديد الكثير من الناس يقصرون في الجهاد بالمال، والبعض يريد أن يجاهد بطريقة مختلفة لا يدرك مسئوليته في الإنفاق.
والنفس كذلك {وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ}؛ لأن ما تقدمه في سبيل الله الله سبحانه وتعالى سيبدله لك بالخير الكثير، وما يترتب على جهادكم في سبيل الله من خير كبير لكم في الدنيا والآخرة يجب أن يدفعكم إلى الجهاد في سبيل الله {ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ}، ووراء الإخلال به شر عليكم. الجهاد خير لكم، إن لم تجاهدوا فالبديل هو شر عليكم، وأي شر أكبر من سيطرة الأعداء وهيمنتهم بما يترتب على ذلك.
حث كبير، أوامر صريحة وواضحة من الله، مثلما قلنا الموقف الصحيح هو الاستجابة، يا مؤمن استجب لله، استجب لله، التزم بتوجيهاته، أطع أمره، لكن لا هناك الكثير من الناس، الكثير من المنتمين للإسلام، الكثير من المحسوبين على الإيمان ويعتبرون أنفسهم مؤمنين، مع كل هذا التأكيد من الله سبحانه وتعالى، مع كل هذه الأوامر المتكررة، مع هذا التحذير وهذا الوعيد مع هذا كله يحاول البعض أن يتهرب، ويحاول البعض التملص والتنصل عن المسئولية، البعض قد يحاول أن يجمل نفسه وموقفه ببعض من الأعذار والمبررات والبعض لا، البعض وقح، قليل حياء يعني، لا يستحي من الله ولا من عباده فيتخذ موقف سلبي وسيء تجاه الجهاد في سبيل الله وبدون مبالاة، بدون مبالاة. البعض يعتبر الجهاد في سبيل الله غلط بالكامل، والله عنده غلط عندما أمر الناس يجاهدوا، والمؤمنون الذين استجابوا لله يعتبرهم غلطوا، هكذا الحمقاء والضالين.
بتثاقلك لن تضر الا نفسك
{وَلاَ تَضُرُّوهُ شَيْئًا} بتثاقلكم وتخاذلكم أنتم لن تضروا الله شيئاً، ولن تضروا دينه، أنتم تضرون أنفسكم، تضرون أنفسكم عندما تسببون لها أن تخسر رضا الله وجنته، أن تخسر العز والشرف والفضل والكرامة، أن تخسر شرف هذه المسئولية، ثم ما يترتب على ذلك من هيمنة الأعداء عليكم وما يلحقونه حينما يهيمنون عليكم من ضرر بالغ فيكم وفي حياتكم وواقعكم،{وَلاَ تَضُرُّوهُ شَيْئًا} ولا حتى قليل، ولا أي شيء، المتخاذل المتثاقل يضر نفسه فحسب.
{وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} قادر على أن يبدلكم بغيركم، يستبدل بكم غيركم، وأن يعز دينه ويعلي كلمته ويغلب أعدائه، لا تمثلون أنتم في تخاذلكم وتثاقلكم أي مشكلة على الله، ولا أي إضعاف لدينه أبداً إنما تخسرون أنتم.
الاستنفار الحقيقي
نأتي إلى الاستنفار، الاستنفار قد يكون إلى القتال في سبيل الله وهذا هو الأساس، يتبع ذلك استنفار أحياناً في أشياء أخرى ذات أهمية كبيرة خصوصاً في عصرنا، أحياناً يكون هناك استنفار لمظاهرات ذات أهمية كبيرة تجاه قضايا كبيرة، أحياناً يكون هناك استنفار أي استنفار لتحريك الأمة في موقف فيه إعلاء لكلمة الله أو دفع لفساد أو ظلم، فهذا يدخل ضمن دائرة الاستنفار الذي هو في إطار مسئولية، في سبيل الله، يعني لإعلاء كلمة الله أو دفع شر وفساد أعداء الله.
[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من ســورة التــوبــة -الدرس الرابع
ألقاها السيد:
عبد الملك بدر الدين الحوثي/ حفظه الله.
بتاريخ
13/رمضان/1434هـ
اليمن - صعدة.