{كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}[الطور: الآية19]، يقدم لهم ما يقدم من النعيم مع التكريم لهم؛ فهم في حالة ضيافة دائمة، ضيافة للأبد، ضيوف دائمون، وضيوف الله راضٍ عنهم، لا ينقطع رضاه عنهم، لا يملون، ولا يمل الله منهم “سبحانه وتعالى”.
{كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا}، يقال لهم: {كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا}، فهذا من التكريم لهم، وهم- في نفس الوقت- يهنؤون؛ لأن ما يقدم لهم وهو على أرقى مستوى، ولأنه لا ينغصه شيءٌ أبداً.
{بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}، هذا من التكريم لهم، والتذكير لهم بقيمة ما عملوا، بأهمية ما عملوا، وأن نتيجته كانت هذه النتيجة: هذا النعيم العظيم، هنا يدرك الإنسان قيمة ما يعمل مما أرشد الله إليه، وأمر به، أن له هذه العاقبة الطيبة، هذه النتيجة العظيمة.
{مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ}[الطور: الآية20]، (مُتَّكِئِينَ)؛ لأنه ليس لديهم أي شواغل مزعجة، أو أعمال متعبة، أو مسؤوليات مرهقة، أبداً، حتى إذا انشغلوا بشيء، هو انشغالٌ بالنعيم بدون تعب، براحة، كما قال عنهم: {إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ (55) هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ عَلَى الْأَرَ ائِكِ مُتَّكِئُونَ}[يس: 55-56]، فهم في حالة إذا انشغلوا بشيء، انشغلوا بالنعيم، بما هو راحة، بما هو سعادة، وليس بما هو مرهق، وليس بمسؤوليات، أو متاعب، أو عناء، أبداً، ولذلك فهم في راحة، هم يجلسون متكئين بكل راحة بال، بكل اطمئنان، لا نصب، ولا هم، ولا تعب، ولا شواغل، ولا مسؤوليات، ولا هموم، راحة تامة، لا يمسهم فيها نصب.
ومتكئين على ماذا؟ {عَلَى سُرُرٍ} من سرر الجنة، مصنوعة مما أعد الله فيها، من ذهبها، من الأشياء الفاخرة فيها، ومزينة، ومريحة جدًّا، يهنأ الإنسان أن يتكئ عليها، وأن يجلس عليها.
{وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ}، كثيرٌ من الشباب الذي قد يكون استشهد وهو لم يتزوج بعد، وكثيرٌ من المؤمنات التي تصعبت عليها مسألة الزواج، تتحول إلى حوراء في الجنة، فأفراح الزواج في الجنة، وأعراس أهل الجنة، لكل أهل الجنة، هي فوق الخيال، هناك السعادة، هناك الراحة، هناك الاطمئنان، هناك الأجواء الممتازة جدًّا.
{وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ}[الطور: الآية21]، ويلتئم شمل الأسر المؤمنة في ذلك النعيم، من دون نقصٍ على أي واحدٍ منهم، ليس جمع شملهم على أساس أنهم سيشاركون مثلاً الأب فيما أعد الله له وخصه به، وإنما إضافة، إضافة نعيم إلى نعيم.
{وَأَمْدَدْنَاهُمْ بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ}[الطور: الآية22]، يمدهم الله بأنواع الفواكه، بأنواع اللحوم، مما يشتهون، يمكن لك أن تتخير وجباتك في الجنة، من أي أصناف الطعام، من أي أصناف الفواكه، من أي أصناف اللحوم، يمكن لك أن تحدد ما ترغب به، وأي وجبةٍ من الوجبات.
{يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْسًا لَا لَغْوٌ فِيهَا وَلَا تَأْثِيمٌ}[الطور: الآية23]، ولهم مجالس يجتمعون فيها، وفي هذه المجالس يشربون من أطيب وألذ شراب الجنة، الذي ليس بمسكرٍ، وليس له آثار سلبية على المستوى الصحي والنفسي.
{وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ}[الطور: الآية24]، جو من التكريم، فيه من يخدمهم، ومن يهتم بهم.
[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
ألقاها السيد/ عبدالملك بدر الدين الحوثي
سلسلة المحاضرات الرمضانية المحاضرة العاشرة 1442هـ