مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

{إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَاء رَضُواْ بِأَن يَكُونُواْ مَعَ الْخَوَالِفِ وَطَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ} ونرى كم الفارق بين أولئك المؤمنين الذين يبكون من شدة رغبتهم في الجهاد فحزنوا لأنه ليس بأيديهم ما يقدمون، ولا ما يتحركون به، وبين تلك النوعية التي هي مقتدرة وأنعم الله عليها وبيدها المنال والمال والإمكانيات لكنها مع ذلك تتخاذل وتتهرب من المسئولية، وتحاول أن تحشر نفسها لتبقى مع الخوالف، فارق عجيب، فارق عجيب، هؤلاء لا. وهم مستطيعون أن يتحركون متحملون للمسئولية، ولا عذر لهم عند الله سبحانه وتعالى في تخاذلهم وفي تهربهم من المسئولية، وهنا يؤكد {وَطَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ} وقد سبق قبلها {وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ} وفعلاً من يرضى بأن يكون مع الخوالف ويهرب من طريق الكرامة والعزة والخير والشرف، ويرتضي لنفسه الدون والهوان والذل فقد طبع على قلبه {فَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ}.

ثم يذكر حالة البعض من المتخلفين والمتخاذلين عن الجهاد في سبيل الله كيف يفاجئون بعد التحولات والتغيرات والنصر، ويرون المؤمنين عائدين بعد جهادهم سالمين غانمين ظافرين، فيرون أنفسهم في مقام الخزي والذل والهوان فيحاولون أن يصنعوا لأنفسهم المبررات والأعذار وهكذا.

{يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ} يعتذرون ليحاولوا أن يبرروا لأنفسهم تخاذلهم وقعودهم وتثبيطهم فيصنعون لأنفسهم الكثير من المبررات والأعذار {قُل لاَّ تَعْتَذِرُواْ} وفروا على أنفسكم لا داعي لأن تعتذروا، وليس مقبولاً منكم اعتذاركم {لَن نُّؤْمِنَ لَكُمْ}لن نصدقكم {قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ وَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ}؛ لأنه لا تستطيعون أن تخفوا على الله شيئاً، أنتم مكشوفين أمام الله وأمام علمه النافذ، أمام علمه الذي لا يغيب عنه شيء، {وَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ} في الدنيا يرى أعمالكم ويرى مكائدكم ويكشفها ويفضحها ويعاقبكم عليها، وهنا ما هو أسوأ في الأخرة.

{ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}، {ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ} الذي لم يخف عليه شيء ولم يغب عنه شيء مما عملتم وفعلتم فيما كان من تثبيط وتخذيل وصد عن سبيل الله وأعمال لتثبيط الناس عن الجهاد في سبيل الله، تردون إلى الله؛ لأن مصيركم إليه ومرجعكم إليه، ما هنا إمكانية للفرار من الله أبداً، هل يمكن لأحد أن يتهرب؟.

 لو بقيتم في هذه الدنيا أياماً معدودات، سنوات معدودات، فترة معينة إلى انتهاء آجالكم في الدنيا في نهاية المطاف مردكم إلى الله، مرجعكم إلى الله، مرجعكم إليه وقد أحصى أعمالكم، وعلم أفعالكم، ولم يخف عليه شيء من تصرفاتكم ومواقفكم وأقوالكم {فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} فالله هو عالم الغيب والشهادة، عالم حتى بما هو غيب على العباد غاب عنهم وعما شهدوه وعرفوه. {فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} ينبئكم ليحاسبكم على ذلك، ليس فقط نشرة أخبار، ليست نشرة أخبار، ينبئكم في مقام الحساب، في مقام المسائلة ليترتب على ذلك الجزاء، الجزاء العادل {بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} مما كنتم تستهينون به.

الكثير من الناس للأسف الشديد يثبط عن الجهاد في سبيل الله ويتهاون بما يعمل، يتصور أن المسألة عادية يخذل يسيء يتصرف تصرفات تخدم الأعداء ويتهاون بالموضوع، لا يدرك أن الله يحصي عليه ما يعمل، ويرقبه فيما يفعل، وهو شهيد عليه في تصرفاته كلها، وسيحاسبه وسيجازيه على ذلك كله.

{سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُواْ عَنْهُمْ} وهذا هو حال البعض من المنافقين المتخاذلين، يحلف بالله ليقنع الأخرين بالسكوت عنه، يحلف ليدفع عن نفسه الريبة والتهمة، يحلف ليقنع الأخرين بتقبل مبرراته وتقبل أعذاره، وهدفهم هو لتعرضوا عنهم، يعني لتسكتوا عنهم من الملاحقة والمسائلة واللوم والعتاب والانتقاد وما إلى ذلك، {فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمْ} اتركوهم، اتركوهم لا تلاحق لماذا لم تجاهد؟ لماذا؟ {فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمْ} اتركوهم واحذروهم {إِنَّهُمْ رِجْسٌ} إنهم رجس والعياذ بالله.

البعض من الناس يصل إلى هذا المستوى، بعض المنافق يصل إلى هذا المستوى يزداد نفاقه وتخاذله وصده عن سبيل الله حتى يصل إلى مستوى الرجس، رجس قذر، قذر يجب أن يجتنب كما تجتنب أي قذارة، نجس {إِنَّهُمْ رِجْسٌ}  فيما هم عليه من حالة سيئة هم يظنون بالله ظن السوء، هم لم يثقوا بالله، هم لم يصدقوا الله، هم لم يطمئنوا إلى وعوده، ثم هم تحركوا صداً عن سبيل الله وتثبيطاً عن الجهاد في سبيل الله {إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ} والعياذ بالله، مأواهم الذي يأوون إليه، وهم تركوا الجهاد ليضمنوا لأنفسهم السلامة فكسبوا لأنفسهم جهنم لتكون هي مأواهم {جَزَاء بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ}؛ لأن ما يعمله المثبطون والمخاذلون والمرجفون والمخلخلون في أوساط الأمة لصالح أعدائها ليس سهلاً، ليس سهلاً، جرم كبير وأعمال سيئة للغاية، من يخلخلون الأمة في داخلها لصالح أعدائها هم يرتكبون جرماً كبيراً ويكسبون سيئات كبيرة.

{جَزَاء بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ} جزاؤهم الأوفى جهنم، جهنم أوفى من كل جزاء، أوفى من كل جزاء، وأوفى من كل عقاب.

{يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْاْ عَنْهُمْ}؛ لأنهم مثلما كررنا فيما سبق هم يتحاشون دائماً حالة العزلة، وأن يكونوا منبوذين عند المجتمع ومكروهين عند المجتمع، فيحاولون دائماً استرضاء المجتمع ليبقى لهم قابليتهم فيه {يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْاْ عَنْهُمْ} في محاولة لاسترضائكم {فَإِن تَرْضَوْاْ عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ} إذا انخدعتم لهم وتأثرتم بهم فرضيتم عنهم فهذه حالة خطيرة وسيئة جداً، حالة تبتعدون بها عن الله؛ لأن الله {لاَ يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ} لهم من الله السخط والغضب واللعنة والمقت، ليسوا مقبولين عند الله. وحال الإنسان المؤمن الصادق هو سيكون مع الله، مع الله.

إذا أنت رضيت عنهم فأنت ترضى عمن سخط الله عليه، إذا هو أثر عليك بمواقف لاسترضائك حتى صرت راضياً عنه، وقابلاً له، ومتأثراً به، فأنت رضيت عمن باء بغضب الله، وعمن سخط الله عليه، فأين موقفك؟ أين موقفك؟ موقف سيء وسلبي بعيد عن الحق، بعيد عن الصواب، مسألة خطرة جداً، يعني: لا يليق بكم ولا يشرفكم ولا ينسجم مع إيمانكم ولا يتوافق مع مبادئكم أن تنخدعوا فترضوا عنهم، وترتاحوا لهم، وتتغير انطباعاتكم تجاههم وهم على ما هم عليه من فسقهم ونفاقهم وخروجهم عن أمر الله، وصدهم عن سبيل الله، فأصبحتم في حالة رضى عنهم. حالة الرضى لها تبعات ولها نتائج، عندما تصبح راضياً عنه ستكون عرضة للتأثر به، قد تتأثر به، فتحت ثغرة في قلبك في مشاعرك في إحساسك ثغرة يستطيع من خلالها التأثير عليك، والمسألة خطيرة جداً، لها أثر سلبي ولها نتائج سيئة.

 

[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

دروس من هدي القرآن الكريم.

 

 

دروس من سورة التوبة - الدرس السادس .

ألقاها السيد

عبد الملك بدر الدين الحوثي

الدرس السادس

بتاريخ

21/رمضان/1434هـ

اليمن - صعدة

 


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر