مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

وتبدأ في عملية الحساب على المستوى الشخصي، وعلى المستوى الجماعي، على مستوى الإنسان كإنسان، ملفات أعماله الشخصية، وتصرفاته الشخصية، مشاكله مع الآخرين والفصل فيما بينهم: مع ذلك الشخص، مع تلك المنطقة… وهكذا، ثم المحاسبات العامة للأمم والأقوام والتوجهات، كل أمة جمعتها فكرة وعقيدة وقضية وقيادة، ومنهج تعتمد عليه، كذلك يفصل ما بينها وبين تلك الأمة الأخرى التي اختلفت معها، وتعارضت معها، وتنازعت معها، ويأتي الفصل الإلهي بين الجميع: {وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاء وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ}[الزمر: الآية69]، {يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ}[الإسراء: من الآية71]، يأتي بعد الحساب الشخصي الحساب الجماعي، ويفصل الله بين العباد، في تلك الساحة (ساحة الحساب، ساحة الجزاء) لا مجال للمغالطة، لا يمكن أن يستند طرف ما إلى ماكينة إعلامية تروج له طغيانه وظلمه، وتبرر له جرائمه. |لا| حينئذٍ لا ماكينة إعلامية، ولا إمكانية للتزييف للحقائق، ولا للخداع، الحقائق هي التي ستكون متجلية وواضحة وظاهرة، والحكم هو الله الذي لم يخف عليه شيءٌ، أحاط بكل شيءٍ علماً، والشهود هم الملائكة، والوثائق هي الصحف التي توثقت فيها كل الأعمال والمواقف والتصرفات، لا مجال للمخادعة، ولا مجال لتضييع الحقائق أبداً، ويفصل الله بين العباد، لا يستطيع الإنسان أن يأتي مستنداً إلى قدرات إعلامية، أو قدرات فكرية وثقافية، أو مواهب معينة ليغطي على الحقائق، ذلك اليوم هو يوم تجلي الحقائق، وظهور الحقائق والخفايا والحساب بين البشر، هو يوم الفصل الذي يفصل الله فيه بين العباد، ولذلك من أهم ما في يوم القيامة تجلي العدل الإلهي، الفصل هناك والفرز بين الحق والباطل، بين المحقين والمبطلين، بين الظالمين والمظلومين، ليس هناك أي اصطفافات وتموضعات من نوعٍ آخر. لا أبداً، لم يعد من مجال أبداً، الفرز سيأتي على هذا الأساس: المؤمن والفاجر، البار والفاجر، المطيع والعاصي، المظلوم والظالم، المحق والمبطل، تبدأ عملية الفرز، من أهم مواطن الانتصار والانتصار الكبير حينئذٍ هو للمظلومين والمؤمنين والمستجيبين لله -سبحانه وتعالى- والذين وقفوا في هذه الدنيا متمسكين بنهج الله، ومتَّبعين لرسله وأنبيائه، ومطيعين له -سبحانه وتعالى- الذين كانوا في هذه الحياة يخشون الله، يخشون ربهم بالغيب، ويؤثرون طاعته، وحسبوا حساب ذلك اليوم وتلك الوقفة أمام الله -سبحانه وتعالى- وهم في هذه الدنيا، الله -جلَّ شأنه- قال: {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ (51) يَوْمَ لَا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ}[غافر: 51-52]، الظالمون حينئذٍ، الظالمون يوم ذاك سيكونون في وضعية فظيعة ورهيبة جدًّا، كل تبريراتهم، وكل الأعذار التي سيحاولون أن يبرروا بها ما فعلوه في هذه الدنيا وقد ظلموا عباد الله، ظلموا من اتجهوا في هذه الحياة ليتمسكوا بنهج الله، ليؤمنوا بالله العزيز الحميد، ليتَّبعوا منهجه، ليتمسكوا بآياته؛ فطغى عليهم الظالمون وحاربوهم وظلموهم في هذه الحياة، لماذا؟ لأنهم لم يخضعوا لهم، لم يسيروا في صفهم، لم يطيعوهم في معصية الله، لم ينهجوا منهجهم في الباطل؛ فظلموهم، حينئذٍ يأتي الانتصار الكبير {يَوْمَ لَا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ}، يلعنهم الله ويقرر مصيرهم إلى جهنم والعياذ بالله.

 

 

 

حالات الفرز الجماعي في ساحة المحشر هي من المراحل المهمة في يوم القيامة، والتي سيظهر فيها أو تتجلى فيها خسارة أولئك الذين كانوا في هذه الدنيا في صف الباطل، فرز حتى في داخل الساحة الإسلامية، أو واقع المسلمين، حتى في داخل الأمة التي هي أمة محسوبة على الإسلام، من هو الصادق، ومن هو المنافق، من هو الوفي مع دينه والثابت على الحق، يفرز المجرمون والمنافقون والفاسقون والفاجرون، ويخرجون من داخل صف المؤمنين، ويميزهم الله: {وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ}[يس: الآية59]، حالة رهيبة جدًّا، لدرجة أن المنافقين يسعون ويحاولون أن يعودوا إلى داخل المؤمنين، ولكن تمنعهم ملائكة الله -سبحانه وتعالى-: {قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً}[الحديد: من الآية13]، طردٌ لهم، مرحلة مهمة جدًّا، هي المرحلة النهاية التي بعدها تبدأ عملية الانتقال من ساحة الأرض إلى عالم الجزاء: من سينتقلون إلى الجنة، من سينتقلون إلى النار.

 

 

 

ما قبل هذه المرحلة الأخيرة، المحطة الأخيرة في المحشر، بعد إكمال عملية الحساب، وبعد عملية التمييز والفرز والتجهيز لكل اتجاه، من ستكون وجهتهم الجنة وباتوا مفروزين لوحدهم، ومعزولين لوحدهم، ومن إلى جهنم من الكافرين والمنافقين والفاسقين والفاجرين والظالمين، وباتوا كذلك مفروزين لوحدهم تمهيداً وتجهيزاً لمرحلة الانتقال من ساحة المحشر إلى عالم الجزاء.

 

 

 

نكتفي بهذا القدر، ونتحدث على ضوء بعض الآيات المباركة- إن شاء الله- في المحاضرة القادمة عن مرحلة الانتقال وعالم الجنة وعالم النار (عالم الجزاء).

 

 

 

[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

 

دروس من هدي القرآن الكريم

 

من كلمة السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي / حفظه الله.

 

(ساحة الحساب والجزاء)

 

سلسلة المحاضرات الرمضانية 1440هـ المحاضرة الخامسة / مايو/ 10/ 2019م. 


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر