مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

يأتي البلاغ في مناسبة يوم الغدير ليمثل تتويجاً لكل تلك الإشارات، ولكل تلك التنبيهات، لكل تلك النصوص في تلك المناسبات المختلفة، وليمثل إعلاناً عاماً وقد حضرته جموع الأمة- بمناسبة الحج- التي ذهبت لحجة الوداع، بعد عملية استدعاء الرسول -صلوات الله عليه وعلى آله- استدعاء من جانبه للأمة للحضور في ذلك الحج بأقصى ما يمكن، مطلوبٌ من كل الذين يمكنهم أن يحضروا أن يحضروا في ذلك الحج؛ لأن فيه بلاغات مهمة، ونداءات مهمة، وتوجيهات مهمة، وتعليمات مهمة، فرسول الله -صلوات الله عليه وعلى آله- وهو عائدٌ في تلك الظروف الحساسة المهمة، التي أبلغ فيها الأمة عن قرب رحيله من هذه الحياة، بكل ما لذلك من تأثير، بكل ما يتركه ذلك من قلق في واقع الأمة، وهو في الطريق من مكة يريد العودة إلى المدينة وصل إلى وادٍ ما بين مكة والمدينة، هو إلى مكة أقرب، وهذا الوادي يعرف بخم، وفي هذا الوادي غدير (ماء)، بالقرب من هذا الغدير الرسول -صلوات الله عليه وعلى آله- نزل عليه قول الله -سبحانه وتعالى-: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} [المائدة: الآية67]، هذه الآية المباركة والتي هي من آخر ما نزل من القرآن الكريم، والتي عادةً ما نذكر نحن والكل يذكر بأنها تضمنت ما يدل على أهمية هذا البلاغ، وبأنه في أعلى درجات الأهمية؛ لأنه حينما يقول له: {وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ}، وهو قد بلغ التوحيد بأهمية هذا المبدأ العظيم: مبدأ التوحيد لله -سبحانه وتعالى- وبحساسيته الكبيرة في الواقع العربي والواقع البشري عموماً، الواقع العالمي آنذاك، بلغ شرائع الإسلام في معظمها، بلغ كذلك المبادئ، المواقف، القيم، الأخلاق، قد خاض مختلف أنواع الصراع مع المشركين العرب، مع اليهود وحسم الموقف معهم، مع النصارى وحسم الموقف معهم، قد أعلن المواقف الرئيسية واتخذها في كل تلك المراحل الماضية، منذ بعثته بالرسالة وإلى ذلك اليوم، العقائد الرئيسية قد بلغها، معظم القرآن الكريم قد نزل، فالرسول -صلوات الله عليه وعلى آله- يعني في المرحلة الأخيرة ما قبل وفاته بأقل من ثلاثة أشهر يقول الله له: {وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ}، هذه الآية المباركة من أهم الآيات التي ينبغي التوقف عندها ملياً، والتأمل فيها، والتدبر لمحتواها العظيم؛ لأنها من آيات الله المهمة التي تضمنت هدياً لنا، ونحن في أمسِّ الحاجة إلى هدى الله -سبحانه وتعالى- نحن كأمةٍ مسلمة في أمس الحاجة إلى أن نهتدي بهدى الله -سبحانه وتعالى-؛ لأنه النور، لأنه النجاة، لأنه الفلاح، لأن في الاهتداء به وعياً والتزاماً عملياً الخير كله، والفلاح، والنجاة، والفوز.

 

ولذلك هذه الآية المباركة هي قدمت لنا ولفتت انتباهنا إلى أهمية هذا البلاغ؛ لأن الرسول -صلوات الله عليه وعلى آله- لم يكن ممتنعاً عن تبليغ ما أمره الله بإبلاغه، ولا يمكن أن يمتنع من ذلك، أو أن يحاول التنصل عن ذلك والتهرب من ذلك، هو منذ بداية البعثة الإلهية له بالرسالة إلى الناس- بدايةً من مجتمعه في مكة- صدع بأمر الله -سبحانه وتعالى- حتى في أهم المسائل الحساسة آنذاك، في مقدمتها التوحيد، ومبادئ مهمة جدًّا، وهو خاض الغمرات للحق، ولإقامة دين الله، ولإقامة رسالة الله في مواطن كثيرة، وواجه التحديات والصعوبات الجمة والمتعددة؛ فهو لا يحتاج إلى أن يخاطبه الله بهذه الطريقة لكي يبلغ، أن يقول له: {وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ}، لا يحتاج إلى هذا المستوى من التعبير والخطاب له لكي يبلغ، وإلَّا كان قد يمتنع، أو يرفض، أو يتنصل ويتهرب عن الإبلاغ. حاشاه! هو -صلوات الله عليه وعلى آله- في إيمانه العظيم بالله، في علاقته بالله -سبحانه وتعالى- في كماله العظيم وتهيئته للقيام بمسؤولياته في الرسالة والنبوة، أعلى شأناً من أن يتنصل أو يمتنع عن إبلاغ أي شيءٍ مما أمره الله بتبليغه، هذه لنا نحن، لنا نحن المسلمين، لنا نحن الأمة؛ لكي ندرك ماذا يعنيه هذا البلاغ، أهمية هذا البلاغ، عندما يقول: {وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ}؛ لتدرك الأمة بكلها، لندرك جميعاً مستوى الأهمية لهذا البلاغ التاريخي العظيم، أنه في أعلى درجات الأهمية من حيث موقعه في الدين نفسه، في الهداية الإلهية نفسها، في التوجيهات الإلهية نفسها، في أثر الدين في واقع الحياة، في فاعلية الدين في واقع الحياة، في ثمرة الدين في واقع الحياة، له هذه الأهمية الكبيرة التي لو أهمل بها هذا الجانب وجُمِّد وعُطِّل وشطب، يبقى الدين بكله فيما يبقى منه من طقوس، فيما يبقى منه من أخلاقيات هامشية، يبقى معطلاً، لا تنتج عنه الثمرة المطلوبة كمشروعٍ للحياة، كمنهجٍ للحياة تقوم عليه الحياة في كل مجالاتها؛ لأن هذا الدور العظيم للدين، والذي قام به الرسول -صلوات الله عليه وعلى آله- وأحياه في واقع الأمة التي آمنت بهذه الرسالة وأسلمت، هذا الدور، هذه الثمرة في واقع الحياة لا يمكن لها أن تستمر بدون أن يكون هناك من يعمل على هذه الاستمرارية، من يقوم بهذا الدور ومن موقع الولاية إن لم يكن من موقع النبوة والرسالة، {وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ}، هذا المستوى من الأهمية الكبيرة.

 

 

[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

دروس من هدي القرآن الكريم

ألقاها السيد/ عبدالملك بدر الدين الحوثي

بمناسبة يوم الولاية 1440هـ


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر