شرع الاحتلالُ الإماراتي السعوديّ مؤخّراً بتجنيدِ المئات من العناصر المرتزِقة، في المحافظات المحتلّة، وأنشأً معسكرات لها في أبين ووادي حضرموت، ونقلَ المئات منها إلى محافظة لحج؛ بهَدفِ إعادة التموضع العسكري الذي يجري برعاية سعوديّة منذ أشهر.
وتصاعدت تحَرّكاتُ تنظيم القاعدة الإجرامي في المحافظات المحتلّة “حضرموت وأبين ولحج” خلال الأسابيع الماضية بشكل كبير وعلني، وتم إعادةُ انتشاره في عدد من المحافظات الجنوبية، وذلك بدعم وتوجيهات عسكرية من قبل دول العدوان الأمريكي السعوديّ الإماراتي.
ووفقاً لعدة مصادرَ فَـإنَّ تنظيم القاعدة في “يافع الحد” تلقى تعزيزاتٍ بشريةً كبيرة خلال الأسابيع الماضية من أبين والساحل الغربي والضالع وشبوة وحضرموت، واستقبل التنظيم المئات من عناصر تنظيم القاعدة الذين وصلوا على دفع متعددة بأسلحتهم ومعداتهم وموانئهم إلى مديرية الحد في محافظة لحج، والمتاخمة لمديرية الزاهر التابعة لمحافظة البيضاء، ولأول مرة رفع عناصر التنظيم شعارات التنظيم في نقاط استخدموها في طريق يافع -عدن، ما يؤكّـد أن العملية منسقة مع دول العدوان ومرتزِقتها.
وبحسب المصادر فَـإنَّ عناصرَ التنظيم عاودت الانتشار في عدد من المناطق في الجنوب، ونقلت العشرات إلى يافع، وهذه التحَرّكات التي تقف وراءها أمريكا وبضوءٍ أخضرَ سعوديّ لإرباك المشهد في المحافظات الجنوبية، وكذلك الترتيب لتصعيد عسكري جديد يشارك فيه تنظيم القاعدة في عدد من المحاور، بالإضافة إلى أن الجانب الأمريكي يهدف إلى استغلال انتشار تنظيم القاعدة في أبين ولحج وتواجده في حضرموت؛ لإنشاء قواعد عسكرية دائمة تحت ذريعة مكافحة تنظيم القاعدة في حضرموت وشبوة الواقعة على البحر العربي.
أدَاةٌ تحت الطلب
وعن المساعي السعوديّة لإعادة انتشار عناصر تنظيم القاعدة الإرهابي في المحافظات الجنوبية المحتلّة، يقول الخبير العسكري زين العابدين عثمان: ترتيبات سعودية عسكرية وسياسة هادفة تسعى إلى إعادة انتشار وتموضع عناصر تنظيم القاعدة والجماعات التكفيرية وتمكينها من العسكرة والتمركز على مستويات واسعة من جغرافيا المحافظات الجنوبية المحتلّة لا سِـيَّـما المناطق الاستراتيجية الساحلية والنفطية.
ويقول عثمان في تصريح خاص “للمسيرة”: إن أمريكا التي تشرف على المخطّطات هي من تضع هذه المستجدات في الميدان، وفي هذا التوقيت تريد إعادة تدوير وإنعاش عناصر تنظيم القاعدة والتنظيمات التكفيرية الموازية لها وتحشيدها بزخم أكبر وإعادة تموضعها ضمن مخطّط عملياتي في عدة معسكرات ونقاط تمركز في المناطق الجنوبية وتنفيذ تبادل أدوار بين قوات المرتزِقة وهذه التنظيمات لتسلم ملفات الوضع الأمني والعسكري بهذه المناطق.
ويؤكّـد عثمان أن الأمريكي والسعوديّ كما هو واضح في كُـلّ أنشطته الميدانية بالجنوب يسعى إلى الحفاظ على بقاء تنظيم القاعدة وداعش والتكفيريين” كأدَاة ميدانية تحت الطلب” ودعمهما بمستويات عالية من الإسناد اللوجستي والتسليحي، موضحًا أنه خلال الفترات الأخيرة جرى إعادة تأهيل هذه التنظيمات وتحشيدها في عدة معسكرات وزيادة مستوى دعمها بمعدات عسكرية كبيرة لإدراجها ضمن التشكيلة العسكرية العامة لقوات المرتزِقة التي يقودها ما يسمى المجلس الرئاسي في عدن وتمكينها في هذه الظروف من الدخول بالميدان كقوة مراهن عليها عسكريًّا في تنفيذ الأجزاء المهمة من المخطّط المرسوم أمريكياً والموجه نحو المناطق الحساسة بالجنوب وخُصُوصاً المناطق النفطية فقد يتم تنفيذ سيناريوهات عسكرية أَو عمليات أمنية.
وبحسب الخبير العسكري، فَـإنَّ الأوضاع في الجنوب ستشهد تغيراً في التموضعات الميدانية وستكونُ “القاعدة” وَ”داعش” والتكفيريون على مستوى حضور واسع في الميدان جنباً إلى جنب مع قوات المرتزِقة، وبالنسبة للسعوديّة فهي تسعى بهذا الصدد وتعمل على تمويل المخطّط الأمريكي وتمهيد الساحة وقيادات المرتزِقة (المجلس الرئاسي) لاستيعاب القاعدة جناح عسكري.
سيناريو جديد
وحول انتشار تنظيم القاعدة الأخير، وفق خبراء عسكريين فَـإنَّه يهدف لتسهيل مرور وتحَرّكات عناصره بين عدن ولحج، وُصُـولاً إلى يافع وهي ضمن خطة جديدة تهدف لربط معاقل التنظيم في أبين ولحج بمركزه السابق الشمال سواء في يافع أَو في الضالع وحتى في لحج وأبين، وهذه المناطق شهدت خلال الأيّام الماضية تحَرّكات غير مسبوقة لتنظيم القاعدة، مشيرين إلى أن جميع المؤشرات هذه تؤكّـد أن دول العدوان تعد لسيناريو جديد في اليمن، ويشير إلى أن السعوديّة تعيد تجهيز التنظيم وتسليحه واستخدامه كرأس حربه في تصعيدها العسكري المرتقب في المحافظات الجنوبية ضد المكونات الجنوبية المناهضة لها والبداية من عدن.
ولهذا فَـإنَّ الرياضَ تسعى لضم عناصر القاعدة ضمن وحدات قوات مجلس المرتزِقة ما يسمى “الرئاسي” ضمن ترتيبات مكثّـفة لضم مئات العناصر من تنظيم القاعدة المتمركزة في محافظة أبين، وتأطيرها ضمن قوة جديدة؛ بهَدفِ مواصلة دعم التنظيم وتمكينه وفق مخطّط مُستمرّ قائم على اللعب على المتناقضات على الأرض بما يخدُمُ مصالحَ العدوان الأمريكي وأدواته في المحافظات الجنوبية.
وعن التحَرّكات الأمريكية، يقول محللون عسكريون: إن التحَرُّكَ الأمريكي خلال الأيّام الماضية لم يكن اهتماماً محصوراً بمحاولة إعادة نهب النفط اليمني وتصديره، بعد قرار صنعاءَ إيقافه، وإنما لإعادة تموضع عناصر تنظيم القاعدة في المحافظات النفطية؛ كون تلك المحافظات أصبحت ضمن مسار الاهتمام لأمريكي، قبل وبعد الحرب الأوكرانية الروسية والحاجة إلى النفط والغاز، وكذلك المحافظات الاستراتيجية والساحلية، التي تعتبر ذات أهميّة اقتصادية وعسكرية كبيرة.
وحول الأبعاد السياسية من انتشار القاعدة، يقول محللون: إن ذلك الانتشار وفق مخطّط أمريكي يهدف إلى بقاء الأوضاع في المحافظات الجنوبية المحتلّة مفككة وغير مستقرة؛ كي تتمكّن أمريكا من إحكام السيطرة المباشرة على محطات ومنشآت النفط في تلك المحافظات ونهب ثروتها والتحكم في المسار الاقتصادي العالمي حتى وإن توقفت الحرب في اليمن.
ومنذ بداية العدوان الأمريكي السعوديّ على بلادنا ظلت العناصر التكفيرية الإجرامية هي أدَاة بيد العدوان لضرب أبطال الجيش واللجان الشعبيّة، وظهر التعاوُنُ بين هذه التنظيمات جليًّا في عدة مناطق، ومن أبرزها محافظة البيضاء والتي كانت وكراً لهم وتمكّنت قواتُنا المسلحة من طردهم وسحقهم في معارك كثيرة، في حين لا يزال لهذه العناصر حضورٌ وتواجُدٌ مكثَّـفٌ في محافظة مأربَ، والمحافظات اليمنية الجنوبية والشرقية، حَيثُ تعول عليها دول العدوان في هزيمة قوات الجيش واللجان الشعبيّة في أية معاركَ مقبلة.
صحيفة المسيرة