لقد كان للإمام علي (عليه السلام) في واقعه المؤهلات البارزة والمميزة فلم يكن شخصية مغمورة أو مشكوكا في أهليتها في مثل هذا المقام ولمثل هذا الدور وهذه المهمة، بل كان (عليه السلام) متميزاً بوضوح في كل واقعه الإيماني منذ بداية مسيرة الإسلام له، واقع يختلف عن كل الآخرين من المؤمنين برسول الله، من تلاميذ رسول الله، من أصحاب رسول الله، من أنصار رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله)، متميزاً في إيمانه وفي وعيه وفي علمه وفي جهاده، متميزاً في كل واقعه، متميزاً بارتقائه البارز الواضح الملموس.
ثم حينما أتى النبي (صلوات الله عليه وعلى آله) ليتحدث عن الإمام علي عليه السلام لم تكن مجرد مدائح، أو عبارات تشجيعية، أو عبارات تحفيزية، لا، إنما ليعزز له دوراً مستقبلياً في الأمة، لاعتبارات مهمة في مستقبل الأمة، وحساسة في مستقبل الأمة، فحينما كان الرسول يقول: «علي مع القرآن والقرآن مع علي»«علي مع الحق والحق مع علي» ، «إن فيكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله» من هو يا رسول الله؟ قال: هو ذاك، «هو خاصف النعل» وكان الإمام علي عليه السلام يخصف نعل رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله).
علي بن أبي طالب حينما كان النبي يتحدث عنه بهذه العبارات المهمة «بمنزلة هارون من موسى» يقول عنه إنه «يحب الله ورسوله ويحبهُ الله ورسوله» ليعزز له هذا الدور المستقبلي في واقع الأمة.
الأمة حينما تختلف تتنوع اتجاهاتها وأفكارها ونظرتها إلى الدين وتحدث التباينات والاختلافات، من هو الامتداد المضمون الأوثق السليم الأعلى الأرقى الأنقى؟ هو هذا، تريد الحق «علي مع الحق والحق مع علي» تريد الحق في أوساط الأمة حينما اختلفت وحينما تباينت وحينما تنوعت أفكارها وتوجهاتها «علي مع الحق والحق مع علي» حينما تختلف الأمة على القرآن في مفاهيمه في دلالاته في تفسيره في مضمونه العملي مَن؟ «علي مع القرآن والقرآن مع علي» حينما تختلف الأمة على القرآن على نبيها في توجهاته في أفكاره في سيرته في سلوكه فمن يعبر عنه؟ أنت مني «يا علي أنت مني وأنا منك» يقول النبي (صلوات الله عليه وعلى آله): «علي مني وأنا منه» يعني هو امتدادي، هو الذي يعبر عني، عن أخلاقي، عن سلوكي، عن سيرتي، إذا اختلفت الأمة عني.
وهكذا ثبَّت النبي (صلوات الله عليه وعلى آله) ببلاغ ربه بأمر ربه ثبَّت هذه الرؤية، هذا الدور المستقبلي للإمام علي عليه السلام رحمة بالأمة.
الإمام علي عليه السلام في واقعه في سيرته شخصية عظيمة ليس هناك أي تعب ليس هناك أي إشكالية بشأنه حتى يرى الإنسان أنه شخص لا ينبغي أن يقدَّم للأمة، لا، عد إلى سيرته، عد إلى ما قدمه، عد إلى ممارساته، إلى سياساته، إلى أخلاقه، إلى تصرفاته، إلى أدائه حتى في الظروف والتحديات والمشاكل الكبيرة كيف تعاطى معها بكل حكمة، كيف راعى فيها مصلحة الأمة، كيف كان يركز على خير الأمة، كيف سعى إلى ما فيه منفعة الأمة، كيف عانى بشكل رهيب جدًّا، وفعلاً لو نتخيل أن عليًّا لم يكن له هذا الدور، ولم يكن هناك هذا الدور من أساسه كيف ستعصف بالأمة الأحداث تلك الأحداث الكبيرة جدًّا لكانت أثرت بشكل رهيب جدًّا على رسالة الله سبحانه وتعالى.
........................