مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

نعود إلى سياق حديثنا بالأمس فيما يتعلق ببعضٍ من الدروس المهمة التي نستفيدها من الهجرة النبوية، وكان سياق حديثنا بالأمس يركِّز على أنَّ الله -سبحانه وتعالى- أعدَّ مكة والبيت الحرام لتكون المنطلق المهيَّأ للرسالة الإلهية الخاتمة، وكيف أنَّ الله -سبحانه وتعالى- جعل نبيه إبراهيم -عليه السلام- يودع في مكة المكرمة من يقوم برعاية البيت الحرام، ومن يتولى هذا المركز الديني العظيم والمهم من نسله، وهو ابنه إسماعيل -عليه السلام-؛ ليمتد هذا النسل عبر الأجيال بكلها وصولاً إلى رسول الله محمد -صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله- الذي بعثه الله بالرسالة خاتم النبيين، وسيد المرسلين، فمكة المكرمة أعدَّها الله لتكون المنطلق توفرت فيها كل العوامل المطلوبة:

 

أولاً: الفرع الإبراهيمي، إسماعيل -عليه السلام- وذريته من بعده، وفي هذا الفرع حفظ الله هذا الامتداد للدين الإلهي ضمن هذا الفرع، كان هناك عبر الأجيال من يحافظ على هذه القيم، من هو مستودع لهذه المبادئ والقيم العظيمة، من يجسِّدها، من يلتزم بها جيلاً بعد جيل، بالرغم من وجود الانحرافات التي بلغت إلى أسوأ مستوى، إلى حد الإخلال بمبدأ التوحيد لله -سبحانه وتعالى- والقيم الإلهية، لكن بقي ضمن هذا الفرع هذا الامتداد لتلك القيم ولتلك المبادئ وصولاً إلى عبد المطلب جد النبي -صلوات الله عليه وعلى آله- الذي عُرِفَ بأنه كان ملتزماً بالتوحيد، وكان إبراهيمياً على ملة إبراهيم -عليه السلام- فيما تحكيه السِّير والأخبار، وكان على درجة عالية من القيم والمبادئ والأخلاق التي عُرِفَ بها، ثم كان ابنه عبد الله- والد النبي -صلوات الله عليه وعلى آله– كذلك، الشاب الذي عُرِفَ وتميَّز بما هو عليه من القيم والأخلاق والطهر، ثم أتى النبي -صلوات الله عليه وعلى آله- ابتعثه الله -سبحانه وتعالى- فوجود هذا الفرع من نسل إبراهيم -عليه السلام- كان أول العوامل الرئيسية، وأول الركائز الأساسية في إعداد مكة المكرمة لتكون المنطلق لختم الرسالات الإلهية.

 

العامل الآخر: المركز الديني في مكة: بوجود البيت الحرام، بوجود مشاعر الحج هناك، وبقيت فريضة الحج قائمة في أوساط الأجيال جيلاً بعد جيل، من بعد نبي الله إبراهيم -عليه السلام- بعد أن أمره الله كما قال -جلَّ شأنه-: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} [الحج: الآية27]، بقي الحج متوارثاً بين الأجيال بكلها، وبقيت مكة كمركز ديني لها في المنطقة بكلها بين الوسط العربي بكله حرمة عظيمة، وقداسة كبيرة، وأصبحت هي التي يحج إليها الناس ويأوون إليها {مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا} [البقرة: من الآية125]، كما قال الله -سبحانه وتعالى- فبقيت هي محط الأنظار في الوسط العربي بكله، يُقبِل الناس إليها، تحظى بالحرمة والقدسية والمكانة الكبيرة في قلوب الناس.

 

إضافةً إلى ذلك: الاستقرار الاقتصادي والأمني الذي تميَّزت به، بينما كان محيطها بكله يعيش حالة المشاكل الكبيرة على المستوى الأمني: هناك حروب بشكل مستمر بين القبائل العربية في محيط مكة، وحالة من الخوف والمشاكل المستمرة، وكذلك حالة من الاضطراب الذي عمّ، وحالة من الفوضى الكبيرة، ثم إضافةً إلى ذلك على المستوى الاقتصادي: كان هناك مشاكل وأزمات ومعاناة اقتصادية بالذات في شبه الجزيرة العربية، القبائل التي تعيش هناك كقبائل أكثرها تعيش حالة البداوة، وتعيش الظروف الصعبة.

 

في مكة كان هناك استقرار اقتصادي، دعوة إبراهيم -عليه السلام- وضمن التدبير الإلهي؛ لأن كلَّ المسألة هي أتت ضمن التدبير الإلهي، بدءً من مسألة الكعبة والبيت الحرام كركيزة إيمانية، ثم يكون إلى جانبها ركيزة أخرى: إبراهيم إماماً للناس، ثم إسماعيل -عليه السلام- ثم يستمر هذا الدور، ثم يأتي كذلك هذه الظروف التي هُيِّـئت بتدبيرٍ من الله، وبأمرٍ من الله، وبتشريع من الله -سبحانه وتعالى- فحظيت تلك البيئة بحالةٍ من الاستقرار الأمني والاقتصادي التي لا توجد في غيرها؛ وبالتالي يجتمع الناس إليها لمشاعر الحج، يستفيدون منها- كذلك- على المستوى الاقتصادي، يصل الكل إليها من المناطق العربية المختلفة للحج، يعودون منها فيتناقلون الأخبار، مركزاً اجتماعياً أيضاً، ومركزاً إعلامياً مهماً جدًّا، فتوفرت فيها كل الظروف الملائمة لأن تكون هي المنطلق الذي تنطلق منه رسالة الله -سبحانه وتعالى-.

[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

دروس من هدي القرآن الكريم

 

من كلمة السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي / حفظه الله.

المحاضرة الثانية بمناسبة الهجرة النبوية 1441هـ

 

 

 

 

 


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر