مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

في تلك اللحظات الرهيبة والهائلة جدًّا تأتي مرحلة الحساب، تبدأ عملية الحساب بتوزيع الصحف، ويؤتى كل إنسانٍ كتابه، {وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنشُوراً }[الإسراء: من الآية13]، لكل إنسان صحيفة أعماله، هذا الكتاب هو صحيفة لعمل الإنسان، موثَّقٌ فيه ما عمله هذا الإنسان توثيقاً دقيقاً، لا يفوت شيءٌ من أعمال الإنسان في الخير، أو في الشر إن كان عمله عمل الشر، الإنسان يستلم هذا الكتاب، وحتى عملية التسليم هي تدل على محتوى هذا الكتاب، وعلى مصير هذا الإنسان: الإنسان إما أن يؤتى كتابه بيمينه، وهذه بشارة للإنسان، والإنسان المؤمن، الإنسان الفائز تأتيه البشارات والطمأنة من بعد عملية البعث مباشرةً، وفي مراحل الحساب مرحلةً مرحلة؛ أما الخاسرين فلا، العكس من ذلك، كل مرحلة من تلك المراحل تأتي فيها المؤشرات المخيفة والعلامات السيئة لخسارتهم وهلاكهم، وهذه أمور رهيبة جدًّا في العرض على الله -سبحانه وتعالى-: {يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنكُمْ خَافِيَةٌ}[الحاقة: الآية18]، وتسليم الصحف والكتب، {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ (7) فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً (8) وَيَنقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُوراً}[الانشقاق: 7-9]، {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَؤُوا كِتَابِيهْ}[الحاقة: الآية19]، يسعد، يستبشر، يعيش حالةً من الفرحة لم يسبق له أن فرح بمثلها أبداً، هذه فرحة كبيرة جدًّا، {فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَؤُوا كِتَابِيهْ}، هذه حالة من السرور والسعادة والابتهاج؛ لأنها حالة اطمأن فيها إلى مستقبله الأبدي الذي لا نهاية له، إلى مستقبله الدائم، مستقبل كبير وعظيم ومهم للغاية، {فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَؤُوا كِتَابِيهْ (19) إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيهْ}[الحاقة: 19-20]، كنت أستشعر هذا اليوم، كنت أستشعر في الدنيا أنني سأحاسب؛ وبالتالي كنت أعمل لحساب هذا اليوم, وأحسب حسابه في أعمالي؛ لأعمل الأعمال التي فيها نجاتي، وفيها فوزي، وفيها رضى الله -سبحانه وتعالى- وفيه الوصول إلى جنته، فرحة كبيرة جدًّا.

 

 

 

لكن الإنسان الخاسر والخائب عندما يؤتى كتابه من وراء ظهره، عندما يؤتى كتابه من وراء ظهره ليستلمه بشماله تكون علامة خطيرة جدًّا، علامة للخسارة فهو يصيح يصيح: {يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيهْ} يقول الله عمَّا يقولونه آنذاك: {يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيهْ (25) وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيهْ}[الحاقة: 25-26]، يا ليتني لم أستلم هذا الكتاب، ويا ليتني لم أدر ما هو حسابي، وما هو جزائي، وأين هو مصيري، وحالة من التحسر والعذاب النفسي لا يمكن أن نتخيلها، الإنسان يرى أنه سيعيش للأبد في حالة خسران وعذاب، كم هي حسرته، كم هي ندامته، كم هو عذابه النفسي وتحسره وهو يدرك أنها قد أتته الفرصة التي كان بإمكانه أن يفوز بها، وأن ينجو فيها، ولكنه أضاعها وأهملها، وغفل، وتجاهل، ولم يبالِ، ولم ينتبه، لم يسمع لنداءات الله، ولا لتوجيهاته، ولا لآياته، تكبر، واغترـ، وأعرض، وتجاهل، واستهتر، وسخر، ولم يبالِ، حسرة كبيرة جدًّا جدًّا.

 

{وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً}[الكهف: 49]، يندهشون، يندهش الإنسان حينئذٍ، يندهش بشكلٍ كبير؛ لأنه يجد في صحيفة أعماله كل التفاصيل، كل التفاصيل، كيف سجلت ووثقت عليه كل تلك التفاصيل، {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ}[غافر: من الآية19]، تفاصيل كثيرة وجزئيات كثيرة من أعماله لم يكن يتوقع أنها ستحصى عليه، وأنه لن يفوت منها شيء، وأنها قد وثِّقت بكلها، وتوثيقاً مرئياً حتى، {وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى (40) ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاء الْأَوْفَى}[النجم: من الآية40]، توثيق لكل أعمال الإنسان وكل تصرفاته السيئة، على مستوى خائنة الأعين: تلك النظرة الحرام والتي لم تدم طويلاً، ولكنها كانت متعمدة وسجلت عليه، خفايا الصدور التي كانت مخبأة، تطلع عداوات، أحقاد بغير حق، سوء ظن بغير حق، معاصي كثيرة، كانت مخبأة في خفايا النفوس والصدور، وظهرت يوم تبلى السرائر، {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ}[غافر: الآية19]، حالة رهيبة جدًّا آنذاك حالة الحسرة والندم، وحالة الخوف الشديد لكل الخاسرين وكل الخائبين، وحالة الرحمة الشديدة والكرب الشديد جدًّا: {إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِين}[غافر: من الآية18]، تصل قلوبهم إلى حناجرهم من شدة الرعب والفزع والخوف والرهبة، حالة رهيبة جدًّا، وحالة مهيبة للغاية، والإنسان فيها يتحسر ويتندم.

 

 

 

[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

 

دروس من هدي القرآن الكريم

 

من كلمة السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي / حفظه الله.

 

(ساحة الحساب والجزاء)

 

سلسلة المحاضرات الرمضانية 1440هـ المحاضرة الخامسة / مايو/ 10/ 2019م. 


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر