مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

أما المؤمن فهو يعيش واقعاً آخر, المؤمن حقاً دعاؤه جزء من عبادته, دعاؤه شيء أساسي في حياته, المؤمن الدعاء بالنسبة له صلة عظيمة ما بينه وبين الله سبحانه وتعالى يستمر عليها ولا يغفل عنها ولا يتركها, هو دائماً يشعر بالحاجة الدائمة إلى الله, ويتطلع دائماً إلى رحمة الله ومغفرته, ويدرك الواقع والمخاطر الكبرى عليه في حياته كإنسان, وحجم الخسارة الفادحة عليه إذا خسر ولم يتوفق ويعيش في واقع المسؤولية والعمل حالة الالتجاء المستمر إلى الله, خوفاً من التقصير ولمواجهة المشاكل والعوائق والتحديات, وليس لديه اتكال على أي بدائل أخرى يتطلع إليها على أساس أنها يمكن أن تكون بديلاً عن الله سبحانه وتعالى, التجاؤه الدائم هو إلى الله, هو إلى الله.

ومن هذا الواقع: من واقع الشعور بالمسؤولية, في واقعه الإيماني, في واقعه العبادي مشدود إلى الله, متطلع إلى ما عند الله, فهو عندما يتأمل في خلق السموات والأرض, في واقع هذه الحياة يدرك حجم المسؤولية الكبيرة فيشعر بالخوف من الله سبحانه وتعالى إن هو قصر, إن هو أهمل, يدرك أن الجزاء عسير, وأن العاقبة سيئة إن هو لم يقم بمسؤوليته في هذه الحياة وفق ما يريده الله سبحانه وتعالى, فيحكي الله عن عباده المؤمنين هذا الواقع فيقول سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾ [آل عمران: 190-191].

يدركون أن هذا العالم الكبير الفسيح العظيم بسمائه وأرضه وكل ما فيه وما سخر الله فيه للإنسان والدور المنوط بهذا الإنسان والمسؤولية الكبرى التي حملها الله هذا الإنسان ليست عبثاً, ليست باطلاً, ووراءها الحساب، ووراءها الجزاء، فيضرعون إلى الله بالنجاة من عذابه في ضمن دعاء تحدث عنه في سورة آل عمران عند الشدائد والمحن, في مواجهة الأعداء, بعد كل ما يقدمون من تضحيات, وفي ما هم عليه من إخلاص ومصداقية مع الله سبحانه وتعالى هم يضرعون إلى الله ناشدين منه المغفرة, راجين منه المغفرة, سائلين منه المغفرة, ملتمسين منه النصر, فحكى عنهم في تضرعهم إلى الله سبحانه وتعالى وهم يقولون: ﴿ربَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وانصُرْنَا عَلَى القَوْمِ الكَافِرِينَ﴾ [آل عمران:147].

يحكي عنهم واقعهم الإيماني في خوفهم من الذنوب, خوفهم من نتائج الذنوب, إلحاحهم في الدعاء دائماً ينشدون المغفرة, يطلبون المغفرة ﴿رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾ [آل عمران:16], في خوفهم من الانحراف عن خط الهداية, وإدراكهم بحاجتهم الدائمة إلى الله, لا يعيشون حالة غرور ولا عجب ولا اتكال مطلق على النفس ولا أمل في غير الله سبحانه وتعالى, يدركون الحاجة إلى الله في كل شيء من شئونهم, في كل شأن من شئونهم, في كل أمر من أمورهم, في كل واقع حياتهم, وهم ينشدون من الله أن يوفقهم للثبات على خط الهداية, أن يسلمهم من زيغ القلوب ﴿رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الوَهَّابُ﴾ [آل عمران:8].

فهم هكذا في واقع حياتهم يعيشون حالة الالتجاء الدائم إلى الله سبحانه وتعالى، يشعرون دائماً بالاحتياج إليه, وواقعهم الإيماني وواقعهم الحياتي يشدهم إلى الله فهم وثيقوا الارتباط بالله, التوكل على الله, الاعتماد على الله, وبالتالي في كل ما يواجههم في حياتهم من تحديات أو مخاطر لا يفكرون بالذهاب هناك أو هناك بعيداً عن الله سبحانه وتعالى؛ بل اعتمادهم على الله, رجاءهم في الله, وتوكلهم عليه ومن وعي, وعي بأنه لا بُدّ أن يقوموا بمسؤولياتهم.

ليس معنى الدعاء أن تتكل على الله بالمفهوم الخاطئ فتكون إنساناً مهملاً مقصراً كسولاً، لا تقوم بواجباتك في الحياة، لا تقوم بمسؤوليتك الإيمانية، متنصلاً عن المسؤولية، بعيداً عن الأخذ بالأسباب، ثم تنتظر من الله بمجرد أن توجه دعواتك أن يعمل لك ويعمل لك ويسوي لك ما تشاء وما تريد.

وهذا الواقع الإيماني بالنسبة للمؤمنين في ارتباطهم الوثيق بالله سبحانه وتعالى, في اعتمادهم الدائم على الله سبحانه وتعالى, في تضرعهم والتجائهم إلى الله ليمنحهم المغفرة, ليقيهم عذاب النار, ليوفقهم, ليغفر لهم, ليسددهم, لينصرهم, ليرزقهم, ليعينهم في كل شأن من شئون الحياة أدركوا نتيجته وإيجابيته كما حكى الله سبحانه وتعالى عن واقعهم في الجنة وهم في نعيمها, وصلوا إلى الأمن والسلام والاطمئنان والنعيم, وتحقق لهم ما كانوا يرجون الله من المغفرة والعفو والسلامة من عذابه, والوصول إلى جنته ورضوانه, وهم في ذلك النعيم العظيم مطمئنون قد أمنوا من الفزع الأكبر ووصلوا إلى مبتغاهم.

يحكي الله عنهم﴿ وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ﴾[الطور:25] فهم في داخل الجنة لهم مجالس يلتقون فيها، أماكن يجتمعون فيها، ويتناقشون فيما بينهم، يتحدثون عن الماضي، عمَّا كان في الحياة، ويتحدثون عن الأسباب المهمة التي من خلالها وصلوا إلى ما وصلوا إليه، فازوا وسلموا ونجوا من عذاب الله سبحانه وتعالى، ومنَّ الله عليهم بما منَّ به من النعيم العظيم.

﴿ وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ ﴾ما هي أسباب فوزنا؟ كيف نجونا من الخطر الكبير من عذاب الله؟ ما الذي أوصلنا إلى هذا النعيم وإلى هذه السعادة؟ ﴿قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ﴾ [الطور:26] كنا في واقع الحياة في الدنيا قبل, هناك في الحياة الدنيا كنا نعيش حالة الخوف من الله سبحانه وتعالى فنحذر, نحذر من كل الأسباب التي تسبب سخط الله, وكنا أوَّابين إلى الله, توَّابين إلى الله, لا نصر على الذنوب, وندرك خطورة الذنوب, فعشنا حالة الحذر من الذنوب, حالة الحذر من الغفلة عن الله وعن هدى الله وعن توجيهات الله, لم نكن غافلين متساهلين مهملين, لا مبالين, نعرض عن هدى الله, نتجاهل مسؤوليات مهمة أمرنا الله بها, عشنا حالة التقوى, عشنا حالة اليقظة, عشنا حالة المسؤولية, وهذا كان له الأثر الكبير في أن وقانا الله من عذابه.

﴿قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ * فَمَنَّ اللهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ * إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ البَرُّ الرَّحِيمُ﴾ [الطور:26-28] إنّا كنّا من قبل ندعوه, كان من الأسباب الأساسية التي هي سبب لفوزهم, لنجاتهم, لسلامتهم من عذاب الله سبحانه وتعالى لأن يصلوا إلى ما وصلوا إليه من نعيم وسعادة أبدية هو الدعاء, هو الدعاء ﴿إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ نَدْعُوهُ﴾ دعاء بالتجاء إلى الله سبحانه وتعالى, التجاء إلى الرحيم الكريم ﴿إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ البَرُّ الرَّحِيمُ﴾ واسع البر, عظيم الفضل, واسع العطاء, واسع الرحمة, وهو أرحم الراحمين.

 

[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

دروس من هدي القرآن الكريم

 

من محاضرة السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي / حفظه الله.

 

بعنوان الدعاء/ 10 رمضان 1433هـ.


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر