الإمام زيد(عليه السلام) كان فيما يحمله من همٍّ وألمٍ وحرصٍ على إنقاذ أمة جَدِّه لدرجةٍ عبَّر عنها فقال: «والله لوددت أن يدي ملصقةٌ بالثريا - الثريا مجموعة النجوم البعيدة جداً في عنان السماء - ثم أقع إلى الأرض أو حيث أقع فأتقطع قطعةً قطعة وأن يُصلح الله بذلك أمر أمة محمد(صلى الله عليه وعلى آله وسلم)».
هكذا كان فيما يحمله من همّ، فيما يستشعره من مسؤولية في عظيم رحمته بأمة جَدِّه، وحنانه وشفقته إنسان. إنسان بقيم عظيمة يتحرّق على واقع الناس ليس لا إبالياً كما هو حال الكثير من الناس حتى من المحسوبين على الدين ممن لا يبالي بالناس في أي حالٍ كانوا وفي أي وادٍ هلكوا وسقطوا.. لا!، حرقة القلب والمشاعر والأسف والألم على الواقع المرير والمهين الذي تعيشه الأمة، وبهذا الحرص تحرك في واقع الأمة ليعمل على استنقاذها مما هي فيه، ثم من تلك الدوافع دافِع المسؤولية، فهو حليف القرآن، القرآن الكريم ولذلك كان يقول: «والله ما يدعني كتاب الله أن أسكت» ما يدعني كتاب الله أن أسكت.
هذا الكتاب الذي هو كتابنا جميعاً كأمةٍ مسلمة، كمسلمين هذا الكتاب الذي يجب علينا أن نتّبعه، أن نتمسك به، أن نطيع الله فيما أمرنا فيه الله جل شأنه في هذا الكتاب حمَّلنا مسؤولية أن نقيم العدل، أن نواجه الظلم، أن نواجه الفساد، أن نواجه الطغيان والشر.
«والله ما يدعني كتاب الله أن أسكت»، هذا الانتماء الواعي للقرآن الكريم الذي ترتب عليه الالتزام، والعمل، والتطبيق، والاتباع، والتمسك، هو الذي غاب من واقع الأمة وللأسف، وإلاَّ فالقرآن ليس فقط كتاب زيد بن علي، أو أن ما فيه من توجيهات وأوامر حرَّكت زيداً في ميدان الحياة، في واقع المسؤولية ليُقدِّم نفسه قرباناً لله وليواجه الطاغوت دون خوف، أو تردد، أو تلكؤ.. لا!، ليس خاصاً بزيد، وليست تلك المسؤوليات خاصةً بالإمام زيد(عليه السلام)، لا.
نحن كمسلمين إنما بقدر إيماننا، بقدر اهتدائنا بهذا الكتاب بقدر مصداقيتنا في انتمائنا لهذا الدين، في ارتباطنا بهذا الكتاب الذي هو منهج الله الحق، هذا القرآن هذا الكتاب الذي لم يدع زيداً ليسكت، لماذا اليوم يسكت الكثير والكثير من الذين يقدِّمون أنفسهم على أنهم متدينين، والبعض منهم ربما يقرأ هذا الكتاب عن ظهر قلب غيباً يحفظه آيةً آية، ويتلوها في أي وقت، كم في واقع الأمة من مدارس لتعليم القرآن، وتحفيظ القرآن، ونرى كثيراً من القائمين عليها الذين يتعاملون باستغلال؛ باستغلال في كل شيء، مسلكهم ومسارهم في الحياة بعيد كل البُعد عن هذا الكتاب وعن توجيهاته وعن مساره الذي رسمه لنا في واقع الحياة.