الشعوب لديها طاقة كامنة كبيرة وهائلة، وتستطيع باعتمادها على الله وتحركها - إن كان واعياً وجاداً، ركنان أساسيان: واعياً، و جاداً - أن يكون هذا التحرك فاعلاً مؤثراً مغيراً ومجدياً بما تعنيه الكلمة، يدفع الخطر عن الأمة ويغير واقع الأمة، الأحداث نفسها، التحديات نفسها، الأخطار نفسها، تشكل فرصة كبيرة جداً لمعالجة واقع الأمة، ولصناعة التغيير في واقع الأمة، ولبناء الأمة.[من لقاء للسيد عبد الملك بالأكاديميين]
ومن هنا تحرك السيد حسين رضوان الله عليه لتغيير هذا الواقع:
أمام واقع كهذا وتجاه تحديات كهذه وفي بيئة غلبت عليها حالة الصمت لدى الكثير وانطلق فيها الكثير للاستجابة للأمريكي على النحو الذي يساعده، برز موقفٌ مغاير وصوت حرٌ انطلق من اليمن، آنذاك تحرك السيد حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه بمشروعه القرآني رافضاً حالة التدجين والاستسلام ومعلناً موقفاً مسؤولاً وحراً ومنطلقاً على أسسٍ صحيحةٍ ومشروعة بعد قرابة أربعه أشهر من أحداث الحادي عشر من سبتمبر.
انطلق هذا الموقف وتحرك هذا المشروع من منطلقاتٍ مهمة ومشروعة وواقعية وصحيحة وسليمة:
أولاً: من خلال وعي بحقيقة الأهداف الأمريكية وأن تحرك امريكا إلى منطقتنا ليس أبداً كما يقولون هم: بهدف مكافحة الإرهاب، لا، هو بهدف احتلال بلدان هذه المنطقة، بهدف السيطرة المباشرة على هذه المنطقة بهدف ضرب هذه الشعوب ضربة قاضية، وكيانات هذه البلدان من دول ضربةً قاضية بهدف استهدافنا في كل شيء الاستهداف لنا في قيمنا وأخلاقنا، ومبادئنا وحريتنا وكرامتنا واستقلالنا، هذا هو الهدف الحقيقي للتحرك الأمريكي.
ثانياً: الوعيٌ بطبيعة وأسلوب تحرك الأعداء ومستوى خطورة هذا التحرك، لأن الأمريكي يتحرك بأساليب معينة منها عناوين يجعل منها غطاءً لخداع الشعوب يعني أن الأمريكي حرص على أن يستخدم أسلوب الخداع مع الشعوب ومع الأنظمة، فيأتي بعناوين وهو يريد أن يُقنع الآخرين بها (أنا أريد أن أدخل إلى بلدكم وأتحكم في وضعكم الأمني والسياسي والاقتصادي وأضع لي قواعد في بلدكم عسكرية وأنتهك سيادة بلدكم أن يبقى جوكم لطائراتي وأرضكم لقواعدي العسكرية وأن أكون نافذاً وحاضراً في كل سياساتكم وكل برامجكم وكل خططكم وكل أنشطتكم أن أكون أنا الموجه، وأن أكون أنا المعلم، وأن أكون أنا من يحدد ومن يأمر ومن يقرر من أجل أن أحارب الإرهاب وأكافح الإرهاب) ثم يأتون فيقولون له: تفضل، فيأتي. كان قد وصل به الحد أن يسعى للتدخل حتى في القضاء وفي الأوقاف، وفي كل الأمور يعني يريد أن يتدخل في كل شيء.
ثالثاً: الوعي بمتطلبات الموقف وعملية الاستنهاض والتحريك؛ لأنه لا يكفي أن يكون هناك مجرد توعية، كلام هكذا فاضي من دون أن يكون هناك مواقف، من دون أن يكون هناك تحرك عملي، وهو أيضاً لتوجيه بوصلة العداء نحو العدو الذي يراد له في سعيه ومن خلال أدواته أن يتحول هو إلى من يقود الأمة، أن يكون الأمريكي من يقود الأمة الإسلامية أن يكون هو إمام المسلمين وقائد الأمة الإسلامية الذي يوجه الذي يأمر، الذي يجتمع حوله الجميع ليحدد لهم واجباتهم ومسؤولياتهم ويطلق لهم التوجيهات والأوامر.[من محاضرة الصرخة للسيد عبد الملك 1438هـ]
وهكذا السيد حسين رضوان الله عليه حطَّم جدار الصمت، وأخرج الأمة من حالة السكوت إلى الموقف، من حالة اللاموقف إلى الموقف، وهذه خطوة مهمة في واقع الأمة، بدلاً من أن تبقى الأمة صامتة! لا موقف لها! ولا تحرك لها! وتبقى على النحو الذي يريده أعداؤها منها، لا، يجب أن تتحرك الأمة، وأن تعبر عن حالة سخطها وعدائها لأولئك الظالمين والعابثين والمستكبرين في الأرض، هذه مسألة مهمة، هذه تواجه حالة معينة، مشروع معين تشتغل عليه أمريكا وتتحرك أيضاً على أساسه إسرائيل.
من كتيب (ثورة الواحد والعشرين من سبتمبر الاسباب والنتائج والتحديات) إعداد الاستاذ يحي قاسم ابو عواضة