مـوقع دائرة الثقافة القرآنية – تقارير – 16 شعبان 1443هــ
تنفّست مدينة الحديدة الساحلية الصعداء، بعد انسحاب الميليشيات الموالية للتحالف السعودي – الإماراتي من تخومها صبيحة الـ10 من تشرين الثاني الفائت، لكنها إلى الآن لم تنفض غبار الحرب عنها، حيث لا تزال آثار الدمار ومخاطر الألغام ماثلة في معظم أحيائها الجنوبية والجنوبية الغربية، فيما الكثير من سكّانها الذين أجبرتهم المعارك أواخر عام 2018، على مغادرة منازلهم وترك أعمالهم والنزوح نحو مدن أخرى، لم يعودوا إليها، بسبب تعرّض ممتلكاتهم للتدمير الممنهج والنهب. «الأخبار» عاينت، في جولة على المدينة، تبعات المواجهات التي شهدها عدد من أحيائها، التي تحوّلت إلى ساحة حرب حقيقية بين الجيش اليمني و«اللجان الشعبية» والميليشيات الموالية للإمارات. ما إن تطأ قدماك طريق كيلو 16، حتى تستقبلك إعلانات تحذيرية من خطر الخروج إلى جانبَي الطريق بسبب انتشار كميات كبيرة من الألغام. ومع التقدّم في اتّجاه شارع صنعاء، أحد أكبر شوارع الحديدة، وحيّ سبعة يوليو، وأحياء المطار وصوامع الغلال وكيلو 7، ومحيط مدينة الصالح، تتكاثر مشاهد الخراب، التي لم تستثنِ أيضاً منطقتَي الطائف والنخيلة ومديريات الدريهمي الواقعة جنوب المدينة بـ10 كلم، والتي تعرّضت لحصار مطبق لأكثر من عامين، قبل أن تتحرّر مطلع تشرين الثاني 2021. والحال نفسه ينسحب، كذلك، على مناطق الجاح والفازة والتحيتا، وصولاً إلى محيط مدينتَي الخوخة وحيس جنوب الحديدة (على بعد 170 كلم)، وهي مناطق أخلتها الميليشيات المدعومة إماراتياً فجأة أواخر العام الفائت، لتزول بانسحابها الكثير من المخاطر التي كانت محدقة بالمدينة.
وكانت سيطرة قوات صنعاء على منطقة كيلو 16 أعادت إلى شوارع المدينة وأسواقها القديمة والحديثة نشاطها، حيث بدأت عملية صيانة الطرقات الرابطة بين المديريات، فيما باشرت السلطات المحلية عملية نزع الألغام بشكل تدريجي. ووفقاً لتقرير حديث صادر عن «المركز التنفيذي للتعامل مع الألغام» في صنعاء، فقد سُجّل مقتل وإصابة ما يقرب من 150 مدنياً جرّاء القنابل العنقودية في محافظة الحديدة خلال الفترة الأخيرة، وهو ما يشكّل، بحسب المركز، «كارثة» تتطلّب من المنظّمات المعنيّة تقديم الدعم لتأشير المناطق الخطرة، بهدف الحدّ من سقوط الضحايا. وأوضح المركز أنّ نتائج المسح غير التقني الذي نُفّذ من قِبَله في مديريات الحالي، الحوك، الميناء، التحيتا، الدريهمي وبيت الفقيه، التابعة للمحافظة، شملت 100 منطقة وعزلة متأثّرة، وبمساحة تُقدّر بـ40 مليون متر مربع، 40% منها مناطق سكنية.
لا تزال آثار الدمار ومخاطر الألغام ماثلة في معظم الأحياء الجنوبية والجنوبية الغربية
من جانبها، تُفيد منظّمة «تهامة للحقوق والتنمية والتراث الإنساني» بأن 7217 مدنياً سقطوا بين شهيد وجريح في محافظة الحديدة، منذ بدء العدوان عام 2015 وحتى العام الماضي. وتُوثّق إحصائية صادرة عن المنظّمة تدمير مطارَين في المحافظة، و19 ألفاً و948 منزلاً، و12ميناء، و86 مستشفى ومركزاً صحياً، و78 شبكة ومحطّة اتصالات، و3530 منشأة تجارية وسياحية. كما تُوثّق استهداف 68 سوقاً شعبية، و1723 حقلاً زراعياً، و581 خزاناً وشبكة مياه، و928 طريقاً وجسراً، و445 قارب صيد، و84 محطة وقود، وثلاث سفن، و125 محطّة ومولّد كهرباء، و263 مسجداً، و105 مصانع، و31 معلماً أثرياً، و67 ناقلة وقود، و19 مقبرة. واستهدف العدوان، كذلك، وفقاً للإحصائية، 238 شاحنة غذائية، و274 مخزن غذاء، و18مخيماً، و38 معدة زراعية، و79 مزرعة دجاج وتربية مواش، و1174 سيارة، و17 نقطة ومنفذ في مختلف مديريات المحافظة.
وفي الآونة الأخيرة، شدّد «التحالف» حصاره الخانق على مدينة الحديدة، ومنع دخول عدد من السفن المحمّلة بالمشتقّات النفطية إلى الميناء. وفي الموازاة، قطعت الميليشيات الموالية لأبو ظبي، مطلع العام الجاري، الخطّ الدولي الساحلي الذي يربط مدينة الحديدة بمدينة المخا وميناء عدن، وهو ما تسبّب بتراجع الحركة والنشاط التجاري في المدينة بشكل لافت.
الاخبار اللبنانية