مـوقع دائرة الثقافة القرآنية – تقارير – 19 شوال 1444هـ
موقع الخنادق
بشكل رسمي، أعلنت جامعة الدول العربية، بأغلب أعضائها الذين شاركوا في الحرب الكونية على سوريا بقيادة أمريكا، عن هزيمتهم المدوّية أمام سوريا برئيسها وجيشها وشعبها وحلفائها، بالرغم من كل تريليونات الدولار الأمريكي وآلاف الأطنان من الأسلحة وعشرات الآلاف من الإرهابيين، الذي جيّرهم المعسكر الأمريكي لضرب البلد الذي يشكل عقدة وصل محور المقاومة.
فبالأمس الأحد، أقرّ وزراء الخارجية العرب في اجتماعهم، قرارا ينص على عودة سوريا لشغل مقعدها في الجامعة، واستئناف مشاركة وفود حكومة دمشق في اجتماعاتها، بعد غياب طال 11 سنة، بسبب سعيهم حينه الى حصارها وابتزازها.
وقد جاء في بيان الوزراء أنه تقرر استئناف “مشاركة وفود حكومة الجمهورية العربية السورية في اجتماعات مجلس جامعة الدول العربية، وجميع المنظمات والأجهزة التابعة لها اعتبارا من 7 مايو / أيار 2023″. وأضاف البيان التأكيد على ما وصفه بـ”الحرص على إطلاق دور عربي قيادي في جهود حل الأزمة السورية وانعكاساتها وضمنها أزمات اللجوء وتهريب المخدرات وخطر الإرهاب” (وهو ما يمكننا اعتباره لزوم ما لا يلزم لحفظ ماء وجوه هذه الدول بعد سنوات من ادعاء حرصهم على الشعب السوري).
لكن اللافت كان تصريح وزير الخارجية المصري سامح شكري خلال كلمته بالجلسة الافتتاحية لوزراء الخارجية العرب، بأنه لا حلّ عسكريا للأزمة السورية. معبّراً عن الاقتناع بأن السبيل الوحيد لتسويتها هو بالحلّ السياسي بملكية سورية خالصة، وهو ما يتناقض بشكل جذري مع موقف سلطات بلاده ذلك الوقت.
أما الدول المعترضة على إعادة تفعيل عضوية سوريا في الجامعة كقطر، فقد بررت عجزها عن منع ذلك بالقول بأنها تدعم “ما يحقق الإجماع العربي، وإنها لن تكون عائقا في سبيل ذلك، لكن الموقف الرسمي من التطبيع مع النظام السوري لم يتغير”. متطلعةً “إلى أن يكون الموقف العربي دافعا للنظام السوري لمعالجة جذور الأزمة التي أدت إلى مقاطعته”.
موقف الإدارة الأمريكية
أمّا اللافت أكثر من كل ذلك هو موقف الإدارة الأمريكية، الذي أظهر نوعاً من العجز وعدم القدرة على التأثير على حلفائها من الدول العربية، عندما قال المتحدث باسم وزارة خارجيتها، أن واشنطن لا تعتقد بأن سوريا تستحق العودة إلى الجامعة العربية في هذه المرحلة، لكنها تفهم أن شركائها يسعون للتواصل المباشر مع الرئيس السوري، لمزيد من الضغط باتجاه حل الأزمة السورية. مضيفاً بأن إدارته تشكك فيما وصفه بـ “رغبة الأسد في حل الأزمة السورية”، لكنها تتفق مع شركائها العرب حول الأهداف النهائية.
وهذا يؤكد بأن الإدارة الأمريكية ليست قادرة على التأثير في هذا الملف، وهذا ما كشفه رئيس ما يسمى بهيئة التفاوض السورية المعارضة بدر جاموس، في معرض انتقاده لـ”جهود التطبيع العربي مع النظام”، حينما اعتبر بأن موقف واشنطن “ثابت لم يتغير، ربما هناك ضعف في التصرفات ولكن الموقف ثابت”. كما كشف داموس بأن الدول العربية التي زارها مع وفد من الهيئة أخبرته بأن قيامها بإعادة العلاقات مع الحكومة السورية هو “لمصلحة السوريين”، وأنه “لا يمكن استمرار الأزمة 12 عاما، ولم تنجح محاولات السياسة القديمة بغلق الباب على النظام، ولا توجد قوة ستذهب لإسقاطه، فيجب الحديث معه لإيجاد الحلول”. وهو اعتراف إضافي بأن ما نشهده في هذه المرحلة، هو اعتراف بالفشل والهزيمة أمام سوريا، وأن كل شعارات الحوار من أجل حل الأزمة السورية، هي ذريعة لعدم إظهار ذلك.
وفي المحصّلة، ستكون مشاركة الرئيس السوري بشار الأسد في اجتماعات القمة العربية المقبلة (ستنعقد في الـ 19 من أيار / مايو في العاصمة السعودية الرياض)، تتويجاً آخراً للانتصار، وتأكيداً على فك العزلة والحصار العربيين دون أي قيد أو شرط.