مـوقع دائرة الثقافة القرآنية – تقارير – 28 جمادى الأولى 1443هــ
بدأ عام 2021 مع تولي جو بايدن للرئاسة في أمريكا، حيث يتمتع السيناتور السابق بسجل طويل مؤيد لإسرائيل، وقد دعمت إدارته هذه “السمعة” على الفور، إذ أعلن مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية أن بايدن “يحتضن ويدافع” عن التعريف الجديد المثير للجدل لمعاداة السامية، الذي يرعاه التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست، وقال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إن الإدارة تعتبر القدس عاصمة لإسرائيل، وأشادت الإدارة كذلك باتفاقيات إبراهام وصفقات الرئيس السابق دونالد ترامب الضخمة للأسلحة المصممة لعزل الفلسطينيين، وتعامل البيت الأبيض مع قرارات الإدارة السابقة وكأنها جزء من خطة سلام تاريخية.
وكانت هناك إشارات واضحة على الفور بأن الكونغرس لن يدخل حقبة جديدة، حيث صوت ثلاثة فقط من أعضاء مجلس الشيوخ ضد تعديل الحزب الجمهوري لإبقاء السفارة الأمريكية في القدس.
ونقل موقع “مونديز” عن سمية عوض، مديرة الإستراتيجية والاتصالات في مشروع عدالة، قولها إن ترامب قد تسبب في إحداث الفوضى فيما يتعلق بفلسطين إلا أن بايدن أظهر بأنه لا ينوي عكس سياسات ترامب المروعة، مشيرة إلى أن بايدن لم يتحرك فيما يتعلق بالتوسع الاستيطاني أو صفقات التطبيع مع الطغاة العرب كما أن العقوبات لا تزال مفروضة على إيران ولا تزال السلطات تحتجز الأطفال على الحدود مع المكسيك، ولا تزال قوانين الهجرة صارمة.
وأكدت عوض أن حركة التضامن مع فلسطين لا تزال تتعرض للتشويه والاضطهاد في عهد بايدن، وفي الواقع، لم يكن هناك أي تأثير إيجابي لوجود بايدن في المنصب على حياة الفلسطينيين، وأشارت عوض إلى أن بايدن هو الذي هرع إلى إسرائيل قبل وقت قصير من نهاية فترة الرئيس الأسبق باراك أوباما لتأمين حزمة التمويل العسكري البالغة 38 مليار دولار.
وأشار “موندويز” إلى أن عمليات الإخلاء القسري في حي الشيخ جراح والهجوم الوحشي على غزة، الذي أسفر عن استشهاد مئات المدنيين، 66 منهم من الأطفال، كان بدعم من إدارة بايدن، التي وافقت على تزويد إسرائيل بأسلحة أخرى بقيمة 735 مليون دولار لإسرائيل في ذروة المذبحة.
وعلى الرغم من هذه الانتكاسات، إلا أن مجلس النواب الأمريكي شهد لحظات بارزة، حيث قدمت النائبة بيتي ماكولوم مشروع قانون تاريخي يسعى إلى إنهاء تواطؤ الولايات المتحدة مع انتهاكات إسرائيل لحقوق الإنسان، وقالت ماكولوم إنه لا يجوز أبداً استخدام المساعدة الأمريكية المخصصة لأمن إسرائيل لانتهاك الحقوق الإنسانية لأطفال فلسطين أو هدم منازل العائلات الفلسطينية، كما أكدت على ضرورة أن يتوقف الكونغرس عن تجاهل سوء المعاملة الجائرة والقاسية بشكل صارخ ضد أطفال فلسطين، والعائلات التي تعيش تحت الاحتلال العسكري الإسرائيلي.
وسلط الموقع الضوء على الانتصارات الضخمة التي حققتها حركة مقاطعة إسرائيل في الولايات المتحدة، إذ أشار الكاتب إلى نجاح النشطاء بمنع سفينة شحن إسرائيلية من تفريغ حمولتها في أوكلاند، كما أعلنت رابطة التعليم في سياتل مقاطعتها لعدة شركات تتعامل مع إسرائيل وطلب المئات من العاملين في غوغل وأمازون من إدارة الشركات التوقف عن تقديم الخدمات السحابية للجيش الإسرائيلي، وكان هناك الكثير من الجهود العالمية لدعم المنظمات الحقوقية التي صنفتها إسرائيل على أنها إرهابية، وتوقفت شركة “بن آند جيري” عن بيع المنتجات في المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة.
وفي سياق متصل، حذَّر وزير شؤون الشتات الإسرائيلي نحمان شاي من أن استمرار دعم اليهود الأمريكيين التقدميين لحركة “مقاطعة إسرائيل” (BDS)، المعروفة اختصاراً بحركة المقاطعة، التي يقودها فلسطينيون وناشطون في حركة “حياة السود مهمة” (BLM) قد يهدد بخسارة إسرائيل لدعم الولايات المتحدة.
جاء ذلك في بودكاست استضافته “اللجنة اليهودية الأمريكية”، وفق ما ذكره موقع Middle East Eye البريطاني، الثلاثاء 10 أغسطس/آب 2021، حيث أوضح شاي أن إسرائيل إذا أرادت التصدي لهذا المسار فإن عليها أن تمنح مزيداً من الاستثمار والعناية لعلاقاتها مع اليهود الأمريكيين.
كما قال شاي: “إذا سمحنا بانضمام المزيد من اليسار الراديكالي واليهود الليبراليين التقدميين إلى دعم حملة مقاطعة إسرائيل وحركة (حياة السود مهمة)، وغيرها من الحركات المناصرة للفلسطينيين… التي [توصف] بأنها دولة إبادة جماعية أو دولة فصل عنصري، فقد نخسر أمريكا”.
تأتي تعليقات الوزير الإسرائيلي وسط حالة انقسام تتصاعد بين الحكومات الإسرائيلية اليمينية ويهود أمريكا، وهم أقلية ليبرالية تاريخياً في الولايات المتحدة.
في يوليو/تموز الماضي، وجد استطلاع لآراء الناخبين اليهود الأمريكيين، أُجري بعد أسابيع فقط من الهجوم الإسرائيلي الأخير على غزة، أن ربع المشاركين في الاستطلاع يوافقون على القول إن “إسرائيل دولة فصل عنصري”، إضافة إلى نسبة أكبر من المشاركين، تصل إلى 28%، قالت إنها لا تجد في هذا التصريح معاداة للسامية.
خلص الاستطلاع، الذي أجراه “معهد الناخبين اليهود”، إلى أن 34% أقروا بأن “معاملة إسرائيل للفلسطينيين تُماثل العنصرية في الولايات المتحدة”، كما أيَّد 22% من المشاركين الرأي القائل إن “إسرائيل ترتكب إبادة جماعية ضد الفلسطينيين”.
هذ وقال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية واصل أبو يوسف: “بمرور ما يقارب من العام على وصول الرئيس الأمريكي إلى البيت الأبيض لا يوجد أي شيء جدي يمكن أن يشكل أولوية، فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، على أجندة الإدارة الأمريكية”.
وأضاف: “يبدو أن هناك قضايا بالنسبة للإدارة الأمريكية أهم، بما فيها التحالف الاستراتيجي والشراكة مع إسرائيل”.
بدوره رأى الباحث الفلسطيني وائل المبحوح، أن السياسة الأمريكية تجاه فلسطين اتسمت بالانسجام التام مع السياسات الإسرائيلية، بل وبوقوف الولايات المتحدة، دائماً، موقفاً متصلباً منحازاً بشكلٍ واضحٍ لـ”إسرائيل”، على الرغم من محاولتها إظهار شيءٍ من التوازن أحياناً.
المصدر: الوقت التحليلي