مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

أحمد الهادي
تشكل قضية نزع سلاح المقاومة الفلسطينية وتجريد قطاع غزة من أدوات الدفاع محورًا لاستراتيجيةٍ خطيرة، يتبناها العدو الإسرائيلي بدعمٍ أمريكي وأوروبي، وتلقى –للأسف– رواجًا لدى بعض الأنظمة العربية، وعلى رأسها الموقف المصري. هذا التوجه لا يهدف فقط إلى إخضاع الفلسطينيين، بل يسعى لتحويلهم إلى فريسةٍ سهلة للاحتلال الإسرائيلي، تمهيدًا لتصفية القضية الفلسطينية كليًّا. 

السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي، في خطابه الأخير، كشف عن هذه المخططات، مُستندًا إلى وقائع تاريخية وحقائق راهنة، مؤكدًا أن نزع السلاح هو “سعيٌ لتحويل الشعوب إلى خِرافٍ تُذبح بلا رادع”. 

هذا التقرير يُلقي الضوء على الأجندة الخفية وراء دعوات نزع السلاح، وانعكاساتها على فلسطين ولبنان، مع استحضار شهادات تاريخية من كلام السيد القائد. 

 

الأولوية المُغيّبة… تحرير الأرض أم تسليم السلاح؟

 

يسعى العدو الإسرائيلي إلى تحويل الصراع في لبنان من قضية تحرير الأراضي المحتلة إلى قضية “تهديدات أمنية” تبرر نزع سلاح المقاومة. لكن السيد القائد يُحدِّد الأولوية الحقيقية بقوله: “الأولوية الوطنية، رسمياً، وشعبياً، هي: العمل على إخراج العدو الإسرائيلي مما هو محتلٌ له في الأراضي اللبنانية، وفي نفس الوقت الإيقاف لاعتداءاته، وإرغامه على الالتزام بالاتِّفاق، والإعادة للإعمار، هذه الأولوية الوطنية، الصحيحة، لـذلك لا ينبغي التجاهل لهذه الأولوية، والذهاب نحو تبنِّي أولويات العدو الإسرائيلي، بالمطالبة بتسليم سلاح المقاومة، هذا غير صحيح إطلاقاً”.

هنا تُختزل المعادلة: بدلًا من الضغط على العدو الإسرائيلي لإنهاء احتلاله من (مزارع شبعا، والخمس النقاط المحتلة مؤخرا)، تُصبح الأولوية تفكيك المقاومة، التي تُعدّ الحاجز الوحيد ضد تمدد العدو الإسرائيلي. ويُضيف السيد: “العدو الإسرائيلي ما يعمله في قطاع غَزَّة وفلسطين بشكلٍ عام وضد لبنان بشكلٍ يومي وما يعمله في سوريا كل هذا شاهدٌ واضح على أن شعوبنا بحاجة مُلِحَّة، وحاجة ضرورية، إلى أن تمتلك إمكانات الردع والحماية”.

 

 

سلاح الضحية… جريمةٌ أم حقٌّ؟

 بينما يمتلك العدو الإسرائيلي ترسانةً نووية ويقصف المدنيين بأسلحة محرَّمة دوليًّا، يُطالب العالم بنزع سلاح شعبٍ يُذبح يوميًّا. وفي هذا الصدد يستنكر السيد القائد هذه المعايير المزدوجة بالقول: “العدو الإسرائيلي… يستخدم أعتى السلاح، وأفتك أنواع القنابل، لاستهداف النازحين المدنيين في خيامهم القماشية، ويعتدي على المستشفيات، يُدَمِّرها، يقتحمها، يقتحم حَضَّانات الأطفال الخُّدَّج والرُّضَّع ويقوم بإبادتهم… من هو الذي لا ينبغي أن يقتني السلاح، ولا أن يمتلك السلاح؟ أليس هو العدو الإسرائيلي، بكل ما هو عليه من إجرام ووحشية”.

ويُؤكد أن السلاح ليس ترفًا للفلسطينيين، بل ضرورةٌ وجودية: “الشعب الفلسطيني هو الأولى بامتلاك السلاح؛ لأنه صاحب الحق، وفي نفس الوقت هو المعتدى عليه، وهو الذي يمتلك مجاهدوه الضوابط، والالتزامات الإنسانية والأخلاقية، لاستخدام هذا السلاح في الإطار المشروع والحق، وليس في إطار الإجرام والطغيان والعدوان”.

 

تاريخ الفلسطيني مع نزع السلاح: من النكبة إلى أوسلو

 يستعرض السيد القائد سلسلةً من المحطات التاريخية التي أثبتت أن نزع السلاح كان دائمًا مقدمةً لمجازر جديدة: 

 

1. عام 1948: السلطات المصرية والأردنية تسحب أسلحة المقاومة بعد النكبة ، قامت الأنظمة العربية بسحب أسلحة الفلسطينيين، تاركة إياهم بلا حماية.  يقول السيد القائد:  “بعد النكبة في العام 48، قامت آنذاك السلطات المصرية والأردنية، التي تولَّت إدارة قطاع غَزَّة والضِّفَّة الغربية، بسحب سلاح المجموعات الفلسطينية والأهالي، ثم فيما بعد ذلك ماذا حدث؟ تركوهم فريسةً في نكسة العام 67، كان هذا هو التَّوَجُّه الخاطئ، كان المفترض هو تسليحهم، تدريبهم، تجيِّشهم، التمكين لهم من وسائل الحماية ووسائل القُوَّة والردع”.

 

2. عام 1982: نزع سلاح منظمة التحرير في لبنان

   بعد خروج المقاومة الفلسطينية من لبنان، ارتكب العدو الإسرائيلي مجزرة صبرا وشاتيلا:  كذلك بعد الغزو الصهيوني للبنان، وافقت آنذاك (منظمة التحرير الفلسطينية) على التخلِّي عن سلاحها، في العام 82، وبعدها بأيام فقط حدثت مجزرة (صبرا وشاتيلا)، التي ذُبح فيها الآلاف من الفلسطينيين”. 

 

3. عام 1993: اتفاقية أوسلو… تحويل السلطة إلى “شرطي أمن”

   أدت الاتفاقية إلى إفراغ المقاومة من مضمونها:  “وصولاً- فيما بعد ذلك- إلى (اتِّفاقية أوسلو) في العام 93، والتي أفضت إلى نزع سلاح (حركة فتح)، وتحويلها (تحويل السلطة الفلسطينية) إلى شرطي أمن العدو الإسرائيلي، وإسقاط خيار الكفاح المسلَّح بعد ذلك، والنتيجة ما هي؟ من تلك الفترة إلى الآن كل ما يحدث هو مؤامرات ومشاريع؛ لتصفية الوجود الفلسطيني على كامل جغرافيا فلسطين”.

 

الدور العربي: من الصمت إلى التواطؤ

 لا يقتصر الموقف العربي على الصمت، بل يصل إلى تبني المطالب “الإسرائيلية”. يقول السيد القائد: “في هذه الآونة الأخيرة تصاعد الحديث عن مسألة نزع سلاح المقاومة: في فلسطين (في قطاع غَزَّة)، وفي لبنان أيضاً، وهذا شيءٌ مؤسفٌ جدًّا، حينما يكون هناك تبنٍ من بعض الأنظمة العربية، وبعض القوى والأصوات العربية، لهذا الطرح الإسرائيلي والأمريكي، معنى ذلك: أن يتحوّل الشعب الفلسطيني والشعوب العربية إلى مجرَّد خرفان، يذبحها العدو في عيد الفصح، أو عيد المساخر… أو أي مناسبة، أو حتى بغير مناسبة”.

هذا التواطؤ ليس جديدًا، بل هو امتدادٌ لدورٍ تاريخي في إضعاف الفلسطينيين، كما حدث في 1948 و1967. اليوم، يُعاد الكَرّة تحت شعارات زائفة:”حينما يطرح اليوم تهجير الشعب الفلسطيني حتى من قطاع غَزَّة، معنى ذلك: التبنِّي لتهجيره من كل فلسطين”.

 

البوسنة وميانمار: دروسٌ لمن يعتبر

يستحضر السيد القائد أمثلةً عالميةً تُظهر عواقب تجريد الشعوب من السلاح: 

– البوسنة: عندما أوقف السلاحُ الإبادة عانى المسلمون في البوسنة من إبادةٍ جماعية حتى بدأوا بالدفاع عن أنفسهم: “نعرف كمسلمين ما حدث على المسلمين سابقاً في (البوسنة والهرسك)… عندما بدأ المسلمون يمتلكون هناك وسائل الحماية والقُوَّة، توفَّر لهم القليل جدًّا من السلاح؛ حينها تم الاتِّفاق على إيقاف تلك الجرائم، ووقف إطلاق النار، وهكذا هو الحال”.

 – ميانمار: الصمت الدولي على إبادة الروهينغا، شهد العالم صمتًا مريبًا على جرائم الإبادة: “ما حصل على المسلمين في (ميانمار)، إبادة جماعية، ولم يفدهم أحدٌ بشيء، لم يتدخَّل أحدٌ لحمايتهم، أي شعب مسلم يستباح، يُقْتَل، لا يتدخَّل أحد، لا تفعل لهم الأمم المُتَّحِدة شيئاً، ولا مجلس الأمن شيئاً؛ أمَّا الأوروبيون وغيرهم من اليهود والنصارى، هم- أصلاً- يبتهجون بذلك، إن لم يكونوا هم من يشارك، ومن يدعم، أو يتبنى، أو هو الذي يفعل”.

 

السلاح… أو الفناء 

 خطاب السيد القائد يُلخّص في هذه الجزئية المأساة في جملةٍ واحدة: “التبنِّي لمسألة أن تكون شعوبنا منزوعة السلاح… يعني: أن تكون بدون حماية، أن تكون مستباحة، أن تقتل بكل بساطة، بدون ردة فعل، وإلَّا فمن الذي يوفِّر لها الحماية؟”.

نزع سلاح غزة ولبنان ليس طريقًا للسلام، بل هو استسلامٌ لمشروع العدو التهجيري. هذه الرسالة ليست تحذيرًا للفلسطينيين فحسب، بل لكل أمةٍ تُريد الحفاظ على وجودها. فكما قال السيد القائد: “شعوبنا نحن، أُمَّتنا نحن، بلداننا نحن، بحاجة إلى أن تمتلك إمكانيات الحماية؛ لتحمي نفسها، لتدافع عن نفسها خطر عدوٍ يقتل، يُدَمِّر، يحتل، ينهب، يختطف، يمارس كل الجرائم بحقها”.


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر