مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

في الوقت الّذي اكتسح فيه الشّعار السّاحة في محافظة صعدة، كان منزل (السّيد) بمنطقة مرّان يستقبل وفود الزّوار يوميّاً، القادمين من محافظات مختلفة، من سياسيّين، وعلماء, وقضاة, ودعاة, وشخصيّات اجتماعيّة, ويسحرهم (السّيد) بأخلاقه العظيمة, وتواضعه الجمّ, وفهمه العميق الذي آتاه الله للقرآن الكريم, ولا يعودون من عنده إلاّ بقناعة راسخة رسوخ الجبال الرواسي.

واصل الشّعار مسيرته باتجاه كلّ شيء ممكن, المدرسة, والمسجد, البيت, والشارع, الأشجار, والأحجار, السّهل, والجبل, كلّ شيء هنا يتكلّم, وله لسان, وشعار الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل, يتردّد في كلّ مكان.

أمام هذا التّقدم السّريع والانتصارات السّاحقة, كانت العيون الإقليميّة والدّوليّة ترصد الأحداث, وتقرأ الأخبار أوّلاً بأول, حينها كانت "صنعاء" العاصمة على موعد مع الصّرخة في وجه المستكبرين, وبدأ الشّعار يردّد في الجامع الكبير بصنعاء, حيث السّفارة الأمريكيّة, والتّمثيل الدّبلوماسيّ العالميّ, وأصبح اليمن مناهضاً للسّياسة الأمريكيّة والإسرائيليّة, وهذا ما لا تقبل به السّلطة بحال من الأحوال, حيث وضعت الرّئاسة الأجهزة الأمنيّة والعسكريّة في حالة التأهب, والاستنفار لمواجهة الصّرخة, ومحاولة وأدها في مرحلتها الثّانية, وأحكمت أجهزة الأمن القومي والسّياسي سيطرتهما على ساحة الجامع لكبير بصنعاء, وجعلت منه مسرحاً لأجهزتها القمعيّة, ومقرّاً دائماً لعناصرها, لتبوء مرّة أخرى كلّ تلك المحاولات بالفشل الذّريع, ويستمرّ المجاهدون بالتّوافد على الجامع الكبير كلّ يوم الجمعة, من كل أسبوع, رغم الاعتقالات, والاعتداءات المستمرّة, إلاّ أنّ المجاهدين لم يزدادوا من كلّ ذلك إلاّ قوّة وصلابة, وعزماً لا يلين, مرّت أشهر عدّة, وعدد المعتقلين على ذمّة الشّعار يزداد يوماً بعد آخر, مما أضطرّ السّلطات لتوزيع المجاهدين على سجون الأمن السّياسيّ بالمحافظات, ليصل عدد المكبّرين إلى قرابة الألف, وبدأت بعض الصّحف المحليّة, والإقليميّة, والدّولية, تتناول أخبار المعتقلين كلّ أسبوع, وتنشر اسماءهم على صدر صفحاتها.

الغضب الأمريكيّ من تنامي العداء الدّيني في المساجد اليمنيّة يزداد يوماً بعد آخر, فيما السّلطات تحاول استخدام كلّ الأوراق في سبيل الحدّ من الشّعار وإنهائه, بما فيها الورقة الدّينيّة, ودفعت ببعض العلماء وخدعتهم, للإفتاء بحرمة ترديد الشّعار في المساجد, واستقدمت عدداً من العلماء, والدعاة, والخطباء إلى السّجون لمحاورة الشّباب, وإقناعهم ببطلان الشّعار, وثنيهم عنه, مستعينة بعلماء ودعاة من خارج اليمن, أمثال الدّاعية المصريّ "عمرو خالد", لتتبخّر كلّ تلك المحاولات, وتبوء بالفشل مرّة تلو أخرى, عندها قرّرت السّلطات الإفراج عن المعتقلين, مقابل التّوقيع على تعهدات خطيّة بعدم ترديد الشّعار واتّباع السّيد حسين, ونشر الثّقافة القرآنيّة, إلاّ أنّها اصطدمت برجال أقوياء صدقوا ما عاهدوا الله عليه, وظلّ الشّباب على موقفهم يصدحون بالشّعار ليلاً ونهاراً داخل السّجون, والمعتقلات, فقرّرت السّلطات التضييق عليهم داخل السجون, وتعذيبهم معنويّاً وجسديّاً, والتّقليل من الغذاء, ومنع الدّواء, والزّيارة, واستخدام العنف المفرط, والقنابل الغازيّة, وبقي الشّباب على عهدهم ووعدهم, مهما كان حجم الضّغوط والتّحديات.

وعلى أرض الميدان كان الشّعار يكتسح السّاحة بخطوات حكيمة ومتسارعة, والمكبرون يتواجدون بكثرة في كلّ مكان, بما فيه العاصمة صنعاء, وأخذت الصّرخة منحىً تصعيديّاً آخر, حيث انتشرت اللاّفتات القماشيّة الّتي كُتب عليها الشّعار فوق أسطح البيوت, ويعتلي الشّباب أسطح المنازل السّاعة التّاسعة مساءً, ويصرخون بالشّعار دون خوف أو وجل.

أ-التّهديد والوعيد

لم تقتنع الولايات المتّحدة الأمريكيّة بخطوات النّظام في اليمن, وكلّ ما قام به في سبيلها محاولاً إنهاء الصّرخة, وتكميم الأفواه, لذا صعّدت من لهجة احتجاجها مع الحكومة اليمنيّة, وقد نشرت مجلّة "المجلّة" اللندنية في حينه في عددين متتابعين اخبار الشّعار, وذكرت أنّ الولايات المتّحدة الأمريكيّة تقدّمت بمذكرتيّ احتجاج للحكومة اليمنيّة تشكو فيها من تنامي العداء الدّيني في المساجد اليمنية, وفي بداية العام 2004م عقدت وزارة الأوقاف دورة تدريبيّة لخطباء المساجد في محافظة صعدة, محذرةً من الغلوّ والتّطرف الديني, وقد حرصت على تضمين فريقها بعضاً من علماء الزيديّة, فيما كان الغرض شيئاً آخر, وعقد وزير الأوقاف حينها لقاءً خاصاً مع قيادة المحافظة, وبعض علماء الزيدية بمحافظة صعدة حضره من حضره منهم, وطلب منهم التّوقيع على بيان إدانة للسّيد/ حسين بدر الدين الحوثي, تحت عنوان النّقد والتّبين, وغرّهم واستدرجهم إلى ذلك, ليطير بعد التّوقيعات مباشرة إلى العاصمة صنعاء, معرّجا على بعض العلماء في صنعاء ليضيف توقيعاتهم إلى ورقة البيان المزعوم, ليتفاجأ موقعو البيان بنشره في جريدة "الثورة" الرّسمية, وقراءته من إذاعة صنعاء, تحت عنوان "علماء الزيديّة يعلنون برآءتهم من الحوثي وأتباعه", ويحذّرون من أفكاره, فَهمَ من فَهم أنّ هذا كان بمثابة إعلان الحرب على السيّد, والتي باتت إرهاصاتها تلوح في الأفق.

وفي الميدان كان رسلاء من الرّئيس السّابق (صالح) قد وجههم للقاء السّيد/ حسين وإبلاغه رسائل التّهديد والوعيد بالحرب, ما لم يعلن توقّفه عن الشّعار, وممارسة النّشاط الدّيني القرآني, استعان السّيد بالله, وتوكّل عليه, ولم تأخذه في الله لومة لآئم, ووضّح, وبين لهم, وللرّئيس بما فيه الكفاية, وقرر مواصلة السّير واثقاً بالنّصر والتأييد من الله المعين, ووجّه للرئيس رسالةً خطيّة يطمئنه فيها من سلامة الموقف, وصدق النّوايا, وهذا نصّها:

(فخامة الأخ علي عبد الله صالح الأكرم السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

وصل إلينا الوالد غالب المؤيد, والأخ يحي بدرالدين الحوثي, والأخ الشيخ صالح علي الوجمان, وتمّ التّحدث معهم في أمور كثيرة, ومنها ما ظهر منكم من انزعاج منّا, وقد أثار هذا استغرابنا, لأنني متأكد أنّه لم يحصل من جانبي ما يثير لديكم هذا الشعور, وما أعمله إنّما هو انطلاق من الواجب الدّيني والوطني ضدّ أعداء الدّين والأمّة أمريكا وإسرائيل, فلا تصغوا لتهويل المغرضين والمنافقين, واطمئنوا من جانبنا فنحن لا نكيد لكم, ولا نتآمر ضدّكم, وماضينا وحاضرنا يشهد بهذا, ويفضح المغرضين, وعند لقائنا بكم إن شاء الله سيتمّ التّحدث معكم في الأمور التي تهمّكم, وتهمّ الجميع, والإخوان سوف يوضحون لكم تفاصيل حديثنا معهم, والسّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أخوكم/حسين بدر الدين الحوثي 8 ربيع الأول 1425هـ)

كانت اللجان تعود بقناعة تامّة بصحة موقف السّيد, وسداد رأيه, وحكمته, لكن للأسف لم يكن أحد منهم ليجرؤ على قول الحقيقة, وكشفها للعيان, فيما الرّئيس يستبدل رسلاء بآخرين, حينها بعث الرّئيس رسالة عبر أحد معاونيه موجّهة إلى علماء الزيدية يبلّغهم فيها غضب الرّئيس, وسخطه, وانزعاجه ممّا يقوم به السّيد/ حسين بدرالدين, وترديد أنصاره للشّعار في المساجد, وبالذّات الجامع الكبير بصنعاء, ويطلب منهم سرعة التّحرّك لإقناع السّيد بضرورة التّوقّف, وسيكون هذا زيادة لهم في رصيدهم لدى السّلطة, ما لم فإنّ الدّولة ستُوقف السّيد/ عند حدّه, وستضرب بيد من حديد, وقد أعذر من أنذر, هكذا كان فحوى الرسالة, يومها يذكر أحد الاخوة أنه كان في زيارة مع بعض الإخوان للسّيد العلاّمة/ بدر الدين الحوثي (رحمه الله) بمنطقة آل الصيفي, وبينما هم جلوس عنده إذ دخل عليهم أحد أقرباء السيد, وسأله هل وصلتك الرّسالة الموجهة من الرّئيس لعلماء الزيدية؟ ثمّ استدرك قائلاً: لكن صح أنت ما هم معطين لك شيء، وأخرجها من جيبه، قال له العلاّمة الرّاحل اقرأها فقرأها علينا، فقال: السّيد الرّاحل "رضوان الله عليه" (ينزلوا يلتمسوا الهدى والنّور بدلاً من الصدّ عن الحق).

علم الجميع بخبر الرّسالة، وبيان العلماء، وتحضير السّلطة للحرب والعدوان، وتحرّك المرجفون في المدينة في كلّ مكان، وأعدّوا العُدّة، وبقيَ السّيد على ما كان عليه، ومعه من معه من المؤمنين الصّادقين الواثقين بالله رب العالمين

ب- الحرب الأولى

وفي يوم 17/ 6/ 2004م شنّت السّلطة عدوانها المباشر على كلّ المناطق المعادية لأمريكا وإسرائيل على أساس الشّعار, وتفجّر الوضع العسكريّ الظّالم, وتصدّى السّيد/ لهذا العدوان الهادف إلى إسكات النّاس عن الشّعار, وتكميم أفواههم عن الصّرخة في وجه المستكبرين, وأصدر (السّيد) بيانه الشهير الذي بين فيه أنّ هذه الحرب تأتي طاعة للأمريكيّين, بغرض إسكات النّاس عن الشّعار حيث قال فيه: (أيها الأخوة المؤمنون إعلموا يقينا أنكم تجاهدون في سبيل الله, وأنتم تواجهون هؤلاء المعتدين الظالمين, الذين يحاربوننا بمختلف الأسلحة لصدنا عن سبيل الله, وتذكير عباد الله بكتابه المجيد القرآن الكريم, وإسكاتنا عن الهتاف بهذا الشعار العظيم:

[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

 

ضد أمريكا وإسرائيل التي تشن حربا صريحة ضد الإسلام والمسلمين، وكلنا نعلم كما يعلم أيضا من شن هذه الحرب علينا أننا لم نعمل شيئا غير هذا, وعملنا واضح منذ أكثر من سنتين ونصف, وأنهم الذين هاجمونا إلي ديارنا وبدأوا بالضرب علينا).

وأكّد السّيد/ حسين (رضوان الله عليه) في مقابلاته، وتصريحاته الإعلاميّة أثناء الحرب الأولى على أنّ الحرب ما قامت إلاّ بتوجيهات أمريكيّة بسبب الشّعار, ويقول في اتصال هاتفيّ مع إذاعة ال (بي بي سي): (هذا شيء فرض علينا فرض علينا هذا حرب بتوجيهات أمريكية شنوها علينا بتوجيهات أمريكية ورغبة أمريكية, واسترضاء أمريكي من جانب السلطة), ويضيف السّيد: (الحرب هذا علينا إمتداد واستمرار لمحاربتهم لنا كتوجه مناهض لأمريكا وإسرائيل يقوم على أساس القرآن الكريم – ويخاطب المذيعة- عرفتي؟ هم منذ سنتين لا حظي الحرب هذه التي شنوها علينا هي إستمرار وإمتداد لمحاربة منذ سنتين بدأت بشكل سجون مستمرة كل جمعة لدينا في السجون نحو ثمانمائة شخص على الأقل في سجونهم بسبب الهتاف بشعار "الله أكبر, الموت لأمريكا, الموت لإسرائيل, اللعنة على اليهود, النصر للإسلام") ويضيف السّيد: (الحرب هذه ليست جديدة هي بسبب مناهضتنا لأمريكا وإسرائيل المتمثلة بالهتاف بهذا الشعار ومقاطعة البضائع وتذكير الناس بالقرآن الكريم هذا كل ما نعمله) وعندما سألته المذيعة لماذا لم يذهب لمفاوضة الرّئيس وقد دعاك للحوار؟ أجاب عليها: (لم يحصل هذا, حصل قبل الحملة العسكرية هذه بنحو شهرين أن أرسل إلي شخص يقول لي بأن نتوقف عن هذا الشعار عن الهتاف بهذا الشعار وإلا فسيسلط علينا من لا يرحمنا هذا الذي حصل), وأكّد السّيد أنّ الموضوع الذي يتحرّك فيه هو موضوع فكريّ أساساً, تثقيف ومواقف طبيعيّة وسلميّة تتمثّل في شعارات, وفي مقاطعة البضائع الأمريكيّة والإسرائيليّة, وتذكير تثقيفيّ للنّاس بالقرآن الكريم ليس أكثر, وقال: (أنا لا أفرض هذا الشعار على أحد نحن ندعو إلى رفع هذا الشعار ولا نفرضه على أحد ولا نصدر أحكام تكفيرية ولا تفسيقية على من لا يرفعوه).

وفي مداخلة له مع قناة أبو ظبي أكّد السّيد على نفس القضيّة قائلاً: (نحن نذكّر الناس والتذكير ليس معناه مجرد أن نذكر أن هناك عدو فقط بل يجب أن تكون هناك رؤية تقدم للناس رؤية عملية ليتحركوا فيها على هذا الأساس كان أمامنا قضيتان: رفع شعار: الله أكبر الموت لأمريكا الموت لإسرائيل اللعنة على اليهود النصر للإسلام والقضية الثانية مقاطعة البضائع الأمريكية والإسرائيلية والحث عليها كواجب).

واليوم ها هو قدّ تحقّق ما كان يدعو إليه السّيد, ويؤكّد عليه, وها هو الشّعار يدوّي في كلّ أرجاء اليمن, وأصبح ظاهراً, معروفاً, مشهوراً على مستوى العالم كلّه, وعلت رايته في كلّ مكان, وفعلاً حصل أن صرخ به أناس في مناطق عدّة كما قال السّيد ذات يوم، وبقي الشعار وثقافة الشعار وذهب مناوؤُه الى مزبلة التاريخ.

 

وختاماً: لن نستطيع أن نفيَ بحقّ هذا الرّجل العظيم، ولا إعطاءه ما يستحقّه, إلاّ أنّنا نبذل الجهد في سبيل ذلك, وفاءً, وعرفاناً, وشكراً لله سبحانه وتعالى.

هذا الرّجل العظيم الذي منحنا الحياة من حياته, والعزّة, والكرامة, والحريّة من دمه واستشهاده.

هذا الرّجل الذي جسّد الإيمان قولاً، وعملاً, وترجم كلّ ذلك إلى واقع عمليّ لم يفارقه في الحرب, والسّلم, وضرب ومعه الثّلة المؤمنة, من الشّهداء الأبرار, أعظم دروس التّضحية والثّبات, بما يدللّ ويبرهن على عظمة هذا الدّين وقوّته.

وإنّما نقول للجميع تعرّفوا على الشّهيد القائد من خلال مسيرته الجهاديّة، ومواقفه العمليّة، ومن خلال دروسه ومحاضراته، النّاطق الرسمي باسمه، والمعبّر الحقيقيّ عنه، الّتي تتحدّث عنه في أنصع صورة, وأصدق بيان.

[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

دروس من هدي القرآن الكريم

 

من محاضرات السيد/ حسين بدر الدين الحوثي / رضوان الله عليه.

 

 


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر