ما قبل مولد رسول الله محمدٍ "صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ"، كان الضلال المبين قد عمَّ أنحاء المعمورة، وظلمات الجاهلية قد استحكمت في كل مكان، والظلم والجور قد ملأ كل الدنيا، والفساد قد انتشر في كل المجتمعات، وما كان لدى المجتمع البشري من موروث الرسالة الإلهية، مما أتى به رسل الله وأنبياؤه عن الله تعالى، كان قد تعرَّض للتحريف، على يد من يزعمون انتماءهم إلى الرسالة الإلهية، كما هو حال أهل الكتاب آنذاك من اليهود والنصارى، الذين كانوا قد أصبحوا جزءاً من المشكلة، وتحوَّلوا إلى منتجين للضلال، ودعاةٍ إلى الباطل، وساعين في الأرض فساداً.
وأطبقت الجاهلية الجهلاء بظلمها وظلماتها على كل المجتمعات، بمختلف أديانها واتجاهاتها، وطال عليهم الأمد، وتطاول عليهم العمر، وأصبحت الأباطيل والمفاسد سلوكاً متجذراً، وعاداتٍ اجتماعية، ومعتقداتٍ راسخة، محميةً من قوى الطاغوت المستكبرة، وكان الأمل الوحيد للخلاص، والإنقاذ للبشرية من ضياعها وضياع مستقبلها، هو: ما بقي معروفاً ومأثوراً من بشارة الأنبياء "عَلَيْهِمُ السَّلَامُ" بالنبي الخاتم، الذي ظهرت إرهاصات قُرب مولده "صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّم" في تلك المرحلة المعتمة بالظلمات.
ولكن قوى الطاغوت الظلامية كانت تسعى للحيلولة دون تحقق الخلاص، ولمنع تحقق الوعد الإلهي، فقامت بحملتها، التي أرادت أن تكون حملةً استباقيةً، لوأد المشروع الإلهي في مهده، وتحرك آنذاك الجيش الحبشي الموالي لامبراطورية الرومان، ومن معه من مرتزقة العرب، في حملة أصحاب الفيل، باتجاه مكة المكرمة؛ بهدف هدم الكعبة المشرَّفة، والسيطرة على الوضع هناك، بما يمنع ظهور النور الإلهي من تلك البقعة المباركة، وقد ذكر الله تعالى في القرآن الكريم حملتهم تلك، وكيف فشلت تماماً، وكان الله لهم بالمرصاد، فدمَّرهم تدميراً، قال تعالى: {بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ * أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ (1) أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ (2) وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ (3) تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ (4) فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ}[الفيل: 1-5]، صَدَقَ اللهُ العَلِيُّ العَظِيْمُ. فكانت تلك الحادثة العجيبة والمهمة من أهم إرهاصات القدوم المبارك لخاتم الأنبياء، {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}[يوسف:21].
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
كلمة السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي
بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف
الأحد 12 ربيع الأول 1446هـ 15 سبتمبر 2024م