مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

عدنان عبدالله الجنيد
لم تعد المفارقة مُجَـرّد صدفةٍ عابرة، بل صارت معادلة التاريخ الجديد: هناك، في قاعة الزيف الدولي، ترفع «أُمُّ الإرهاب» يدها لتمنع العالم من إنقاذ طفلٍ تحت الأنقاض، وهنا، في عُباب البحر الأحمر، يرفع اليمنُ سيفَ الحق ليمنع سفنَ الغطرسة من عبور قدَره!

ليست هذه مقارنةً بلاغية، بل مفترق طرقٍ تاريخي بين نظامٍ يلفظ أنفاسه الأخيرة، وأمةٍ تولد من رحم المعاناة، مُعلِنةً ولادتها بدم الشهداء وصواريخ الإرادَة.

الفيتو الذي يقتل.. والفيتو الذي يحيي

في مجلس الأمن، حَيثُ الجلسات المهيبة والكراسي الفاخرة، تتحوّل كلمة «فيتو» إلى رصاصةٍ مصوّبةٍ إلى صدر الإنسانية.

كلما ارتفع صوت الضمير العالمي مطالبًا بوقف مجزرةٍ في غزة، تنهض الوحوش من مكامنها، وتقول أمريكا: «لا!»

لا لوقف القتل.

لا لرفع الحصار.

لا لإنقاذ الأبرياء.

إنه الفيتو الأكثر دموية في التاريخ - فيتو الإبادة الجماعية.

ولتكتمل صورة الانهيار الأخلاقي، ها هي «أم الإرهاب» - الداعم الأول، والمموّل، والساتر لإرهاب الكيان الصهيوني - ترفع صوتها بوقاحةٍ مطلقة، تطالب بالإفراج عن جواسيسها، أُولئك الذين اخترقوا بمنظماتٍ مشبوهة حصونَ سيادتنا، وحاولوا النيل من صلابة حكومتنا.

هذا ليس تصرّفًا عابرًا، بل تطورًا سافرًا يستدعي معركةَ وعيٍ شاملة، وحملةً كتابيةً مدويةً تفضح العار من قمّته.

لكن شعوبنا لم تعد تنتظر إذن القتلة لتَعِيش

لقد حوّل اليمنُ العظيمُ البحرَ الأحمر إلى برلمان الأحرار.

برلمان الموج والرعد والصواريخ.

هنا، لا تُرفع الأيادي للتصويت، بل تُرفع الإرادات لتغيير موازين القوى.

«فيتو البحر الأحمر» لم يكن مُجَـرّد منعٍ لعبور السفن، بل كان صفعةً مدويةً على وجه النظام العالمي البالي.

الذلّ الذي لم تتوقّعه أمريكا: هروب الفئران وزمن الهزائم

ما جرى في البحر الأحمر لم يكن «عملية عسكرية» تقليدية، بل مسرحية إذلال كُتب مشهدها الأخير بأيدي أبناء تهامة.

ها هي أعتى قوةٍ بحريةٍ في التاريخ - التي كانت حتى الأمس تهدّد الدول والقياصرة - تعلن «انسحابها التكتيكي» من مواجهة قواربَ يحملها إيمانٌ ويقودها جهادٌ مقدّس!

لقد هربوا كما تهرب الفئران حين يُنار على جحرها.

نعم، هربوا، ولم ينسحبوا؛ لأن الانسحاب قد يكون خطةً عسكرية، أما الهروب فهو انهيار نفسي.

رأينا أسطولها يفرّ من مواجهة قوةٍ لا تملك حاملات طائرات، لكنها تملك حاملات إيمان.

لقد ولّى زمن الهزائم، ولا عودة له.

فقد أدرك شعبُ الإيمان والحكمة، تحت القيادة الربانية والعلم الإلهي، سماحة القائد السيد عبد الملك الحوثي (حفظه الله)، أنه هو من سيحكم في النهاية على «أم الإرهاب» - إرهاب العصر.

إنه شعبٌ لا يخاف قتلة الأطفال، ولا يرهبه من هرب من البحر الأحمر خائبًا ذليلًا.

استراتيجية الإذلال: الرد القاسي دون مهادنة

لقد استدرجت قواتُ اليمن الأسطولَ الأمريكي إلى فخّ استراتيجيّ إبداعيّ:

جعلته يقاتل ظلًا لا يُمسك، يطارد قوةً لا تُرى، وينفق مليارات الدولارات في مواجهة زوارقَ تكلفتُها أقل من صاروخٍ واحدٍ من صواريخه!

لقد حوّلوا البحر إلى مسرح حرب عصابات بحرية، حيث الغوّاص الفقير يغرق بارجة المليارات، والصاروخ محلي الصنع يثقب كبرياء القوة العظمى.

وإن تجرّأ الشيطان الأكبر على أي تصرّفٍ أحمق، فسيواجه ردًّا قاسيًا دون مهادنة أَو تردّد، لأن لغة القوة هي الوحيدة التي يفهمها.

سقوط أُسطورة القوة الناعمة والقوة الصلبة

ها هي أمريكا تُهزم بأدواتها:

هُزمت بالقوة الصلبة في البحر، وخسرت القوة الناعمة في الأمم المتحدة.

لقد سقط الفيتو الدبلوماسي أمام فيتو البحر، كما يسقط الوهم أمام الحقيقة.

كل «فيتو» ترفعه أمريكا في مجلس الأمن يتحوّل إلى طاقة دافعة للمقاومة في البحر.

وكل طفلٍ تقتله بالوكالة في غزة يتحوّل إلى مقاتل جديد في جيش الإرادَة.

الخلاصة: ولادة النظام العالمي الجديد

لم نعد في زمن القوة التي تُفرض من فوق.

لقد دخلنا عصر القوة التي تنبعث من الأسفل:

من أعماق البحر، من قلوب المهمّشين، من إرادَة من قالوا «لا» ولم يخافوا.

فيتو البحر الأحمر لم يكن مُجَـرّد حصارٍ لسفن العدوان، بل كان إعلان ولادة نظام عالمي جديد.

نظامٌ لا تُصنع فيه القرارات في القاعات المغلقة، بل في ميادين المواجهة.

نظامٌ تُكتب فيه القوانين بدماء الشهداء، لا بحبر الدبلوماسيين.

ها هي «أم الإرهاب» ترى بعينيها كيف يُدفن نظامُها العالمي في قاع البحر الأحمر، بينما تعلو على الأفق أنوارُ نظامٍ جديد.. نظام الأحرار.

لو كان البحر الأحمر يحمل رايةً، لكتب عليها:

«هنا سقطت هيبة الإمبراطورية».

ولو كان مجلس الأمن يملك ضميرًا، لاستقال من الخجل!

إن شعب الإيمان والحكمة يقف اليوم شاهدًا وقاضيًا، وغدًا سيكون المنفّذ لحكم التاريخ على «أُمِّ الإرهاب».


 


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر