ثم انظر في القرآن الكريم تجد أن خطابه معك على الشكل الذي يراعي تكريمك، يراعي كرامتك حتى وهو يوجهك إلى أن تنفق في سبيله.. ألم يقل: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ} (البقرة: من الآية245). ويقول: {يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ} (الزمر: من الآية16) يتحدث مع الناس بمنطق لطيف، وبأسلوب رحيم، وبأسلوب يخجل الإنسان أمام الله.. لماذا؟ كم الفرق بيننا وبين الله، من نحن؟ من نحن في واقع أنفسنا بالنسبة لله؟ لا مقارنة لكنه كرمنا وهو يتحدث معنا بنحو يوحي بتكريمه لنا.
نحن من نرى أنفسنا أذلاء أمام أشخاص يذلون أنفسهم لأمريكا وإسرائيل، نبدو أعزاء أمام الله سبحانه وتعالى، ونبدو كبارًا في مواجهة الله سبحانه وتعالى.. نبدو كبارًا ونتحدى ونرفض وكم هو الفارق بين الله وبين أولئك الذين نذلل أنفسنا لهم، ونطوع أنفسنا لهم.. أليس الفارق كبيرًا؟ أليسوا هم في واقعهم إنما هم عبيد أذلاء لله، وقد يكون الكثير منهم في قائمة {إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ} (الفرقان: من الآية44).
فنذلل أنفسنا لمن هم أضل من الأنعام ولا نذلل أنفسنا لله سبحانه وتعالى، وتذليل أنفسنا له هي الكرامة، هي العزة.
{وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} (السجدة:13). هناك في الوسط أشياء كثيرة جدا بين {وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا} وبين {وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي} لا تعني العبارة بأنه كان بإمكاني أن أهدي كل شخص.. ولكن سبق مني يمين أن أعذبهم وسأعذبهم.. لا.. ليست القضية على هذا النحو.
لقد هدى الهداية الكافية، وتوعد هنا في الدنيا أولئك الذين قدم إليهم هداه {اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} (الأنفال: من الآية24) {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُول لعلكم ترحمونَ} (النساء: من الآية59) ألم يكرر حديثه مع الناس وهو يهديهم؟ وفي نفس الوقت قال إذا ما سرتم في طريق الشيطان إذا ما اتبعتم الشيطان فإني قد أقسمت {لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} (السجدة: من الآية13) ممن تبع الشيطان {لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ} (الأعراف: من الآية18) أقسم أن يملأ جهنم من أين؟ ممن تبع الشيطان، ممن أعرض عن الهدى، ممن أعرض عن ذكر الله، ممن رفض الإذعان والتسليم لله سبحانه وتعالى.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن
معرفة الله- وعده ووعيده- الدرس الثاني عشر
ألقاها السيد حسين بدر الدين الحوثي
بتاريخ: 4/2/2002م
اليمن – صعدة