إننا أيها الأعزاء والكرماء كلنا يعرف وكلنا يعلم في هذا البلد أن العدو الباغي المعتدي في هذا العدوان الأمريكي السعودي وكل من لفه معه في هذا العدوان منذ يومه الأول، كان عازما وكان ساعيا وكان مقررا لأن يدخل في هذه المعركة على أساس أن يحسمها، وعلى أساس أن يحقق أهدافها بكل ما فيها من مخاطر كبيرة على بلدنا، بكل ما فيها من كوارث بكل ما تعنيه الكلمة، أن يحتل هذا البلد بكله، أن يستعبد هذا الشعب بأجمعه، أن يذل الجميع بدون استثناء وبدون النظر إلى اعتبارات مذهبية أو مناطقية أو غير ذلك، وأن يتحكم في رقابنا كيمنيين وأن يسومنا سوء العذاب وأن يجعل منا كشعب كبير عظيم، وكبلد مهم في المنطقة مجرد رصيد يحسبه إلى أرصدته السياسية، وورقة يستغلها على مستوى المنطقة بكلها، ودخل في هذه المعركة وفعل كل شيء من اللحظة الأولى في سبيل أن يحقق هذا الهدف، في سبيل أن ينجح في حسم هذه المعركة، استباح كل الحرمات ولم يراعِ أيا من الاعتبارات، لم يلحظ أي شيء في هذا البلد أن يعطيه أي قيمه أو أي اعتبار، استهدف كل شيء في هذا البلد، وقتل الآلاف من أطفالنا في هذا البلد ونسائنا واستهدف المدن والقرى، استهدفنا في الأسواق، استهدفنا في المساجد، استهدفنا في كل نواحي الحياة، وحاصرنا اقتصاديا، وحاول خنقنا اقتصاديا، بل حاول القضاء علينا اقتصاديا وعانى شعبنا بكله نتيجة هذا العدوان الأمرين، قتلا وجراحا ووضعا اقتصاديا صعبا جدا، إلى غير ذلك مما يطول، وصولا إلى انتشار الأوبئة والأمراض الناتجة عن هذا العدوان من خلال أسباب متعددة ووسائل متعددة، كلنا يعرف ذلك ولكن العدو بالرغم من كل ما قد فعله، بالرغم من إمكاناته العسكرية الكبيرة والهائلة التي وفرها الأمريكي، والتي شغلها الأمريكي في هذا العدوان، وبالرغم من كل الجرائم الفظيعة، الجرائم الرهيبة التي ارتكبها بحق شعبنا، وبالرغم من حجم الأحداث المهول لكثرة ما كان هناك من أعمال هجومية، لكنه فشل في النهاية في حسم هذه المعركة وفشل في تحقيق أهدافه كلها، وكانت نجاحاته لا تعتبر إلا نجاحات جزئية ومحدودة في مقابل ما كان لديه من أهداف معروفة للجميع، ما الذي سبب فشله؟ ما الذي سبب إخفاقه إلى اليوم، هو الصمود العظيم، الوقفة المشرفة المعتمدة بالتوكل على الله سبحانه وتعالى، أن شعبنا اليمني بمختلف فئاته وأعني كل الأحرار في هذا البلد، وبالتأكيد لا أقصد المتخاذلين ولا المثبطين ولا الخونة ولا العملاء، الشرفاء في هذا البلد، الأحرار في هذا البلد، الصامدون في هذا البلد، الأوفياء في هذا البلد من كل مكونات هذا الشعب وقفوا متوكلين على الله مراهنين على الله، معتمدين على الله، وواثقين بالله سبحانه وتعالى، وهو رهان في محله، رهان لا يخيب من حمله، ولا يخيب من بنى عليه واعتمد عليه، الرهان على الله، التوكل على الله سبحانه وتعالى هو أساس النجاح وأساس الثبات وأساس الفلاح، هذا الصمود العظيم الذي كان فيه صبر كبير على المتاعب وعلى التضحيات، التضحيات الجسام، الآلاف المؤلفة من الشهداء الأبرار وعشرات الآلاف من الجرحى والآلاف من المعاقين، العدد الكبير من المنازل المدمرة، الصبر على معاناة الجوع والفقر والمرض، الصبر على كل المعاناة بكل أشكالها، في المدن وفي الريف ومن مختلف فئات الشعب، صبر العدد الكبير من الموظفين مع انقطاع المرتبات لأوقات طويلة ولأشهر متتابعة، هذا الصبر له هذه الثمرة، صمود شموخ، ثبات، حرية، إباء، استقلال، كرامة، هذا الصبر هو الذي حفظ لنا استقلالنا كشعب يمني، هو الذي نتج عنه هذه الرعاية الإلهية، هذا العون العظيم من الله سبحانه وتعالى، فتمكن شعبنا من الصمود بالرغم من كل ما هنالك من إمكانات، بالرغم من حجم العدوان وحجم الجرائم ومستوى المعاناة على النحو الكبير. فإذن هذا الصمود له قيمته، وكان لتماسك الجبهة الداخلية بالحد الأدنى في التفاهمات القائمة والتعاون القائم والتفاهم القائم، والانسجام ولو على نحو ما، كان له ثمرة طبية وإيجابية كبيرة وساعد على فشل الكثير من مؤامرات الأعداء ومخططات الأعداء.
اليوم نحن على أعتاب مرحلة مهمة ومرحلة حساسة ومرحلة خطيرة جدا، قوى العدوان قد تعبت، وقد كلّت وملّت وأُرهقت نتيجة فشلها وإخفاقها كل هذا الوقت منذ بداية العدوان وإلى اليوم، وما قد كلفها عدوانها على بلدنا العزيز ماديا وبشريا إلى غير ذلك، وأثر على سمعتها في الإقليم.
ولكن هناك خطة جديدة تحرص قوى العدوان من خلالها وتؤمل من خلالها على أن تتمكن من حسم المعركة، هذه الخطة لها مسارات متعددة، مسار عسكري، يحضرون اليوم لتصعيد كبير في عدد من الجبهات المهمة، أبرزها جبهات نهم وما إليها، نهم إلى صرواح، وجبهات الساحل وجبهات تعز، وبعض الجبهات، لكن هذه على نحو رئيسي وفي نفس الوقت يتزامن مع المسار العسكري الذي يعدون للتصعيد فيه مسارات أخرى خطيرة جدا يعولون عليها هي في أن تمكن المسار العسكري من حسم المعركة؛ لأنهم قد جربوا في الفترة الماضية أن المسار العسكري مع فشل المسارات الأخرى أو ضعف نجاح المسارات الأخرى لم يوصلوهم على النتيجة التي يحرصون إلى الوصول إليها في حسم المعركة عسكريا، المسار الآخر الذي يريدونه متزامنا مع المسار العسكري ومع التصعيد العسكري هو استهداف الجبهة الداخلية، الجبهة اليمنية، استهداف هذا البلد من الداخل حتى يؤثروا على الوضع العسكري وعلى تماسك الوضع العسكري الصامد في وجه قوى العدوان، وحتى يتمكنوا من خلال ذلك بالتأثير على جبهات القتال وإضعافها والحد من توافد الناس إليها والحد من الزخم البشري اللازم لحمايتها وتأمينها وقوتها، المسار هذا يتمثل في نشاط مكثف في الوضع الداخلي في هذا البلد:
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من كلمة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي
في لقاء وجهاء اليمن 19-08-2017م.