فعندما نتأمل ما حصل، وهو يعتبر بالفعل نعمة من الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، في فشل العدو الإسرائيلي، وخيبة آماله، والمعيار لهذا الانتصار يتجلى بالنظر إلى ثلاثة أشياء:
- بالنظر أولاً إلى الأهداف المعلنة، التي عبَّر عنها العدو الإسرائيلي؛ باعتبارها طموحاته وآماله التي يسعى إلى تحقيقها:
فهو كان يريد أن يتخلص من حزب الله، كجبهة مواجهة مجاهدة في لبنان، فيريد أن يغيِّر الوضع تماماً، فلا يبقى هناك قدرات عسكرية لحزب الله، ولا يبقى وجود مجاهد ومقاوم لحزب الله في لبنان، يتحول الوضع بالنسبة لحزب الله إلى حالة سياسية، تترك هذا المسار الجهادي، وتتخلى عن راية الجهاد، وعن الموقف، تتحول إلى حالة مستضعفة في داخل لبنان، وهو ما كان يتمناه العدو الإسرائيلي ويسعى له، إضافة إلى ذلك- كما قلنا- تغيير الوضع السياسي في لبنان، من خلال الحملة الأمريكية، لإثارة الفتنة الداخلية، والضغط على القوى اللبنانية، وفرض متغيرات لخدمة العدو الإسرائيلي.
ولكن العدو الإسرائيلي فشل، قدرات حزب الله موجودة، ويشهد لذلك الأحد اللاهب، الذي أمطر فيه حزب الله بالصواريخ وبالطائرات المسيَّرة يافا المحتلة، التي يسميها العدو بـ[تل أبيب]، استهدف بها مقرات، ومواقع مهمة، وقواعد عسكرية ذات أهمية كبيرة للعدو الإسرائيلي، فحزب الله على مستوى القدرات تجلَّى في عملياته اليومية، وفي يوم الأحد على وجه الخصوص، أنه لا يزال في وضعٍ قوي ومتماسك، وأن قدراته لا تزال بمستوى كبير، وهذا ما اعترف به الكثير من الصهاينة.
- ويتجلى أيضاً انتصار حزب الله، بالنكاية الكبيرة التي ألحقها بالعدو الإسرائيلي:
وهذا واضحٌ في خسائر العدو الإسرائيلي، في ضباطه وجنوده من القتلى والجرحى، وما دُمِّر عليه أيضاً من آلياته العسكرية، والتأثير على المستوى المعنوي في الجيش الإسرائيلي، والفشل المتكرر في عملياته، التي أراد بها التوغل، ولم ينجح في كثيرٍ من المسارات، حقق تقدماً محدوداً في بعض المسارات، لكنه فشل بشكل متكرر عن التقدم في مسارات أخرى، وإلى أهداف كان يسعى للوصول إليها في الميدان، أهداف عملية.
فالنكاية الكبيرة التي لحقت بالعصابات الإجرامية التي تُسَمَّى بـ[الجيش الإسرائيلي]، من قتلى، وجرحى، وتدمير آلياتٍ عليه، وفشل متكرر في الميدان، وكذلك ما لحق به من خسائر في قواعد عسكرية، في مغتصبات مما يسمى بـ[المستوطنات]، والدمار كبير، بالآلاف من المنازل والمنشآت، بالرغم مما كان يحرص عليه الإسرائيلي من التكتم الإعلامي، والتغطية على ما يحدث؛ حتى لا يظهر حجم خسائره، لكن أصبح الآن هناك في بعض الصحف الإسرائيلية، وبعض المواقع الإعلامية الإسرائيلية، حديث عن أرقام بالآلاف من الخسائر، والتأثير على وضعه الاقتصادي، والكلفة الاقتصادية الكبيرة؛ لأن الشلل الذي أصاب مصانع العدو الإسرائيلي، في شمال فلسطين المحتلة، أثَّر على الوضع الاقتصادي للعدو، حجم المواجهة الساخنة جداً مع الجبهة اللبنانية، زاد من التأثيرات الكبيرة على وضعه الاقتصادي، المتأثر والمتضرر جداً بفعل عدوانه المستمر على غزة.
وهكذا كان للنكاية بالعدو، والتأثير عليه بذلك، تأثير كبير في تحقيق هذا الانتصار المهم، فالعدو يرى الكلفة كبيرة، ويرى أن الوصول إلى الأهداف التي أعلنها، وكان يطمح لتحقيقها، أصبح متعذراً، وصل العدو إلى حالة يأس من القضاء على حزب الله، وهناك تصريحات للصهاينة تُعبِّر عن هذا اليأس. هذا من جانبٍ.
- من جانبٍ آخر أيضاً، بالنظر إلى الصمود والتماسك العظيم في الجبهة الداخلية اللبنانية:
وهذا مما لم يكن يتوقعه الأعداء، كانوا يعتبرون الوضع الداخلي في لبنان هشاً ومأزوماً على المستوى السياسي، ويتصورون أن ذلك سيساعد على إثارة فوضى عارمة في كل لبنان، وكذلك مدى الاستهداف الكبير من قِبَلِ العدو الإسرائيلي للحاضنة الشعبية لحزب الله، بالتدمير الكامل للقرى ونسفها، كانوا يتصوَّرون أنَّه سيؤثِّر على البيئة الحاضنة بنفسها من جهة، وأيضاً على مستوى الوضع اللبناني من جهة؛ نتيجةً لما كان سابقاً هناك من أزمات سياسية.
على كُلٍّ، يعتبر تبرير المجرم [نتنياهو] للاتفاق الذي تم، شاهداً على حجم النكاية بالعدو الإسرائيلي؛ لأنه تحدَّث عمَّا يعانيه ما يسميه بـ[الجيش الإسرائيلي]، وحاجته إلى الترميم، كذلك تحدَّث عن مستوى الخسائر والكلفة الكبيرة، بالرغم من الدعم الأمريكي والدعم الغربي الهائل جداً، لكن هناك خسائر فعلاً للعدو الإسرائيلي.
وعندما نتأمل في هذا النصر المهم جداً ودلالاته، في مقدِّمتها هو: الدلالة الواضحة على إمكانية فشل العدو الإسرائيلي مهما حظي به من دعمٍ أمريكيٍ وغربي؛ لأن الجبهة الإسرائيلية ضد أمتنا الإسلامية، وفي المقدِّمة العرب، باتت- كما يتضح ويتجلى- جبهةً غربية، أمريكا مشاركة فيها مشاركةً كبيرةً جداً، وأصبح ما يُلقَى على الفلسطينيين واللبنانيين، على الشعبين الفلسطيني واللبناني، من قنابل وصواريخ، قد يكون بكله من القنابل والصواريخ الأمريكية، على مدى كل هذه الفترة، كلها مما قدَّمه الأمريكي للإسرائيلي، إلى هذا المستوى، مما يقدِّمه الأمريكي، ومن الشراكة الأمريكية، هناك أيضاً الدعم الكبير بالسلاح، بالقذائف، بالعتاد الحربي، من ألمانيا، من فرنسا، من بريطانيا، من هولندا... من دول أوروبية وغربية، فالعدو الإسرائيلي، بالرغم من الدعم الغربي الكبير، وما يمتلكه هو، لم يتمكن من تحقيق أهدافه التي أعلنها، معنى ذلك: أنَّ بالإمكان أن تُلحَقَ به الهزيمة؛ لأن حالة اليأس عند بعض العرب أثَّرت على مواقفهم تجاه ما يحصل، بالرغم من الواجب الديني، والإنساني، والأخلاقي، والقومي... وبكل الاعتبارات، لكنهم يعانون من عقدة اليأس، وعقدة الإحباط، والشعور بالهزيمة، فهذا الانتصار يدل على أنَّ بالإمكان أن يفشل العدو، وأنَّ بالإمكان أن يُهْزَم، عندما تتوفر العناصر الأساسية والمهمة لتحقيق النصر.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
كلمة السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي
حـــول آخـــر التطـــورات والمستجـــدات الأسبوعيـــة
الخميس 26 جمادى الأولى 1446هـ 28 نوفمبر 2024م