والله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" أخبرنا كيف هي نظرتهم إلى الآخرين، وأنهم يقولون: {لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ}[آل عمران:75]، الاستباحة التامة، حتى من قبل أن تكون في إطار موقف، ومن قبل أن تكون في إطار انتماءٍ إسلامي، أنت من أولئك الذين يعتبرونهم من المباحين لهم، دمك، عرضك، مالك، ولديهم مع ذلك: حقد، وجرأة، وطمع، وهكذا هي نظرتهم.
والله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" عندما شخَّصهم في القرن الكريم، قال: {وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ}[النساء:45]، وهو "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" الأعلم بهم، وهو الأصدق في ما يقوله عنهم، {قُلْ صَدَقَ اللَّهُ}[آل عمران:95]، {قُلْ صَدَقَ اللَّهُ}.
الإجرام، والعدوان، والإبادة الجماعية التي يمارسها العدو الإسرائيلي في قطاع غزة مستمرة، وفي هذا الأسبوع، الذي هو الأسبوع السابع والأربعين، في آخر العام، في آخر الشهر الحادي عشر، بلغ عدد الشهداء والمفقودين: (فوق الخمسين ألفاً)، والجرحى: (فوق التسعين ألفاً)، يقرب من المائة ألف، وهناك أيضاً فيما هو خارج نطاق الإحصائيات، الإحصائيات ليست شاملة ودقيقة؛ لأن هناك مع حجم الدمار الهائل، وتدمير الأحياء السكنية بكلها على رؤوس ساكنيها من المدنيين، من قد يفوت حصرهم وإحصائهم.
في هذا الأسبوع قد بلغت المجازر إجمالاً مع كل الأسابيع الماضية: بما يقارب (الثلاثة آلاف وخمسمائة وسبعين مجزرة)، كل مجزرة منها تعتبر جريمة إبادة، وجريمة فظيعة، يُستهدف بها مَنْ؟ الأطفال والنساء، كل المجازر، أكثر الشهداء فيها من الأطفال والنساء؛ ولــذلك عارٌ تاريخيٌ على المسلمين وعلى غيرهم في جرأة العدو وفي استمراره فيما هو فيه من الإجرام.
المشاهد اليومية الرهيبة جداً، والمؤلمة للغاية للشعب الفلسطيني، وهو يباد، مشاهد القتل للأطفال والنساء، وتمزيقهم إرباً بالقنابل الأمريكية، وأسلحة القتل والتدمير، التي يقدِّمها الأمريكي للإسرائيلي، الحالة المؤلمة جداً من التجويع الشديد والمستمر ضد الشعب الفلسطيني، يتضور جوعاً في قطاع غزة، والأنظمة العربية البعض منها أصبحوا يقدِّمون للعدو الإسرائيلي مختلف المواد الغذائية والفواكه، بشكلٍ يومي، أيضاً بعض البلدان التي تنتمي للإسلام، مشاهد مؤسفة جداً ومؤلمة للشعب الفلسطيني وهو يعاني من الأوبئة، الناتجة عن القتل، والتدمير الشامل، وتدمير البنية التحتية، وانعدام الصرف الصحي، وحالة تعفن الجثامين... وغير ذلك، الأسباب التي تساعد على انتشار الأوبئة، وأصبحت الأوبئة تفتك بالشعب الفلسطيني، ويعاني منها جداً، انتشار حالة الأمراض كذلك، ومع ذلك حالة الجرحى الذين هم بعشرات الآلاف، من دون توفير الخدمات الطبية لهم.
ثم في هذا الأسبوع اتَّجه تصعيد العدو الإسرائيلي أيضاً وامتد إلى الضفة الغربية، مع أنه لم يتوقف عن اعتداءاته في الضفة الغربية في كل يوم، وهذا شيءٌ مشاهدٌ في التلفزيون، ولكن اتَّجه إلى تصعيدٍ هو الأكبر منذ اثنين وعشرين عاماً، منذ العملية التي سمَّاها قبل اثنين وعشرين سنة بـ [عملية السور الواقي]، هناك تصعيد كبير، وهجوم بقوام فرقة عسكرية، يُشَن على شمالي الضفة الغربية، يستهدف عدداً من المدن والمخيمات، وبنفس الطريقة الإسرائيلية الإجرامية الوحشية، المستهدف منذ اللحظة الأولى هو: المستشفيات، قام بمحاصرتها، والاستهداف لها، واتَّجه إلى تدمير المنازل، واتَّجه إلى تدمير المساجد، إلى تجريف الشوارع، إلى تهديم البنية التحتية من المياه، والكهرباء... وغير ذلك، الاستهداف لكل شيء.
العدوان بذلك المستوى على الضفة الغربية، مع ما يفعله العدو في القدس، مع ما يفعله في قطاع غزة، يوضِّح، يوضِّح حقيقة التوجه الفعلي والحقيقي للعدو الإسرائيلي، بحمايةٍ ومساندةٍ وشراكةٍ أمريكية، هو يحاول أن يرسم مشهداً جديداً في فلسطين، وهناك تواطؤ واضح من بعض الأنظمة العربية معه، والتي تتمنى له أن يحقق آماله الشيطانية والإجرامية في فلسطين؛ من أجل أن تدخل في مرحلة ما يسمونه بالتطبيع معه، في مرحلة الولاء الصريح الواضح، الذي قد تكشَّف، لكنهم يريدونه أن يكون بشكل تحالف، وأن تكسر فيه كل الحواجز، وأن تستكمل فيه بقية الخطوات، هذا ما يريدونه.
الأمريكي دوره أساسيٌ جداً في الإجرام الإسرائيلي، في كل ما يفعله العدو الإسرائيلي، وفي كل ما يُقدِم عليه، وفي كل ما يتوسَّع فيه، من جرائم، من خطوات عدوانية ومستفزة، من استهداف حتى للمسجد الأقصى، الأمريكي دوره في هذا العدوان الذي يقوم به العدو الإسرائيلي، ويرتكب فيه جرائم الإبادة الجماعية، وأبشع الجرائم، وأفظع الجرائم ضد الشعب الفلسطيني، دورٌ أساسي، الأمريكي شريك في الجرائم، هو شريكٌ على مستوى الفعل، وعلى مستوى التخطيط، عن طريق خبرائه العسكريين الذين أرسلهم ليكونوا شركاء في كل ما يحدث، وفي كل ما يحصل، وهو الذي يقدِّم على مستوى الدعم المادي، وعلى مستوى توفير آلة القتل والدمار، هو الذي يقدِّم الآلاف من الشحنات، الآلاف من القنابل التي تحتويها الشحنات، التي يرسل بها تباعاً في جسره الجوي وجسره البحري، ويمد بها العدو الإسرائيلي لقتل الأطفال والنساء، وقتل الشعب الفلسطيني بالجملة في قطاع غزة، ومع ذلك هو لا يتوقف حتى عن تقديم أفتك أنواع الأسلحة لقتل الأطفال والنساء، هذا أيضاً شاهدٌ يوميٌ مستمرٌ متكرر، مع كل ما قد مضى عن الأمريكي في إجرامه، في وحشيته، في عدوانيته، في انتهاكه لكل القوانين والاعتبارات، لا حقوق إنسان لديه، ولا أي شيء، ما فعله مع بلدان وشعوب وأمم أخرى، وما يفعله أيضاً مع العدو الإسرائيلي في قطاع غزة.
ثم هو الذي يقدِّم دائماً الدعم السياسي لخداع الرأي العام، كم بذل من جهد في هذه المرحلة بهدف احتواء الرد: الرد من حزب الله، والرد الإيراني؟ خطوات باسم خطوات سياسية، وحوارات، ومفاوضات، وكأن المسألة جادة، ثم يفتضح، ويفتضح معه الإسرائيلي؛ لأن المسألة مسألة مجرد خداع، خداع للرأي العام؛ لأن حركة حماس لن تنخدع، والشعب الفلسطيني لن ينخدع، لكنه يريد أن يخادع الرأي العام، {يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا}[النساء:120]، غرور وتغرير وخداع للرأي العام.
ثم أيضاً على مستوى الحماية للعدو الإسرائيلي، هو يبذل كل جهده في حماية العدو الإسرائيلي؛ ليواصل جرائمه، والإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني، والتجويع للشعب الفلسطيني، ويحاول أن يحتوي أي مسعى لخدمة الشعب الفلسطيني، أو الإسناد له، حتى على المستوى الإنساني، أتى بلعبته فيما يسمى بـ [الرصيف العائم]؛ ليكون بديلاً عن معبر رفح، ثم لا شيء، لا رصيف يقدِّم خدمات، ولا يوصل أغذية، ولا شيء.
والحالة حالة واضحة جداً في تكشُّف وفضيحة الموقف الأمريكي السيء جداً، يسعى دائماً للضغط على المحور، السعي في الضغط الدائم على الجمهورية الإسلامية في إيران، على لبنان، على حزب الله، على اليمن، على كل الجبهات، على العراق، يحاول أن يوقف أي صوت، أي نشاط، أي موقف، أي تحرك فيه مساندة للشعب الفلسطيني.
ثم عندما نأتي إلى موقف الأمم المتحدة، أيُّ دورٍ لها؟! هل هناك دور فعلي وحقيقي يقف إلى جانب الشعب الفلسطيني؟! باتت حتى البيانات والتصريحات التي يطلقها مسؤولون في الأمم المتحدة، تساوي ما بين الضحية والجلَّاد، وأصبح حديثهم يُنتَقى بعناية، تعبيراتهم عما يحدث في غزة تنتقى بعناية، والبعض منهم يصف الشعب الفلسطيني بالإرهاب، يصف من يدافع عن شعبه، وعن وطنه، وعن أرضه، وعن حقوقه، ويقف في وجه ذلك العدوان، في وجه جرائم الإبادة الجماعية، يصفه بالإرهاب.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
كلمة السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي
حول آخر التطورات والمستجدات
الخميس 25 صفر 1446هـ 29 أغسطس 2024م