فإذاً، يوم القدس العالمي هو: يومٌ لإعادة القضية المحورية للأُمَّـة إِلى موقعها الصحيح في الاهتمام الشعبي لدى الشعوب، حتى لا تبقى هذه القضية أسيرةً للإهمال الرسمي، الأنظمة والحكومات الغالب على أدائها كان هو الإهمال بكل ما تعنيه الكلمة وانعدام الجدية، ما كان هناك لدى الجانب الرسمي في معظمه (في أكثره) اهتمام وجدّية لتبنّي هذه القضية على نحوٍ صحيح والتحرك الجاد فيها، وحتى لا تبقى أسيرةً للحسابات والمزايدات السياسية والصفقات بين الأنظمة الرسمية وأمريكا والغرب.
ثم، وقضية أخرى مهمة جدًّا، ثم لأن هذه القضية في قداستها، في أهميتها، وفي حساسيتها أيضاً بالمستوى الذي ينبغي أن تكون قضية عامة، لا تبقى فقط مؤطّرةً ضمن الحسابات الرسمية والتحكم الرسمي، هذه القضية ليست أبداً فقط قضية الحكومات وقضية الأنظمة، هي قضية الأُمَّـة كُلّ الأُمَّـة، كُلّ فردٍ من أبناء هذه الأُمَّـة في مقام التكليف، في مقام المسؤولية، وفي موقع المسؤولية، هو معنيٌ بهذه القضية، له حق في أن يكون له موقف، وعليه مسؤولية أمام الله والتاريخ في أن يكون له موقف، ولا يجوز بأي حال من الأحوال أن تقبل الشعوب بأن تُعزل على جانب، وأن يقال للجميع: لا شأن لكم بهذا، أقعدوا، أصمتوا، أسكتوا، أجمدوا، لا تقولوا شيئاً، لا تفعلوا شيئاً، لا تتحركوا، لستم معنيين، لا شغل لكم بذلك، هذا ما لا يجوز بأي حالٍ من الأحوال أن تقبل به الشعوب أبداً، وهذا هو ما سعى له الأعداء، سعى الأعداء لكي يطمئنوا، ولكي يخلصوا من المشكلة نهائياً، أن تُغيّب هذه القضية عن الاهتمام الشعبي، وعن الحسابات الشعبية، وعن كُلّ شيء، لا تبقى مرتبطة لا بمبادئ، ولا بقيم، ولا بأخلاق، ولا بأي حسابات مهمة، ولا بثوابت، سعوا، وهم يسعون ويسعون ويسعون لفصل هذه الأُمَّـة عن الشعوب وعن الثوابت، حاولوا أن يحوّلوها إلى مجرد قضية عارضة، تدخل ضمن الحسابات والمزايدات والصفقات والمبادرات، مبادرات ضمن صفقات، وأن تغيب عن الاهتمام الشعبي.
نحن نقول كشعوب: هذه قضية لها علاقةٌ بنا، لها علاقة بإسلامنا، لها علاقة بمبادئنا، بقيمنا، بأخلاقنا، بإنسانيتنا، نحن حتى من الموقع الإنساني ما يحدث من مظالم، من جرائم، من طغيان، من هضمٍ للحقوق في فلسطين، ولها صلةٌ بنا، بأمننا الحقيقي والقومي، العدو الإسرائيلي يمثل خطراً علينا كشعوب، إذا حسبت الأنظمة حساباتها ضمن العلاقات والصداقات مع هذا العدو الإسرائيلي، فالعدو الإسرائيلي هو عدوٌ لنا كشعوب، يشكل خطراً علينا كشعوب في كُلّ شيء، في: أمننا، واستقرارنا، واستقلالنا، وهويتنا، وأخلاقنا، ومُقّـدساتنا، في كُلّ شيء، خطره خطرٌ شاملٌ علينا، لنا الحق أن نتحرك لمواجهة هذا الخطر، والتصدي لهذا الخطر، والشعب الفلسطيني هو شعبٌ منا، جزءٌ منا، ما يمسه يَمسُنا، الظلم له ظلمٌ لنا، الانتهاك لكرامته انتهاكٌ لكرامتنا، نحن كشعوب لا نؤمن بهذه التفرقة الجغرافية والسياسية التي حاولتم بها أن تفرقونا حتى في الاهتمام، وفي المسؤولية، وفي الروابط الإنسانية والدينية والمجتمعية.
الأقصى الشريف هو من مُقّـدساتنا، ومن أقدس مُقّـدساتنا، لا يمكن أن ننساه، ولا يمكن أن نعتبر أنفسنا غير معنيين به؛ لأننا لو وصلنا إلى درجة ألا نبالي بمُقّـدساتنا، وألا نبالي بما يحدث هنا أو هناك على أمتنا؛ فنحن إنما نتخلى عن هويتنا وإنسانيتنا وديننا ومبادئنا وأخلاقنا وقيمنا، وهذا ما لا نرضى به، ولا يمكن أن نقبل به، فلذلك لا بد أن تحظى هذه القضية بالاهتمام الشعبي لهذه الاعتبارات.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من محاضرة السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي / حفظه الله.
بمناسبة يوم القدس العالمي 1437هـ.