ما يقوله المثبطون، في تصويرهم للشهادة كخسارة، في سعيهم لأن يبعثوا حالة الندم والأسف لدى أقرباء الشهداء وأحباء الشهداء، الله يحكي عنهم في القرآن الكريم كيف قالوا: {الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا}[آل عمران: من الآية168]، هكذا يقولون: {لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا}، فهم يصورون تضحياتهم وكأنها خسارة، وكأنها كانت نتاجاً لعدم قبولهم برؤى المثبطين، والمخذلين، والمتخاذلين، والمتنصلين عن أداء هذه المسؤوليات المقدسة، التي يحقق الإنسان من خلال تحركه فيها استجابته العملية لله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، {الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا}، هم قعدوا، قعدوا في مقابل أن كان عليهم أن يتحركوا، أن ينطلقوا، كانت مسؤوليتهم ألَّا يقعدوا، بل أن يتحركوا، أن ينطلقوا، أن يقفوا المواقف المشرفة، المواقف الجهادية، المواقف التي يؤدون فيها مسؤولياتهم العظيمة والمهمة، {لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}[آل عمران: من الآية168].
ثم تأتي أيضاً الآيات المباركة عن الشهداء، وعن حياتهم، وعن فوزهم، وعن سعادتهم، وعن منزلتهم العالية عند الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، لتصحح النظرة العامة التي تساعد على تبني الموقف، والتوجه الصحيح، الذي له قيمته الإيمانية، على المستوى الإيماني هو معيار، معيارٌ للإيمان، استجابتك للتحرك في سبيل الله، للوقوف الموقف الحق في مواجهة الطغاة والظالمين والأعداء، هذا هو موقفٌ له قيمته وأهميته الإيمانية، هو معيار لمصداقيتك في الانتماء الإيماني، كما أكد الله ذلك في آياتٍ كثيرة، وأيضاً له أهميته الأخلاقية والواقعية؛ لأن تحرك الأمة في إطار المواقف الصحيحة، التي تكفل لها حريتها، واستقلالها، وكرامتها، ومنعتها، وعزتها، وقوتها، وقدرتها في التصدي لأعدائها، ولدفع الخطر عنها، هو الذي له ثمرة، هو شيءٌ مطلوب، هو شيءٌ مهمٌ للناس أنفسهم، هو الذي يحمي الأمة، هو الذي يمثل ويشكل منعةً للأمة من خطر أعدائها الحقيقيين عليها.
ولهذا في إطار هذا التصحيح أيضاً، وفي إطار أن تسود الرؤية القرآنية، والمفهوم الصحيح للشهادة، يأتي قول الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" أيضاً: {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ}[البقرة: الآية154]، فلا تحسبوا، ولا تقولوا، ممنوع حتى أن تقولوا عنهم أنهم أموات؛ لأنه:
- أولاً: قولٌ ينافي الحقيقة.
- ثم هو يحاول أن يعزز في نفوس الناس النظرة السلبية تجاه مفهوم التضحية في سبيل الله، والشهادة في سبيل الله.
[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
كلمة السيد/ عبدالملك بدر الدين الحوثي
في الذكرى السنوية للشهيد 1444هـ