أمَّا فيما يتعلق بالعدوان الإسرائيلي على سوريا: فالعدو الإسرائيلي مستمرٌ في التوغل والقضم للأراضي السورية في جنوب سوريا، والمسار الذي يعمل عليه الإسرائيلي كما يظهر، هو: التوغل باتِّجاه السويداء، والسعي لربطها بمناطق البادية السورية، الواقعة تحت الاحتلال الأمريكي والسيطرة الأمريكية، هذه هي الوجهة الظاهرة في مسار التحرك الإسرائيلي، والقضم التدريجي الذي يعمل عليه.
لماذا يتحرك بهذه الطريقة؟ لأن لديه مخطط، ويسميه الإسرائيلي بممر داود، وهو يهدف إلى التوغل الذي يصله بالأمريكي، في المناطق التي يحتلها الأمريكي ويسيطر عليها، وهذا الامتداد يصله بحلمه، الذي يعلنه ويعبِّر عنه، الذي هو بالنسبة للعدو الإسرائيلي معتقد، وثقافة، وأمل، وخطة ومشروع، يسعى للوصول إليها، ويشاركه الأمريكي في ذلك، الامتداد إلى نهر الفرات، نهر الفرات؛ لأن المناطق التي هي في إطار سيطرة الأكراد، لكن تحت الإشراف الأمريكي، والاحتلال الأمريكي، والسيطرة الأمريكية، هي تصل- في نهاية المطاف- إلى الفرات، وهذا ما يحلم به الإسرائيلي، ويأمله، ويسعى إلى تحقيقه، ويرى الفرصة متاحةً أمامه لتحقيق ذلك؛ لأنه لا يواجه أي عائق، يتحرك بكل راحة، بدون أن تطلق عليه حتى رصاصة واحدة، أو توجه إليه ولو كلمة واحدة قاسية؛ فلذلك يرى الظروف مهيأة.
العدو الإسرائيلي يتحرك هذا التحرك، وفي نفس الوقت يُسمِّي عمليته تلك، في التوغل والاحتلال في الأراضي السورية، يُسمِّي تلك العملية باسم [سهم باشان]، ماذا يعني هذا الاسم؟ هو يرمز إلى خرافةٍ يهوديةٍ قديمة، تعتبر منطقة جنوب سوريا وشمال الأردن مملكةً قديمةً، سيطر على عليها اليهود- بزعمهم- فيما مضى، ويُسَمُّونها بهذا الاسم [مملكة باشان]، ويسمُّون هذه العملية بـ[سهم باشان]، وهي منطقة خصبة زراعية، غنية بالمياه العذبة، من جنوب دمشق، وحتى حوض اليرموك وسهل حوران، ومن جبل الشيخ غرباً، إلى جبل العرب (السويداء) شرقاً؛ ولــذلك العدو الإسرائيلي لديه هذا الطموح، وهو انتهازيٌ، ينتهز الفرص المتاحة، ويسعى إلى صناعة فرص؛ لكي يستغلوها، وهُنا يسعى- كما قلنا- للاتصال إلى الامتداد الأمريكي الممتد إلى الفرات، فيما يسميه العدو الإسرائيلي بممر داوود.
أيضاً العدو الإسرائيلي يعتبر سيطرته على جبل الشيخ الاستراتيجي السوري، وهو جبل كبير وممتد لمساحة شاسعة، وإطلالته كبيرة ومرتفعٌ جداً، يعتبر ذلك غنيمةً كبيرةً جداً، وأنه يتيح لهم الفرصة لأن يكون في الموقع الذي يُطِلُّ منه على كل الشام، باتِّجاه دمشق، باتِّجاه لبنان، باتجاه الأردن، باتِّجاهات متعددة؛ أهمية هذا الجبل على المستوى الاستراتيجي، له أهمية كبيرة جداً، وامتداده الكبير، وارتفاعه الشاهق. هذا فيما يتعلق بالتوغل والاجتياح.
أمَّا فيما يتعلق بمواصلة العدو الإسرائيلي لتدمير القدرات العسكرية لسوريا، وكان ينبغي أن يعرف من في سوريا أن كل تلك القدرات هي لهم، لهم كسوريين، للشعب السوري، لسوريا، القدرات العسكرية التي هم في أمسِّ الحاجة إليها تجاه كل هذا العدوان الإسرائيلي، ولكن مع ذلك تُرِكت كل تلك الأسلحة والقدرات ذات الأهمية الاستراتيجية: الطائرات بكلها تُرِكت، صواريخ أرض أرض تُرِكت، قدرات الدفاع الجوي تُرِكت، القوات البحرية تُرِكت، المصانع العسكرية تُرِكت، المراكز العلمية البحثية تُرِكت... كل الأشياء التي تمثل قدرات ذات أهمية كبيرة لسوريا، ولحماية سوريا، ولنهضة سوريا تُرِكت، تُرِكت كما هي، لم تدخل لا في إطار المسؤولية؛ باعتبارها مسؤولية من يأتي كسلطة جديدة، أو نظام جديد، ولا في إطار أنها غنيمة، كما هي العادة عند البعض، يعتبرون كل ما هناك مما بأيدي حكوماتهم أو بلدانهم مجرد غنائم، لا هذا ولا ذاك، تُرِكت لتبقى هناك للاستهداف الإسرائيلي، والتدمير من قبل العدو الإسرائيلي، وهذا شيءٌ مؤسفٌ جداً، وزهدٌ غريب، زهدٌ عجيب، زهدٌ في غير موطن الزهد! يعني: ليس بزهدٍ محمود إطلاقاً، أن تترك هناك وتبقى، وتكون هناك أحياناً بعض المشاهد المصورة، لما يجري من تدمير لها، مع إرفاق تلك المشاهد ببعض التكبيرات والتهليلات، وكأن الموضوع مجرد مشهد عادي، يثير التعجب، والاستغراب، والاندهاش لحجم التدمير فقط، وليس كأنه تدمير لقدرات بلد وشعب، يحتاج إلى هذه القدرات، وذلك يمثل عدواناً، استباحةً، وقاحةً، إجراماً، انتهاكاً للسيادة، انتهاكاً لكل شيء، وهذا شيءٌ مؤسفٌ جداً!
العدو الإسرائيلي أيضاً يستبيح سوريا براً، كما هو واضح، يتوغل حيث ما يشاء ويريد، يستدعي الأهالي في بعض المناطق، يجردهم مما بأيديهم من السلاح الخفيف، وفي نفس الوقت يفرض عليهم- في بعض الحالات- أن يمكثوا في منازلهم، عندما يأتي إليك الإسرائيلي وأنت في بلدك وفي منزلك، وتراه يسجنك حتى في منزلك، يتحكم عليك حتى متى تخرج وتدخل في منزلك إلى باحة دارك، لاحظوا هذه الحالة المؤسفة جداً، والتي يريد لإسرائيل أن يعممها، أن تمتد إلى بقية البلدان!
يستبيح سوريا براً، وبحراً، وجواً، يعتبر الأجواء السورية مفتوحةً أمامه، يُنزل أحياناً فِرقاً، يعني: مجموعات عسكرية، وليس الفرق العسكرية الكبرى، مجموعات عسكرية لبعض المهام العدوانية في بعض المصانع، في بعض المراكز العلمية، ربما لأخذ وثائق، لأخذ بعض الأمور، مع الحصول على معلومات معينة، معدات معينة، إمكانات معينة، وثائق معينة، أبحاث معينة... وهكذا، عدوانه طال ثلاثة عشر محافظة سورية، يعني: معظم سوريا، إن لم يكن بكلها، فهو يستبيحها براً وجواً وبحراً، ودون أي رد فعل، بل هناك منع في داخل سوريا من أي تحريضٍ ضد الأمريكي أو ضد الإسرائيلي.
.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
كلمة السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي
حـــول آخـــر التطـــورات والمستجـــدات الأسبوعيـــة
الخميس 18 جمادى الآخرة 1446هـ 19 ديسمبر 2024م