وهكذا القضايا المهمة والقضايا الكبيرة، الحق في المسؤوليات والحق في المواقف هو الحق الذي كاد أن يضيع في كثيرٍ من أقطار الأمة، كاد أن يضيع، ولهذا تلمس أهمية أن يكون التواصي به جزءاً أساسياً وعنصراً لازماً من عناصر النجاة والفوز؛ لأنه يراد للناس أن يسكتوا، أول ما يحرص عليه أعداء الأمة: أن يسكتوا الناس عن التواصي بالحق في المسؤوليات والقضايا الكبيرة، والمواقف المهمة، أرادوا للناس أن يسكتوا؛ بينما الله يريد لنا أن نتكلم، أن نوصي، نوصي بعضنا البعض، نوصي مجتمعنا، نوصي أمتنا، نتواصى فيما بيننا، ويلحظ الإنسان حكمة الله -سبحانه وتعالى- في تشريعه، عندما تلحظ مسألة موقعها في الإسلام مهمٌ، موقعها في القرآن مهمٌ، تلحظ بالفعل أهميتها في واقع الناس، وخطورة التفريط فيها في واقع الناس، وكيف تمثِّل بالنسبة لقوى الباطل وقوى الشر وقوى الضلال أمراً مزعجاً أكثر، ويحاربونها أكثر، فهذا الحق في المواقف المهمة، الحق في المسؤوليات الكبيرة ضاع في واقع الأمة في أغلب مجتمعات أمتنا الإسلامية، غاب، بل أصبح التواصي به مُجرَّما ممنوعاً، ويخاف الكثير من الناس في كثير من المجتمعات في كثير من الشعوب من التواصي بالحق في المواقف المهمة، والمسؤوليات الكبيرة.
ولذلك من نعمة الله -سبحانه وتعالى- عندما يتحرر مجتمع من مجتمعاتنا الإسلامية، عندما يتحرر من تلك القيود، من تلك الأغلال؛ فيتحرك في المواقف الحق، والمسؤوليات الحق، وهذه نعمة كبيرة، يحافظ عليها، يعزز موقفه فيها، يتصدى لكل الذين يحاولون أن يوصوا بترك الحق في هذه المواقف المهمة وفي المسؤوليات الكبيرة، هذا أمرٌ مهم.
أيضاً التواصي بالحق في القضايا الكبيرة والصغيرة، على مستوى القضايا الاجتماعية: نزاع بين قبيلة وأخرى، نزاع بين شخصٍ وآخر، إشكالات في الواقع الحياتي للناس، ويأتي في الواقع الكثير مثلاً من المواقف أو القضايا التي قد يتحرك فيها البعض بعيداً عن الحق.
نزاع بين قبيلةٍ وأخرى، يأتي البعض يحاول أن يتبنى موقفاً غير الحق، فيتعصب معه البعض، هذا أمر خطير جدًّا؛ حينها تبرز أهمية هذه المسؤولية، حينما يأتي البعض من المؤمنين، ممن يدركون أهمية التواصي بالحق، فيوصون بالحق، ويدعون إلى الحق، ويسعون إلى أن يتوجه الموقف نحو الالتزام بالحق، والتمسك بالحق، المطالبة بالحق، والاقتصار على الحق، إذا أصبح الحق هو المطلب للجميع ستحتل المشاكل بسهولة، ستحتل النزاعات بسهولة، عندما يصبح مطلباً للجميع في مجتمعاتنا الإسلامية.
على مستوى الأشخاص أو القضايا في الواقع المجتمعي، عندما يكون التذكير بالحق والتواصي بالحق في كل الأمور، في كبيرها وصغيرها، سيتجه الناس للالتزام بالحق الذي فيه نجاتهم وفوزهم وفلاحهم، وسيسلمون الخسارة الكبيرة جدًّا، وخسارات رهيبة، ما من موقفٍ باطل إلا ويترتب عليه خسارة، وخسارة خطيرة جدًّا؛ لأن الخسارة في الموقف الباطل ليست في الدنيا فحسب، وإنما تمتد إلى الآخرة، تمتد إلى المستقبل الأبدي، تمتد إلى الأمور المهمة والكبيرة، تخسر بها رضوان الله والجنة، تدخل بها النار والعياذ بالله، فهي مسألة في غاية الأهمية.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من محاضرة السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي / حفظه الله.
المحاضرة الرمضانية الحادية عشر / 1441هـ 4-5-2020م
أضواء على سورة العصر (2)التواصي بالحق وبالصبر.