يتبين من خلال كل هذا العدوان غير المسبوق، والإجرامي الفظيع، الحقيقة الشاهدة، والمصداق الواضح، لما أعلنه الله وبينه "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" للمسلمين في القرآن الكريم، عن عدوهم الأشد عداءً لهم، والذي يُفترض أن يكون لديهم هم كأمة تنتمي للإسلام، تُقِرُّ بالقرآن الكريم، وتشهد أنه كتاب الله، وأنه حقٌ لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، يفترض بهذه الأمة أن تؤمن بهذه الحقيقة، وأن تُصَنِّف على ضوئها أولئك على أنهم- فعلاً- الأعداء الأشد عداءً للأمة، العدو رقم واحد لكل مسلم، هذا واجب كل مسلمٍ من المسلمين ينتمي للإسلام، يشهد لرسول الله محمد "صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ" بأنه رسول الله، يشهد للقرآن بأنه كتاب الله، يفترض به- بناءً على ذلك- أن يُصَنِّف اليهودي على أنه العدو رقم واحد، {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ}[المائدة:82]، اليهود قبل غيرهم رقم واحد، {وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا} بعدهم الرقم الثاني.
{لَتَجِدَنَّ}، وقد وجدنا، ووجدت أمتنا الشواهد الواضحة من الواقع، تلك الجرائم التي وجدها كل من يتابع الأحداث، والأحداث في هذا العصر تُوثَّق لِتُرى وتشاهد، وليس فقط لِتُسمع كما في العصور السابقة، ما قبل التصوير، والبث التلفزيوني، والنقل للمشاهد حَيَّةً ومشاهدة ليراها الناس، في هذا العصر تجلَّت الحقائق إلى هذه الدرجة، من مختلف أقطار الأرض يشاهد الناس بأم أعينهم أفظع الجرائم، وأسوأ الجرائم، وأكبر الجرائم، التي تعبِّر بكل جلاء عن أشدِّ العداوة، العدو الإسرائيلي وهو يستهدف الجميع في قطاع غزة، يُدمِّر المدن بكلها على رؤوس ساكنيها، يتفنن في ارتكاب أبشع الجرائم وأفظعها، يقتل الأطفال بشكلٍ جماعي مع أسرهم وأهاليهم، ويقتلهم بشكلٍ منفرد أمام أعين الأهالي، أمام أعين أسرهم، يستهدفهم بالتعذيب، يسعى لإبادتهم، يستهدف الرُّضَّع والخُدَّج أيضاً حتى في المستشفيات... كل الممارسات التي هي إجرامية من جهة، وتُعبِّر عن عداءٍ هو في منتهى العداوة، عن حقد، عن كراهية، عن بغض، عن احتقار، ووراءه أيضاً خلفية فكرية ومعتقدات تعتبر العرب والمسلمين بشكلٍ عام بأنهم مجرد حيوانات وليسوا بشراً، ويُعبِّر عنها الأعداء في تصريحاتهم، وفي ممارساتهم، وفي أفعالهم.
وجدنا ووجدت أمتنا الإسلامية ما يُعبِّر أشد التعبير عن العداء الشديد لهذه الأمة في دينها، ومقدساتها، في التعامل مع القرآن الكريم، في التعامل مع بيوت الله (المساجد)، مع المسجد الأقصى، وهو في ظل تهديدٍ دائم، وهكذا، في الإساءات إلى رسول الله "صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ"، في هتافات وعبارات وأقوال أولئك المجرمين، في الاستباحة التامة لكل الحرمات بالنسبة للشعب الفلسطيني وللمسلمين عموماً، وليس فقط الشعب الفلسطيني.
ولــذلك يستبيحون حياة هؤلاء الناس، يستبيحون عرضهم وشرفهم وكرامتهم، من خلال جرائم الاغتصاب، وأيضاً ممارسات التعذيب بكل وسائل التعذيب، الإبادة بكل وسائل الإبادة، القتل الجماعي، القتل بكل وسائل القتل، وأيضاً بوسائل التجويع، ومنع الدواء... وغير ذلك، ومنع الخدمة الطبية، ما يمكن أن يتصوره الإنسان، وفوق ما يتصوره، وفوق ما يُعبِّر عنه، فوق الوصف، وفوق التعبير، من الجرائم العدوانية، الوحشية، الفظيعة، قد فعله العدو الإسرائيلي، بما يكفي ويفني، يتبين لأي إنسان مهما كان غباؤه، مهما كانت بلادته، أن يفهم أن ذلك فعلاً هو العدو لهذه الأمة، وما يفعله بالشعب الفلسطيني ليس فقط منحصراً على الشعب الفلسطيني، هو ارتكب أبشع الجرائم في ما مضى ضد كثير من الشعوب في محيط فلسطين، في عدوانه ايضاً على لبنان ارتكب جرائم الإبادة الجماعية، والتدمير الشامل، وأبان عن حقده وطمعه، في نظرته العامة إلى المسلمين بشكلٍ عام، وإلى العرب أيضاً في داخل دائرة الأمة الإسلامية، هو يُعبِّر عن ذلك، ويتحدث عن ذلك، وهو في موروثه الفكري والثقافي، الذي هو باطل، ولكنه يعتقد ما هو باطل، ما هو كفر، ما هو شر، ما هو ظلم.
هذه حقيقة واضحة جداً، وحقيقة بيِّنة، تجلَّى فيها منتهى الحقد، والكراهية، والبغضاء، وأن ذلك العدو هو يشكل الخطورة البالغة على أمتنا؛ لأنه بكل ما يمتلكه من حقد وكراهية وبغضاء لأمتنا جميعاً، دون استثناء، دون إعطاء أي اعتبارات للانتماءات المذهبية، هو عدوٌ متجردٌ من القيم الإنسانية، والأخلاقية، والدينية، متوحش، جريء على الإجرام مهما كان بشعاً، يستهدف الأطفال الرُّضَّع، الأطفال الخُدَّج، يستهدف الكبار، الصغار، يطلق الكلاب البوليسية على الشيبان، على العجائز لتنهشها وهم على قيد الحياة، وهكذا يفعل أي جريمة مهما كانت بشعة، دون تردد، بمجنزراته يستهدف المعاقين، ويسحقهم... كل أشكال الجرائم، يمكن للجهات الإعلامية أن تعمل فرزاً وتصنيفاً لأنواع الجرائم الفظيعة والبشعة التي يرتكبها العدو الإسرائيلي، ومع ذلك هو عدوٌ ماكر، ومخادع، وغدَّار، عدوٌّ شيطانيٌ، في استهدافه لأمتنا الإسلامية بكل أشكال الاستهداف؛ بُغية إذلالها، وإهانتها، والسيطرة عليها.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
كلمة السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي
حـــول آخـــر التطـــورات والمستجـــدات الأسبوعيـــة
الخميس 4 جمادى الآخرة 1446هـ 5 ديسمبر 2024م