شعوبُنا أَمَـامَ كُلّ ذلك بين خيارين: إما الاذعان والتسليم لهذه المخاطر وإفساح المجال للأَمريكي وأَدَوَاته ليشتغلوا شغلهم في الأُمَّــة ويعملوا ما يريدون وينفذوا كُلّ مكائدهم ومؤامراتهم بحق الأُمَّــة دون أية عوائق ولا مطبات أَمَامـهم حتى يوصلوا إلَـى النتيجة التي يريدونها وهي أَسْـوَأ نتيجة خسارة الدنيا والآخرة، أَوْ أن تتَـحَـرّك الأُمَّــة أن تعتصم بالله سبحانه وتعالى، أن تعود إلَـى مبادئها العظيمة وَإلَى قيمها الأصيلة وَإلَى فطرتها الإنْسَـانية، وتتَـحَـرّك تَـحَـرّكاً مسؤولاً تعي مسؤوليتها أَمَـام نفسها وأمام الله سبحانه وتعالى الذي لا يرضى لها الإذعان والخنوع والاستسلام وأعداؤها يسحقونها ويرتكبون بحقها أبشع الجرائم ويسعون إلَـى القضاء عليها وإنهاء كيانها ووجودها بكل ما يعنيه هذا الوجود. الخيارُ بالتأكيد الخيار الصحيح الذي تقتضيه الفطرة الإنْسَـانية وتفرضه المبادئ ويفرضه الدين والقيم والأَخْلَاق أن تتَـحَـرّك هذه الأُمَّــة لتدفع عن نفسها تلك الأَخْطَـار، أن تتَـحَـرّك بشكل شامل بقدر ما يتَـحَـرّك الأَعْــدَاء بشكل شامل، أن يكون هذا التَّـحَـرُّكُ بشكل شامل، وأن تحرص على كُلّ ما يعطيها قوة في الموقف أن تحرص على ذلك كله وتتَـحَـرّك على كُلّ المستويات. الوعيُ.. الأُمَّــة بأمس الحاجة إلَـى الوعي، التَّـحَـرُّك العملي على كُلّ المستويات، اليوم الشعوب مكشوفة الظهر لا جيوش قوية تحميها ولا كيانات بشكل دول يمكن أن تعول عليها لتدفع عنها الخطر والشر يطالها بشكل مباشر، والمؤامرات تنزل اليوم إلى الميدان الشَّـعْـبي بشكل مباشر؛ لأَن موضوع الحكومات بالأَغلب قد انتهت منه أَمريكا البعض صار مجرد دُمية يتَـحَـرّك لتنفيذ المؤامرات، والبعضُ إما قضي عليه وإما مستغرق يعيش حالة الأزمة الخانقة التي تفقده القدرة على الفعل الكبير في واقع الأُمَّــة، فالشعوب معنية بنفسها معنية بحكم الفطرة الإنْسَـانية وبحكم الدين والمسؤولية الدينية، إن الله يأمرنا أن نتحرر من الطواغيت، إن الله يريد لنا أن لا يستعبدنا أحد أياً كان وبأي عنوان كان، إن الله سبحان وتعالى يرد لنا العزة ولا يرضى لنا أن نقبَلَ بالذلة والهوان، إن الله سبحانه وتعالي هو القائل، (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ )، أن الله يريد لنا الكرامة أن الله يريد لنا أن لا نظلم وان لا نقبل من الآخرين بان يظلمونا أبشع الظلم وبكل أشكال الظلم عَسكرياً واقتصادياً وسياسياً وتحت كُلّ العناوين، (وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِّلْعِبَادِ)، (وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِّلْعَالَمِينَ). وبالتالي مسؤوليتُنا تجاه أنفسنا ومن الحق لنا أن نتَـحَـرّك وأن لا نكترث لكل أولئك الآخرين، يريدون أن تكون شرعية التَّـحَـرُّك لأَمريكا ويجعلون لها الحقَّ المطلق أن تتدخل في كُلّ شؤون هذه الأُمَّــة في شؤون كُلّ شعوبها وان تفعل ما تريد عَسكرياً أَوْ أمنيا أَوْ سياسياً أَوْ اقتصادياً وتتخذ أية خطوة ثم يقولون لك ليس لك الحق أن تتَـحَـرّك للدفاع عن نفسك لا أنت متمرد أَوْ انقلابي أَوْ إرْهَـابي أَوْ أي عنوان ليس لك الحق أن تتَـحَـرّك لما تقتضيه فطرتك ومبادئك ودينك وثقافتك وأَخْلَاقك ليس لك حق الحرية يجب أن تبقى خانعاً لهم مستسلماً لهم مذعناً لسياساتهم وتوجهاتهم، من الطبيعي أن يقولوا ذلك، أَعْــدَاء ويتَـحَـرّكون بطريقة عدائية سيقولون لك استسلم لنا اعطنا سلاحك، قدم إلينا رقبتك، اخضع لنا كن عبداً لنا، هذا ما يريدونه. اللوم على الشعوب حينما تقبل هي بالخنوع، أولئك من الطبيعي أن يقولوا أي شيء مهْما كان سوءاً، مهما كان باطلاً هم أهل الباطل، لا يفاجئ الإنْسَـان بأي شيء من جانبهم أن يقولوا الباطل المحض، أن يقولوا ما لا مستند له أن يتَـحَـرّكوا بما لا حق لهم فيه نهائياً، هذا طبيعي، هم هكذا هم أهل الشر هم أهل الباطل هم المجرمون هم الظالمون هم المتكبرون هم المفسدون، من الطبيعي أن يتكبر أن يطلب الباطل أن يطغى أن يرتكب الجرائم هذا ليس غريباً عليه هو هكذا وإلّا ما كان متكبراً ولا مجرماً ولا سيئاً ولا مفسداً ولا ظالماً لكن لأنه كذلك ستكون تصرفاته وسلوكياته وأقواله ومطالبه بحق الشعوب متفرعة عن ذلك بالتأكيد. ولذلك على الشعوب اليوم؛ لأَن الخيار اليوم بين أن تكون عبداً لربك الله أَوْ تكون عبداً لأعدائك يستعبدونك فيما فيه إذلال لك وقهرٌ لك وإهانة لك وتدمير لك وخسارة لك في الدنيا والآخرة، أما الله وهو فاطرك وخالقك وخالق الكون ومدبّره فاستعباده لك استعبادُ رحمة ورعاية وفضل وتكريم وسعادة وعزة وخير في الدنيا والآخرة يمنحك علماً يمنحك حكمة يهديك إلى الخير في الدنيا والآخرة وأين يمكن للإنْسَـان أن يقبل بين عبودية لأعدائه بكل ما فيها من سوء أَوْ عبودية لربه الله خالقه بكل ما فيها من شرف وعزة وخير في الدنيا والآخرة. وشعبنا الـيَـمَـني هو في مقدمة الشعوب المستهدفة يرون فيه شعباً حراً وعزيزاً وكريماً، يرون في جمهوره الواسع المبدئية والصدق والهُوية الإيمانية الراسخة والنزعة الاستقلالية الحُرة وهم يحاولون تدجين هذا الشَّـعْـب وتركيع هذا الشَّـعْـب وأن يجعلوا منه ومن الشعوب البارزة في المنطقة عبرةً لبقية الشعوب حتى تستسلمَ بكل بساطة وبدون أيَّة مشكلة.
السيد / عبدالملك بدرالدين الحوثي / حفظه الله .
مناسبة ذكري الصرخة في وجوه المستكبرين / 1437 هـ