ومما يشهد لقيمة هذا الموقف، ولصحة هذا المسار وهذا التوجه، هو مدى انزعاج الأعداء منه من أول يوم، من العام الأول لإطلاق هذا الموقف اتجه السفير الأمريكي- آنذاك- في اليمن بمواقف عدائية لهذا الشعار، لهذا الموقف، لهذا النشاط التوعوي والتعبوي، مع أنه ينطلق من منطلقات قرآنية، فله الشرعية الدينية، وهو- في نفس الوقت وفي تلك المرحلة- لم يكن يتعارض مع دستور البلد ومع قوانينه، كان تحركاً في الإطار المعترف به في حق حرية التعبير وحرية الكلمة، ولكنه حورب، اتجه السفير الأمريكي ودفع الحكومة- آنذاك- والجانب الرسمي والسلطة إلى تبني مواقف معادية لهذا التحرك الصحيح والسليم على كل المستويات: على المستوى الإعلامي، ثم على مستوى الاضطهاد، والملاحقة، والاعتقال، والسجون، والفصل للبعض من وظائفهم، ثم على مستوى شن الحروب العسكرية في ست جولات عسكرية معروفة.
ما بعد ذلك تحركت القوى الأخرى التي يستطيع الأمريكي أن يحركها، وتحت عناوين أخرى، كما هي الطريقة الأمريكية في اختراق الأمة من الداخل، تحت عناوين سياسية، والبعض تحت عناوين مذهبية، والبعض تحت عناوين عنصرية، والبعض… بمختلف العناوين التي يحشد لها الأمريكي من يقاتل، يقاتل هؤلاء الذين يشكلون عوائق أمام نجاح مؤامراته التي تستهدفنا كأمة.
يستمر التحرك المعادي لهذا الموقف ولهذا التوجه من جانب الأمريكي، من خلال أدواته، بوسائله وأساليبه، بشكلٍ ظاهرٍ وبشكلٍ خفي، بشكلٍ معلنٍ وأيضاً بوسائل ومؤامرات خفية، يستمر إلى اليوم، وهذه مسألة واضحة ومسألة جلية، والعدو- بلا شك- يستخدم وسائل مخادعة للكثير من الناس، والكثير من السذج، ويوظف لها النشاط الإعلامي الواسع؛ بهدف تضليل الرأي العام.
على كُلٍ؛ منذ إطلاق هذه الصرخة وهذا الشعار، والتحرك في هذا المسار العملي الذي يجعل من التصدي للهجمة الأمريكية والإسرائيلية على أمتنا الإسلامية أولوية، ومنطلقاً عملياً في كل المجالات، ويسعى إلى بناء الأمة على كل المستويات، وعلى مستوى الوعي، وعلى المستوى العملي في كل المجالات، لتكون بمستوى مواجهة هذا الخطر وهذا التحدي، ويستنهضها للقيام بواجبها في التصدي لهذه الأخطار، منذ تلك الصرخة وإلى اليوم فإن مسار الأحداث، وكل المستجدات التي استجدت من الوقائع والمشاكل والأحداث في واقع الأمة في مختلف البلدان الإسلامية، وفي الواقع اليمني، وإلى اليوم تشهد بكلها على صحة وصوابية هذا الموقف، وهذا المسار، وهذا التوجه، وعلى الحاجة الملحة، والضرورة الأكيدة لموقف في مواجهة هذا الخطر الكبير الأمريكي والإسرائيلي بكل وسائله، بكل أدواته، بكل أساليبه، بكل مؤامراته المتنوعة التي لها أشكال كثيرة، وتدخل إلى كل المجالات.
لاحظوا، خلال كل هذه المراحل لا يمكن القول بأن أمريكا غيرت مواقفها، أو اتضح في طبيعة تعاملها مع أبناء الأمة أنها صديقٌ للأمة، أو أنها لا تشكل خطراً على الأمة، أو أن الأمة يمكن أن تكون في مأمن من مؤامراتها المتنوعة والشاملة في كل المجالات والمواضيع، تأملوا على مستوى الواقع السياسي للأمة في كل بلدانها، الواقع السياسي مأزوم، والاستهداف واضح، والتدخل الأمريكي واضح في مختلف بلدان منطقتنا، في مختلف بلدان عالمنا الإسلامي، التدخل الأمريكي واضح، وهو تدخل عدائي وتخريبي وسلبي، يصنع الأزمات، يصنع المشاكل، يوظف ويستغل ما هو موجود من مشاكل، ويصنع المزيد أيضاً من الأزمات والمشاكل، على المستوى الاقتصادي له برنامجه الواسع الذي يستهدفنا كأمةٍ مسلمة في مختلف بلدانها، على المستوى العسكري، على المستوى الأمني… على كل المستويات، وفي كل المجالات.
ما يفعله أيضاً من خلال أدواته وعملائه والموالين له من أبناء الأمة، وما وصلوا إليه هم من دورٍ سلبيٍ وتخريبيٍ بارز في إثارة الفتن بين أبناء الأمة، في إثارة الشقاق والصراع بين أبناء الأمة، في استنزاف الأمة في طاقاتها، في إمكاناتها، في قدراتها، في فتح المعارك الكثيرة والمشاكل الكثيرة بين أبناء الأمة بما يخدم أمريكا وإسرائيل، وفي سعيهم لاستهداف كل من يتحرك بشكل صحيح، ويمثل في أنشطته وأعماله واهتماماته وأولوياته عائقاً أمام سيطرة أمريكا، وأمام العدو الإسرائيلي.
المستجدات والأحداث من ذلك اليوم وإلى اليوم تشهد لصحة هذه المسيرة في قراءتها للأحداث، أنها لم تكن- آنذاك- أحداثاً عابرة، مجرد استهداف لأفغانستان والعراق وينتهي الأمر، بل التحرك الأمريكي يستهدف الأمة- كل الأمة بلا استثناء- في مختلف بلدانها، بوسائل وأساليب متعددة، وبمؤامرات صاغها ورتبها لاستهداف كل بلدٍ بما يناسبه.
في تقييم هذه المسيرة، وفي قراءتها للأهداف والأحداث، وفي موقفها الحق، وفي توجهها الصحيح، وإلى اليوم ندرك جميعاً أنه لا يحمينا- كأمةٍ مسلمة- لا يحمينا من الاختراق، لا يحمينا من أن نتجند لصالح الأعداء، ولا يحمينا أيضاً من الهجمة الأمريكية المباشرة وغير المباشرة إلا أن نكون في الموقف الصحيح، وفي التحرك المسؤول، في موقع المسؤولية الصحيح، وأن نحمل الوعي اللازم في مواجهة هذا الخطر، وهذه الهجمة.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من خطاب السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي / حفظه الله.