عندما أتى هذا العدوان من أول غاراته الجوية، كانت بصمته بصمةً إجرامية، وكان السلوك الإجرامي هو السمة البارزة والصفة الواضحة لهذا العدوان في كل المراحل الماضية وإلى اليوم، في تلك الليلة، وفي الغارات الأولى سقط فيها- في الغارات على الأحياء السكنية في صنعاء في بني حوات- سقط فيها اثنان وثلاثون مدنياً شهداء، بينهم أربعة عشر طفلاً، وثمان نساء، وأصيب فيها مئةٌ وثلاثون مدنياً، بينهم اثنا عشر طفلاً، وعشرون امرأة، كل هؤلاء استشهدوا وأصيبوا داخل منازلهم التي دمِّرت على رؤوسهم بالقنابل والصواريخ بكل وحشية، وبدون سابق إنذار، هذه هي البداية في الغارات الأولى، هذا العدد الكبير من الشهداء والجرحى، وبينهم عددٌ كبير من الأطفال والنساء، الذين استشهدوا وأصيبوا في تلك الليلة في تلك الغارات، مع أنها غارات مفاجئة، وإجرامية، ووحشية، وبدون أي سابقة لصراع ومشاكل وحرب، أو حتى توتر مباشر ما بين الشعب اليمني وبين تلك الدول المعتدية، إلَّا أنَّ الموقف السائد في الجو العام بالنسبة للجهات الرسمية والأنظمة الرسمية في العالم العربي، والعالم الإسلامي، وفي بقية البلدان، تجاه هذه الاعتداءات الإجرامية، وتجاه هذا العدد الكبير من الشهداء والجرحى من المدنيين في منازلهم، كان الموقف السائد لدى الكثير من الجهات والأنظمة الرسمية هو التجاهل لما يجري، إن لم يكن التأييد لما حدث، التأييد لتلك الجرائم، الكثير منهم صمتوا تجاه ذلك، وكان الموقف الإنساني، الموقف الأخلاقي، الموقف الحق المبدئي لفئاتٍ محدودة ممن هم في إطار محور المقاومة، وأحرار الأمة.
بينما نجد أنه أحياناً إذا حصل قصف في الحالة الدفاعية، ولو لم يصب أي شخص، أو لم يتسبب بأي أضرار، أو كانت أضراره محدودة مادية في سياق عمليات دفاعية، كم تصدر من الإدانات والاستنكار حتى من جهات عربية تقدم نفسها باعتبارها جهات دينية، كالأزهر في مصر، الأزهر في مصر لم نعرف عنه ولا مرة واحدة إصدار بيان استنكار لأي جريمة من جرائم تحالف العدوان في اليمن، مهما كانت، مهما كان مستواها، مهما كانت نتائجها، وما نتج عنها من ضحايا وشهداء وجرحى، من أطفال ونساء وأبرياء، الكل يعرف أنهم أبرياء، وأن قتلهم يعتبر إجراماً وظلماً بغير حق، لا يصدر في العادة أي بيان استنكار لذلك.
ولم يكن هناك أي موقف- كما قلنا- باستثناء جهات محدودة، استمر السلوك الإجرامي بهذه الطريقة: القتل الجماعي، القتل لأعداد كبيرة، ومعظم الجرائم تلك تأتي بحق المدنيين في الأحياء السكنية، في المدن، في القرى، ومهما بلغت جرائم تحالف العدوان، مهما كانت وحشيتها، مهما كان عدد ضحاياها من الشهداء والجرحى، لا صوت، البعض يصدر الترحيب بذلك، والتأييد لذلك، والتشجيع لذلك، نذكر هنا نماذج منها محدودة كعناوين:
[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
ألقاها السيد/ عبدالملك بدر الدين الحوثي