للأسف الشديد تورَّط معظم الأنظمة العربية في خيار المعيَّة، يعني: أعلنوا أنهم مع أمريكا، وتحالفوا معها، وهم يدركون أنَّ بلدانهم مستهدفة، وشعوبهم مستهدفة، وحتى أنظمتهم في الأخير هي مستهدفة، واتَّجهوا معها، وفتحوا لها كل شيء، فتحوا بلدانهم للقواعد العسكرية الأمريكية، وتوجَّهوا على المستوى السياسي، وعلى مستوى المواقف، وفق إملاءات أمريكا، وتوجيهات أمريكا، وتحرَّكوا أيضاً في بقية الأمور ليؤقلموا كل شيء وفق التعليمات والتوجيهات والإملاءات الأمريكية، بما في ذلك: السياسة التعليمية، السياسة الإعلامية، الخطاب الديني... وغير ذلك، وهذه كارثة وطامَّة بكل ما تعنيه الكلمة، وهم يدركون أنَّ المهم بالنسبة لأمريكا هو إخضاع شعوب أمتنا، وحتى على المستوى الرسمي والشعبي، إخضاع الحكومات والجيوش والشعوب لمصلحة الإسرائيلي؛ لأنه هو الوكيل الحصري والشريك الحقيقي للأمريكي، والأمريكي والإسرائيلي كلاهما ارتبط بالمشروع الصهيوني، يسعيان معاً إلى تنفيذه، وهذه مأساة بكل ما تعنيه الكلمة، والمسألة هذه مسألة مهمة جداً.
الأمريكي لم يكن تحركه من أجل فقط أن يضمن مصالحه في المنطقة، مصالحه محمية بالحكام، وبالجيوش، بالأنظمة التي أخلصت له، في أن تقدِّم له كلَّ شيء، وأن تترك له حصة الأسد على حساب شعوبها المهضومة، المظلومة، المعانية، وكانت مصالحها محمية بالحكام، وتفتح له المجال ليأخذ ما يريد، وينهب بالقدر الذي يرغب فيه، لكن الأمريكي اتَّجه لخطوات أكثر من مسألة المصالح، اتَّجه إلى السيطرة المباشرة، والإخضاع لهذه المنطقة بشعوبها، وبلدانها، وحكوماتها، وأنظمتها، للسيطرة المباشرة، ولمصلحة العدو الإسرائيلي، وهو يريد أن يكون الإسرائيلي وكيله الحصري المسيطر تماماً على واقع ما يسمونه بالشرق الأوسط، على غرب آسيا، وهذه مأساة، وقضية خطيرة جداً، تمثل تهديداً- بكل ما تعنيه الكلمة- كبيراً جداً على أمتنا في دينها وفي دنياها.
فتحرَّك شهيد القرآن، السيد/ حسين بدر الدين الحوثي "رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِ"، بالمشروع القرآني، ليكون الخيار ضد أمريكا وإسرائيل والمشروع الصهيوني من منطلقٍ قرآنيٍ ومبدئي، ومع أنَّه كان صوتاً قرآنياً خالصاً، وتحرَّك بحكمة ورشد، وفي خطوات عملية موفَّقة، ومسددة، وحكيمة، تسعى لاستنهاض شعوب أمتنا، ونشر الوعي القرآني فيها، وتحريكها عملياً بالبراءة من أعدائها، والاحتجاج على ما يعمله أعداؤها، والتحرك وفق رؤية عملية شاملة، إلَّا أنَّه حتى ولو كان الخيار قرآنياً، والصوت صوت القرآن، فإنَّ واقع الأنظمة الرسمية- وللأسف الشديد- في ارتباطها بأمريكا ضد شعوبها، ضد أمتها، كان قد وصل إلى درجة أن تتحرك وفق الإملاءات الأمريكية لإسكات هذا الصوت، وأن تعمل لمنع أي تحرُّكٍ في أوساط الأمة ضد السيطرة الأمريكية، والهيمنة الأمريكية والإسرائيلية، والمشروع الصهيوني، لاسيَّما إذا كان تحركاً واعياً، راشداً، على بصيرة وبيِّنة وحكمة، وجاد، ومن منطلقٍ صحيح، على أسسٍ صحيحة، فهم يتحركون لمنعه وتشويهه؛ لأن المطلوب من الجانب الأمريكي اخضاع هذه الأمة، فتكون مستسلمة، ولا يكون فيها أي تحرك يعيقه، أو يعيق شيئاً من أجندته ومشاريعه هو وشريكه الإسرائيلي، وأن تكون الساحة مفتوحةً أمامهم، بدون أي عوائق مهما كان.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
كلمة السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي
حـــول آخـــر التطـــورات والمستجـــدات الأسبوعيـــة
الخميس 12 جمادى الأولى 1446هـ 14 نوفمبر 2024م