وأيضاً عندما نتأمل في مجريات ما حدث، وأهمية هذا الانتصار، ماذا لو نجح العدو الإسرائيلي في عدوانه على لبنان، وتمكَّن من الاجتياح للبنان، وتمكَّنت فرقه العسكرية وحشوده العسكرية من الاجتياح للبنان؟ الكارثة لن تكون على لبنان لوحده، ستكون مأساة كبيرة جداً على لبنان بكلها، والشعب اللبناني بكله، ولكن العدو الإسرائيلي كان سيوظِّف ذلك النجاح على مستوى المنطقة بكلها، والوضع في المنطقة في معظم البلدان هش بكل ما تعنيه الكلمة، الأنظمة فيها أنظمة تعيش حالة اليأس، الهزيمة المسبقة، واقع الكثير، وشهد على ذلك مواقفهم تجاه ما يفعله العدو الإسرائيلي في فلسطين، المواقف الضعيفة، أو التي تكاد تنعدم كموقف، تشهد على أنهم جاهزون للهزيمة ابتداءً، والعدو الإسرائيلي يطمع- فعلاً- يطمع أنه لو تخلَّص من لبنان وفلسطين، والقوى الحيَّة في الأمة، في المحور (محور الجهاد والمقاومة) التي تواجهه، فهو لا يحمل القلق وهاجس الصعوبات الكبيرة، والعوائق الكبيرة، والموانع الكبيرة فيما عدا ذلك، يعتبر البقية جاهزين، جاهزين للهزيمة والسيطرة، وأن يفرض عليهم ما يشاؤه ويريده مع الأمريكي؛ لأنها- كما قلنا- جبهة مشتركة (أمريكية، إسرائيلية، غربية)؛ ولـذلك فشل العدو هناك، هو انتصارٌ للأمة بكلها، ويدفع عنها الكثير من المخاطر.
والعدو الإسرائيلي هو قلقٌ جداً من حزب الله في لبنان، ومن الجبهة اللبنانية؛ باعتبارها جبهة قوية، فعَّالة، مباشرة، ألحقت به الهزائم تلو الهزائم، وحقق الله على أيدي مجاهدي حزب الله الانتصارات الكبرى، وهي جبهة مباشرة، وقريبة، على الحدود مع فلسطين المحتلة، وهذا يزعجه جداً، وإضافةً إلى ذلك يزعجه النموذج؛ لأن هذا يشهد على أنَّه عندما تتحرك شعوب أمتنا الإسلامية، وتحمل التوجه الإيماني، والإرادة الإيمانية، والبصيرة والوعي، وتأخذ بأسباب النصر؛ فإنَّه يمكنها أن تهزم أعداءها، وأن تكون في منعةٍ وعزةٍ، فيفشل الأعداء من مساعيهم العدوانية في السيطرة عليها؛ لأن المشروع الصهيوني هو: السيطرة على هذه المنطقة التي يسمونها بالشرق الأوسط، يُصرِّحون بذلك، يتكلَّمون بذلك، ويخططون لذلك، ويعملون على تحقيق ذلك، فهم يرون في هذا النموذج وفي نجاحه أنَّه يمثِّل عائقاً أمامهم، فهو حجة على بقية الشعوب، وهو مشجِّعٌ لبقية الشعوب، وهو يقدِّم من ثباته وانتصاره الدلالة الواضحة على أنَّه بالإمكان أن تنتصر هذه الشعوب وهذه البلدان على العدو، إضافةً إلى أنه جبهة متقدِّمة، حال بين العدو وبين الامتداد بالمستوى الذي يريده إلى بقية البلدان، وهذه مسألة مهمة جداً.
يتجلى لنا ثمرة الصبر، وثمرة الجهود العملية، وثمرة الأخذ لأسباب النصر، من الاستعداد المسبق، من البناء المسبق، البناء الإيماني، المعنوي، الاستعداد العملي، هذا له ثمرته عندما تأتي الأحداث الكبيرة، والتحديات الكبيرة، والصعوبات الكبيرة؛ ولذلك مما أفاد حزب الله، وساعده على التماسك والصمود، بالرغم مما حدث له من معاناة؛ نتيجةً لاستهداف القادة، واستهداف الكوادر، وما لحق به من معاناة وأضرار من جهة الاستهداف المكثف، الذي استهدفه به العدو، والإطباق الجوي والاستخباراتي... وغير ذلك، لكن مما ساعده على التماسك في ظروف كهذه، من أقسى الظروف، ومن أقسى المراحل، هو: الاستعداد المسبق، استعداد وبناء إيماني تربوي، تأهيل، تدريب، تنظيم، تجهيز، استعداد، توفير للسلاح، توفير للمؤونات اللازمة، هذا الاستعداد المسبق في شقيه: المعنوي، والمادي والعملي، كان له ثمرة ونتيجة ساعدت على الصمود والتماسك، وكانت أيضاً سبباً للرعاية الإلهية؛ لأن الله مع الصابرين، والصابرين الذين هم في إطار عمل وموقف، صبروا في كل مراحل الصبر، صبر أثناء العمل، لما يلزم من إعداد، وتجهيز، واستعداد، صبر في التدريب، في تجهيز المنشآت، في البناء، في الدورات، في التأهيل، في الأخذ بالأسباب العملية اللازمة.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
كلمة السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي
حـــول آخـــر التطـــورات والمستجـــدات الأسبوعيـــة
الخميس 26 جمادى الأولى 1446هـ 28 نوفمبر 2024م