ولذلك عندما أتى هذا المشروع القرآني واتجه بشكلٍ رئيسي لتحصين الأمة من الداخل؛ لأنه انطلق على أساس الاهتداء بالقرآن الكريم، القرآن الذي كلما حدثنا عن أولئك الأعداء رسم لنا خطوات لتحصيننا من الداخل، لسد الثغرات في الداخل، قدم خطوات تعبوية استنهاضية، يعرفنا أن أولئك أعداء، وأن علينا أن نبني أنفسنا لمواجهتهم في كل مجالات الحياة وميادين الحياة، وأن المعركة معهم هي ليست فقط في الميدان العسكري، والميدان العسكري جزءٌ أساسيٌ فيها، ولكنها تمتد إلى كل المجالات.
أولئك يغزون أمتنا اليوم إلى كل منزل، وليس فقط إلى كل دولة أو إلى كل قطر، عبر التأثير الإعلامي، الهجمة الإعلامية التضليلية التي يشغلون فيها الكثير من أبواقهم في هذه الأمة من المنافقين، والمخادعين، والمضلين، الذين يعملون لمصلحتهم تحت كل العناوين، الأمريكي والإسرائيلي كلاهما يفعِّل في هذه الأمة الخطاب الديني حتى، فيأتي الموعظ ويأتي الخطيب من على منبر المسجد، ويأتي الآخر باسم أنه مُفتٍ، والآخر تحت أي عنوان: لجنة علمائية، هيئة كبار العلماء… تحت كل المسميات وعلى كل المستويات، ويأتي الآخرون في الحقل السياسي، ويأتي الآخرون من البوابة الاقتصادية، لا يدع عنواناً إلا وتحرك من خلاله، ولا يدع نافذةً إلا وحاول أن يتسلل من خلالها، ولذلك لابدَّ أن تكون عملية التحصين لهذه الأمة من الداخل عمليةً رئيسية في التصدي لهذه الهجمة الهائلة، التحصين للمناهج الدراسية، التحصين للخطاب الديني، العمل على المستوى الاقتصادي بما يحصِّن وضعنا الاقتصادي من التأثيرات والاختراقات والسياسات التدميرية المضرة بهذه الأمة، المحطمة لهذه الأمة، وعلى المستوى السياسي، على كل المستويات والمجالات.
ولهذا قدم السيد حسين بدر الدين الحوثي -رضوان الله عليه- أكثر من مائة محاضرة ودرس، كل مضمونها ومحتواها يتجه إلى كل المجالات التي يركز عليها القرآن الكريم، ويرسم من خلالها منهجاً متكاملاً ورؤيةً شاملة للتصدي لهذا الخطر الذي يمثله علينا أولئك الأعداء في استهدافهم لأمتنا.
كان البعض يقول: [ما قيمة أن تنشروا في أوساط الناس هذه الحالة من التعبئة ضد الخطر الأمريكي والإسرائيلي؟ ليسكت الناس، ليجمدوا، ليقعدوا]، النظرة الخاطئة لدى البعض: أن نتعامل تجاه هذه الهجمة التي أتت على كل المستويات، وفي كل المجالات، وبكل الوسائل والأساليب، أن نتعامل معها بالصمت، وأن يكون موقفنا تجاهها الجمود، أن نكون كالأموات، يعني: أن نترك الفرصة للعدو ليعمل كل ما يشاؤه بنا، دون أن يكون أمامه أي عوائق، لا ثقافية، ولا فكرية، ولا نفسية، ولا عملية… ولا بأي شكلٍ من الأشكال، يعني: افتحوا الأبواب والنوافذ، وتكتفوا بأيديكم حتى لا تتحرك، واخرسوا وابصموا واسكتوا واجمدوا، ودعوه يفعل ما يشاء ويريد، هل هذا هو منطق الفطرة؟ هل هذا هو منطق الإسلام؟ هل هذه رؤية حكيمة صحيحة؟ بأي تصنيف من مستويات التصنيف لدى البشرية، بالميزان الفطري أو بميزان الدين. |لا| لا ذا ولا ذاك، رؤية الجبناء أو الجهلة الغافلين، أو رؤية من هم عملاء وهم يريدون أن تجمد هذه الأمة وأن تسكت، لماذا؟ لتمكِّن عدوها؛ لأنهم يريدون لعدوها أن يتمكن منها، أو رؤية غير حكيمة لدى البعض الآخر: رؤية لا تدرك طبيعة هذا الصراع، مستوى هذه الهجمة، الوسائل والأساليب التي تشتغل عليها، إذا كانت سياسة التطويع وسيلة، إذا كانت حالة فرض الولاء والتأثير بالولاء لليهود والنصارى وسيلة للعمل عليها في داخل هذه الأمة، ألا يستدعي ذلك نشاطاً بين أبناء هذه الأمة أنفسهم لتحصينهم من هذا التولي، من هذا الولاء، من هذه التبعية، من هذه الميول، من هذا التأثر بهذا العدو وأعوانه من أبناء الأمة؟ بلى، كل الشواهد واضحة.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
كلمة السيد القائد / عبد الملك بدر الدين الحوثي / حفظه الله
بمناسبة الذكرى السنوية للصرخة
/24/ شوال1440هـ /30يونيو, 2019م.