مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

هناك أنظمة عربية وإسلامية، وجماعات وقوى وتشكيلات عربية وإسلامية، تعمل هي على تنفيذ ذلك المخطط، وهناك من يموِّل، تتحمل أنظمة عربية ومسلمة تتحمل هي مسألة التمويل، والآخرون يتحملون مسألة التنفيذ، ويتَّجه هذا المخطط لتدمير هذه الأمة من الداخل، بدءاً بإزاحة ما يمثل عائقاً حاضراً وقائماً الآن، من يعادون أمريكا وإسرائيل، من يستنهضون الأمة ضد أمريكا وإسرائيل، وسعياً لتصفية القضية الفلسطينية في هذه المرحلة الأولى.

المرحلة الأولى هي تشمل: فرض حالة ما يسمونه بالتطبيع لإسرائيل، وتدمير العوائق التي يعتبرونها عائقاً أمام العدو الإسرائيلي والأمريكي، وتصفية القضية الفلسطينية، ثم يأتي الدور على بقية الأمة، لكن في المرحلة التي تكون الظروف قد تهيأت فيها تماماً لتنفيذ المرحلة الثانية من المخطط، وهو: تمزيق هذه الأمة، وإنشاء الكيانات الجديدة فيها، وتمزيق دولها وشعوبها إلى كيانات كثيرة، مجزأة، مبعثرة، صغيرة، حتى الدول الكبرى في هذه الأمة تتحول إلى دول صغيرة، كل دولة تُجزأ إلى دول صغيرة، ثم تكبر المساحة التي يسيطر عليها العدو الإسرائيلي، يعني: تصوروا، عندما تكون قد شملت الشام بكله، وشملت أجزاء من مصر، وأجزاء من العراق، وأجزاء كبيرة من المملكة العربية السعودية (ثلاثة أرباع المملكة العربية السعودية)، ثم في المقابل جُزِّئت البلدان الأخرى إلى دويلات صغيرة، وكنتونات صغيرة، وكيانات مصغرة جداً، مبعثرة، يصبح الحضور الأكبر في هذه المنطقة، والسيطرة الأكبر للعدو الإسرائيلي، ويقدِّم نفسه أنه الدولة الأكبر في المنطقة بكلها، ثم تكون بقية الكيانات خاضعةً له، وللأمريكي تماماً، الأمريكي يريد أن يكون هو الوكيل.

الشيء المؤسف: أن التحرك في إطار تنفيذ هذا المخطط، ولاسيَّما في مراحله الأولى، يعتمد على تحريك أنظمة عربية، وقوى عربية، واتِّجاهات وجماعات عربية وإسلامية، هذا شيءٌ محزن! لكنه شيءٌ يجب أن نعيه جيداً ما قبل ذلك، عملية الوعي هي مسألة مهمة جداً.

وفي هذا السياق، من المؤسف جداً أن كل العناوين، التي غابت تجاه المأساة الكبرى للشعب الفلسطيني، ستحضر عندما تكون المسألة التحرك في هذا المخطط! سيتحدثون بملئ أفواههم وبأعلى أصواتهم عن الضمير الإنساني؛ ليبرروا تحركهم هنا أو هناك، عن المسؤولية الدينية والجهاد في سبيل الله، سيتحدثون عن بقية العناوين.

يعني: عندما كان الإسرائيلي، وهو لا يزال كذلك، يُمَزِّق المصاحف (كتاب الله الكريم، القرآن المجيد)، ويحرق المصاحف، ويهدم المساجد، ويدمِّر المسجد الأقصى، ويسب رسول الله محمد "صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ"، ويقتل المسلمين، ويقتل نساءهم، وأطفالهم، وكبارهم، وصغارهم، في إبادةٍ جماعية، ويجوِّع الملايين من الشعب الفلسطيني، هنا لم تحضر المسؤولية الدينية كعنوان عند الكثير من أبناء هذه الأمة، لم يجب الجهاد، ولا أتى عنوان الجهاد في سبيل الله، ولا شيء؛ لكن في إطار مخطط الشرق الأوسط سيكثرون من الحديث عن الجهاد والاستشهاد، وعن حمل الرايات الجهادية، ستحضر التكبيرات الكثيرة، والتهليلات... وغير ذلك، وتتحرك العناوين الطائفية بأشدها؛ من أجل المخطط الأمريكي الإسرائيلي، وهي لم تحضر تجاه ما يفعله الإسرائيلي، ولا تجاه ما يفعله الأمريكي، عندما تكون المسألة مسألة استهداف شعب هنا أو هناك، في إطار المخطط الأمريكي والإسرائيلي، لتغيير ملامح الشرق الأوسط، سيحضر العنوان العربي، الذي كان غائباً، حينها يمكن للجامعة العربية أن تجتمع، ويمكن للخطابات فيها أن تكون نارية، وأن تكون العبارات قوية، وأن تكون الأصوات مرتفعة، وأن تكون الأعين مفتحة، وغير ذلك، شكل مختلف تماماً عن الشكل الذي رأيناه تجاه القضية الفلسطينية، ويأتي عنوان الحضن العربي، والأمن القوني العربي، وتهديد مصالح الدول، وكل العناوين تحضر بقوة، وتحضر مع السلاح، مع القصف، مع القتل، مع التدمير، مع الحملات الإعلامية المكثفة، هكذا يتغير كل شيء.

ولذلك في هذه المرحلة المهمة جداً، هناك معياران مهمان جداً لكل أمتنا، لكل شعوبها، المعيار الأول: هو قول الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى": {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}[المائدة:54]:

هذا معيارٌ مهم، من نراهم، وشاهدناهم، وعرفناهم، واتضحوا لنا بكل وضوح، أذلاء بكل ما تعنيه الكلمة، أمام الإسرائيلي لم يجرؤوا أن يتَّخذوا أي موقف ضد الإسرائيلي، لا أن يجاهدوه، لا أن يموِّلوا المجاهدين ضده، لا أن يُقَدِّموا أي شيءٍ فعلي وحقيقي في مواجهته، رأيناهم أذلاء بكل ما تعنيه الكلمة، ارتسم الذُّل وتَجَسَّد الذُّل في واقعهم، حتى لنكاد أن نسميِّهم هم بالذُّل؛ لجلائه ووضوحه في موقفهم من العدو الإسرائيلي، وهو يفعل كل ما يفعل ضد الإسلام والمسلمين.

أولئك عندما يكونون متنمرين، ثم يتحركون في إطار مخطط الشرق الأوسط الجديد، وتغيير ملامح الشرق الأوسط بشدة، نراهم يخالفون هذه المعايير الإلهية، التي أتى بها الله في القرآن الكريم؛ لأنهم كانوا أذلاء أمام الكافرين الحقيقيين، أمام الكافر الإسرائيلي، يحرق المصحف، ويُمزِّق كتاب الله، ويُدمِّر المساجد، ويقتل المسلمين كباراً وصغاراً، ثم يأتي البعض من علمائهم، ممن يسمونهم بعلماء ليقول: أن الأولوية للأمة قبل كل هذه المسائل، قبل متابعة أخبار فلسطين، قبل الجهاد في سبيل الله لمواجهة الأعداء الحقيقيين للأمة، الذين يحرقون المصاحف، ويدمِّرون المساجد، ويقتلون المسلمين، ويَسِبُّون رسول الله، يسبُّون رسول الله بنفسه "صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ"، ويوجهون إليه أسوأ الإساءات، وأفظع العبارات، وأشنعها، وأقبحها، يقول البعض من أولئك العلماء: أن الأولوية للأمة هي أن يركِّزوا على أحكام البول، هذه هي المسألة الأهم، وأن يتجاهلوا كل ذلك، ويجعل من هذا مبرراً لتجاهل كل ذلك، فيعبِّر عن هذه كأهمية وأولوية، تستدعي تجاهل كل ما يحصل على الشعب الفلسطيني، وضد الإسلام والمسلمين من قبل العدو الإسرائيلي.

وهكذا هي الحقيقة: تجاه كل ما يفعله الإسرائيلي أذلاء، ثم يكونون أعزة على شعوب أمتنا، أعزة في فتاواهم، في عناوينهم، في عباراتهم، في تحريضهم، في تحركهم الفعلي، أعزة في القتال بشدة، يتحركون بجدِّيَّة بكل ما تعنيه الكلمة، جدِّيَّة في الموقف، استبسال، تضحية، وقد تُقدَّم تضحيات كبيرة من أبناء هذه الأمة؛ لخدمة المشروع الأمريكي والإسرائيلي، لتغيير ملامح الشرق الأوسط وفق ما تريده أمريكا وإسرائيل، تتحول هذه الأمة إلى أمة خاضعة بالمطلق، لا حُرِّيَّة لها، لا كرامة لها، كل شيءٍ فيها يتحول لمصلحة إسرائيل وأمريكا: من يقاتل من أبنائها؛ يقاتل في سبيل أمريكا وإسرائيل، من يُعَلِّم، ويُدَرِّس، ويثقف؛ يتحدث وفق ما تمليه عليه أمريكا وإسرائيل، بما يعزز من هيمنتها، وسيطرتها، وغلبتها، وبما يطمس الهوية الثقافية والفكرية والدينية لهذه الأمة، وهكذا من يتحرك في بقية المجالات، كُلٌّ يتحرك ليكون محياه ومماته في خدمة أمريكا وإسرائيل، وما يفعل، وما يقدِّم، وكل الطاقات في خدمة أمريكا وإسرائيل.

وأمام هذه الحقيقة المهولة، الرهيبة، ندرك أهمية، وعظمة، وضرورة الموقف الصحيح، والاتجاه الصحيح؛ لأنه النجاة لهذه الأمة، لشعوب هذه الأمة، الخير فيه، الشرف فيه، الفضل فيه، خير الدنيا والآخرة فيه، حتى لو كان فيه تضحية؛ لأنه في المقابل سيضحي الآخر، ويخسر الآخر، من يتحرك في سبيل خدمة أمريكا وإسرائيل، تحت أي عنوان، ومنه هذا العنوان: [عنوان تغيير ملامح الشرق الأوسط]، وإن كان ستبرز هناك عناوين هنا أو هناك، عناوين تحت هذا العنوان، لكنه العنوان الحقيقي، مهما قدَّم من يعملون لتحقيقه من عناوين أخرى؛ لمخادعة البسطاء، والسُّذَّج، والسطحيين من الناس.

هنا ندرك أهمية التحرك الصحيح وفق المعايير القرآنية؛ لنكون أعزةً على الكافرين، ورأس الكافرين يتمثل في هذا العصر، في هذه المرحلة، في هذا الميدان الذي نحن فيه، في أمريكا وإسرائيل، العدو الإسرائيلي الصهيوني، رأس الكفر والشر والإجرام، ومعه الأمريكي، كلاهما وجهان لعملةٍ واحدة؛ ولــذلك من هو الأعز في مواجهة إسرائيل فليبرز، ليبرز بصوته، بسلاحه، بموقفه، لماذا يسكت البعض، لماذا يختفي؟ الأموال التي تُدفع للفتن، لماذا لا تُدفع للشعب الفلسطيني الذي يتضوَّر جوعاً، ولمجاهديه الأعزاء، الذين يجدون صعوبةً كبيرة في أن تتوفر لهم حتى الرصاصة الواحدة في مواجهة العدو الإسرائيلي، ولا يتوفر لهم إلا الشيء القليل من هنا أو هناك، هذا معيار واضح: الموقف من أمريكا وإسرائيل، و {أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ}، من هو العزيز على أمريكا وإسرائيل، في موقفه، في سلاحه، ومن يتجند معهم، ويستجدي وِدَّهم، وهم لا يودونه مهما فعل، مهما قدَّم، مهما أنفق.

ولـــذلك هناك فعلاً حزن وأسى، أن يكون الاتجاه الذي ستتحرك فيه الكثير من الأنظمة والاتجاهات والجماعات، بعد كل هذا التخاذل الطويل تجاه مأساة الشعب الفلسطيني، ومظلوميته الرهيبة جداً، والتي كان ينبغي أن تحضر فيها كل العناوين المهمة: عنوان المسؤولية الدينية، والجهاد في سبيل الله، والعرب، والعروبة، والأمن القوم العربي، والحضن العربي... وكل العناوين التي تبخرت وتلاشت، ثم ستحضر لخدمة الأمريكي والإسرائيلي؛ لتغيير ملامح الشرق الأوسط كما يقول الأمريكي والإسرائيلي، هذا مؤسف ومحزن!

لكن في المقابل، ليطمئن وليثق من يتحرك في إطار الموقف الصحيح، والاتجاه الصحيح، الذي رسمه الله لنا، في إطار تعريف من هو العدو: أنه الأمريكي والإسرائيلي، وتعريف المعايير والمقاييس الصحيحة المهمة، التي تُعبِّر عن صدق النيَّات، وصدق التوجهات، وصحة المواقف: أنها {أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ}.

.

[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]   

كلمة السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي

حـــول آخـــر التطـــورات والمستجـــدات الأسبوعيـــة

الخميس 11 جمادى الآخرة 1446هـ 12 ديسمبر 2024م


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر