الدور الأمريكي هو دورٌ أساسيٌ وخطيرٌ في كل ما يفعله العدو الإسرائيلي، والذي يتحمل الوزر- بالدرجة الأولى- في كل ما يحدث في قطاع غزَّة، وفي سائر أنحاء فلسطين (في الضِّفَّة، والقدس... وغيرها)، مع العدو الإسرائيلي، هو الأمريكي؛ لأنَّه شريكٌ له في العدوان، وفي الجرائم بكل ما تعنيه الكلمة، يُقَدِّم له السلاح، يُقَدِّم له القنابل، تلك القنابل التي تلقى على الخيام؛ لقتل النازحين المتجمعين في الخيام، وعلى أطلال المنازل المُدَمَّرة، ويُقْتَل بها الأطفال والنساء، هي قنابل أمريكية، وَقُدِّمَت لهذا الجُرم.
الأمريكي يتبنى بشكلٍ مُعْلَنٍ وواضحٍ وصريح ما يفعله العدو الإسرائيلي، وأعلن ذلك، عندما استأنف العدو الإسرائيلي عدوانه على قطاع غزَّة، أعلن البيت الأبيض تبنيه لذلك، وأنه تم التشاور معه في ذلك، وأنه يدعم ما يقوم به العدو الإسرائيلي، بمعنى: يتبناه بشكلٍ كامل؛ فالأمريكي هو شريكٌ للعدو الإسرائيلي، في عدوانه على الشعب الفلسطيني، وهو مع ذلك الذي يقوم بدور الحماية للعدو الإسرائيلي، وَيُقَدِّم له كل أشكال الدعم؛ ليمارس ما يمارسه، فما يجري في فلسطين (في الضِّفَّة الغربية، في القدس، في قطاع غزَّة) هو كله بتبنٍ أمريكي، ورعاية أمريكية، ودعم أمريكي مفتوح وشامل للعدو الإسرائيلي.
العدو الإسرائيلي، ما يفعله أيضاً في الضِّفَّة الغربية اعتداء كبير، عمليات عدوانية تهدف إلى التهجير؛ لأنَّها تقوم بعملية التهجير وفق مراحل معينة، بدءاً من المخيمات، والذي حدث في (مخيم جنين) نكبة كاملة للمخيم، وواضح أن العدو الإسرائيلي يخطط لعملية تهجير واسعة من الضِّفّة.
الاستمرار أيضاً في الانتهاكات ضد المسجد الأقصى، انتهاكاً لحرمته، واستباحةً له، وما قام به المجرم الصهيوني اليهودي [بن غفير] في هذه الأيام يأتي في هذا السياق، بمعنى: أن المسجد الأقصى مستهدف باستمرار، عملية الاقتحامات المستمرَّة، والمنظَّمة من قبل العدو الإسرائيلي، هي تبيِّن التَّوجُّه الإسرائيلي العدواني ضد المسجد الأقصى، الذي هو من مُقَدَّسَات المسلمين بكلهم، بل من أعظم مُقَدَّسَاتهم، مسرى النبي "صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ"، وإحدى القبلتين؛ ولـذلك فالعدو الإسرائيلي يفعل ما يفعل، في اتِّجاه عدواني وتصعيدي، يهدف إلى التهجير للشعب الفلسطيني، والتصفية للقضية الفلسطينية؛ فالأُمَّة أمام هذين الخطرين:
- ما يرتكبه العدو الإسرائيلي من جرائم رهيبة، فظيعة جدًّا.
- وفي نفس الوقت ما يهدف إليه من وراء ذلك، وهو: التصفية للقضية الفلسطينية، والتهجير للشعب الفلسطيني.
بشراكة أمريكية في كل ذلك، بتبنٍ أمريكي لذلك، بدعمٍ شاملٍ ورعايةٍ تامة من الجانب الأمريكي، لما يقوم به العدو الإسرائيلي.
العدو الإسرائيلي بناءً على ذلك- على هذا الدعم الأمريكي- يقوم بما يقوم به ضد الشعب اللبناني:
- اعتداءات مستمرَّة.
- نكت للاتِّفاق، ومخالفات صريحة وواضحة، بل إنه يخرق الاتِّفاق بخروقات جسيمة.
- لم يكمل انسحابه من الأراضي اللبنانية، لا يزال محتلاً للمراكز في لبنان.
- في نفس الوقت يستبيح الأجواء اللبنانية باستمرار ودون توقف.
- وفي نفس الوقت لم تتوقف غاراته العدوانية، بالقتل في مناطق واسعة، وصولاً إلى بيروت.
وهو مستمرٌ في الاستباحة للسيادة اللبنانية، وفي قتل الشعب اللبناني، وفي الاعتداءات بكل أشكالها.
وفي نفس الوقت مستمرٌ في سوريا:
- بعمليات القصف الجوي التي لا تتوقف حتى في دمشق، وفي بقية المحافظات السورية.
- قام باحتلال أجزاء واسعة.
- قَسَّم مناطق الجنوب السوري إلى ثلاثة تصنيفات:
- التصنيف الأول: منطقة عازلة.
- التصنيف الآخر: منطقة أمنية.
- والتصنيف الثالث: منطقة تأثير.
وبذلك وصل إلى أطراف دمشق، إلى (ريف دمشق)، على مسافة (22 كيلو) من دمشق، وبذلك بسط سيطرته فعلياً على ثلاث محافظات في الجنوب السوري: في القنيطرة، ودرعا، والسويداء، وصولاً إلى ريف دمشق.
ومن الجهة الأخرى الأمريكي يتقدَّم ويتوغَّل، ووصل إلى (الضُمِير) في ريف دمشق من الجهة الأخرى، إلى (الضُمِير) إلى القاعدة الجوية فيها، وبسط سيطرته عليها، ومعه تشكيلات تحرس جنوده من سوريا، بمسميات تعتبر مسميات مضحكة: سوريا الديمقراطية، سوريا الحُرَّة، جيش الصناديد... أي حُرِّيَّة، وأي ديمقراطية، وأي صناديد، وهم يعملون لمجرَّد حراسة للجيش الأمريكي، الذي يحتل أجزاء واسعة أيضاً من سوريا؟!
فالحال في سوريا أنها أصبحت مستباحة:
- من جانب الإسرائيلي، الذي وصل من جهة الجنوب إلى ريف دمشق.
- ومن جهة الأمريكي، الذي أكمل من جهة (البادية) إلى (الضمير)، في الجانب الآخر من ريف دمشق.
الجماعات التكفيرية هناك، لا هَمَّ لها ولا شغل إلَّا قتل المدنيين، المسالمين، العُزَّل، الذين لا يمتلكون السلاح، والإبادة الجماعية لهم، وهي تتفرَّج على ما يفعله العدو الإسرائيلي، من قتل، من غارات جوية، من تدمير... دون أي توجُّه جاد وعملي للرد عليه ومنعه، منعه من الاحتلال، إيقاف عدوانه على الشعب السوري.
ما يحدث أيضاً في سوريا فيه درسٌ كبيرٌ- سنتحدث عن هذه النقطة- لبقية البلدان العربية.
وعلى كُلٍّ، فالعدو الإسرائيلي، استناداً إلى الحماية الأمريكية، والشراكة الأمريكية، والإذن الأمريكي، يفعل ما يفعله من عدوان، ويتصرف بهذه الطريقة الهمجية المنفلتة، ليس عنده احترام لأي شيء: لا لاتِّفاقيات، ولا لالتزامات، ولا لقوانين، ولا لمواثيق... ولا أي اعتبارات أخرى أبداً، يعطي لنفسه الحق في أن يفعل ما يشاء ويريد من عدوان، واحتلال، وقتل، واستباحة، وهو يسعى فعلياً لتثبيت معادلة الاستباحة لهذه الأُمَّة، لشعوبها، لأوطانها، لثرواتها... لكل شيء، الاستباحة للأرض والعرض والدم في أبناء هذه الأُمَّة، وبشراكة أمريكية في ذلك.
ماذا يستند إليه الإسرائيلي فيما يفعله في لبنان؟ يُعَبِّر بكل وضوح أنه يستند إلى الإذن الأمريكي، وكأن الأمريكي هو المالك! ويستند إلى ما يفعله كذلك في قطاع غزَّة إلى الإذن الأمريكي، والدعم الأمريكي، إلى درجة أنهم يقولون: أنهم يريدون أن يُنَفِّذوا خطة [ترامب]، وفعلاً المخطط واضح أنه يهدف فعلياً إلى التهجير للشعب الفلسطيني، الخطة الإسرائيلية التي كشف عنها كبار المجرمين الصهاينة، هي: أنهم يريدون أن يتَّجهوا إلى تقطيع أوصال قطاع غزَّة، وأن يعزلوا (رفح) عن (خان يونس)، وهكذا في بقية القطاع، فصلٌ للقطاع ومناطقه عن بعضها البعض، وتقطيعٌ لأوصاله؛ ثم إطباق المزيد من الحصار، والقتل، والتضييق، وفتح المجال لما يسمُّونه هم بالهجرة الطوعية، أي هجرة طوعية، والقنابل الأمريكية تلقى على الشعب الفلسطيني في خيامه، وعلى أطلال منازله المُدَمَّرة، وهو يُجَوَّع، أي هجرة طوعية؟! هل هذه الطريقة هي طريقة اختيارية للشعب الفلسطيني: من يرغب بالبقاء، أو الهجرة، أو أنها تهجيرٌ قسري؟!
ما يفعله العدو الإسرائيلي أيضاً في الضِّفَّة، بمثل ما فعله في (مخيم جنين) هل هي هجرة طوعية، أو تهجيرٌ قسريٌ؟ إن لم يكن التهجير القسري بإطلاق القنابل الأمريكية القاتلة، المُدَمَّرة، على النازحين في مخيماتهم، في الخيم القماشية، وتجويعهم، ومنع الغذاء عنهم، ومنع الدواء، وارتكاب جرائم الإبادة حتى بدمٍ بارد، فكيف هو التهجير القسري؟! عملية الهجوم الجوي، والبري، والبحري، التي يقوم بها العدو الإسرائيلي، ثم يقول: أنه يريد أن يُنَفِّذ خطة [ترامب] الكافر المجرم، بالتهجير الطوعي من قطاع غزَّة.
فعلى كُلٌّ، ما يفعله العدو الإسرائيلي هو عدوانٌ همجيٌ، إجراميٌ، وحشيٌ فظيعٌ جدًّا، وهو عاد إلى نفس مسلكه الإجرامي الوحشي، بنفس المستوى من التصعيد الذي كان عليه على مدى خمسة عشر شهراً، والأهداف نفسها خطيرة جدًّا، والدور الأمريكي هو الأساس فيما يحدث؛ لأنه الممول، والحامي، والشريك، والمتبني حتى لمسألة التهجير- بنفسها- بشكلٍ واضح وصريح.
تجاه ما يجري في فلسطين، تجاه هذه المأساة الكبرى التي يعاني منها الشعب الفلسطيني، تجاه ذلك المستوى من الإجرام الوحشي، والإبادة الجماعية، التي يرتكبها العدو الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني، لا يجوز أبداً أن يتحوَّل كل ذلك إلى حالة روتينية اعتيادية، يشاهدها الناس، تكتفي الأنظمة تجاهها بإصدار بيانات التنديد والاستنكار وانتهى الأمر، هذا ما لا يجوز أبداً؛ لأن مستوى هذا الصمت، والتجاهل لما يجري، والتَّعَوُّد عليه، أن تتحوَّل إلى مشاهد يومية اعتادت الشعوب- وفي المقدِّمة الشعوب العربية- أن تشاهدها، هذا قتلٌ للضمير الإنساني، هذا انقلاب على كل المبادئ، والقيم، والأخلاق، والقوانين، والشرائع، هذا سماحٌ للوحشية، والهمجية، والطغيان المنفلت، والإجرام الكامل، أن يسيطر وأن يسود في المنطقة والعالم، وهذا يُشَكِّل خطراً على كل الشعوب، هذه مسألة في غاية الخطورة، على المسلمين أولاً، على العرب بالذات قبل غيرهم، وأكثر من غيرهم، وعلى المستوى العالمي، وعلى المستوى العالمي، وهذه مسألة خطيرة جدًّا فيما يتعلق أيضاً بالعقوبة من الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"؛ لأن هذا إسهام في أن يحدث ما يحدث، بهذا المستوى من الوحشية والإجرام الفظيع جدًّا.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من كلمة السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي بمناسبة افتتاح الأنشطة والدورات الصيفية وحول آخر التطورات والمستجدات شوال 1446هـ