استمرار السلطة الفلسطينية في ممارسة الأساليب القمعية، ومشاركتها بذلك مع العدو الإسرائيلي، يعود إلى سببين:
- الأول: الاخــــتراق:
ما من شكٍ أن العدو الإسرائيلي قد اخترق السلطة الفلسطينية، وأجهزتها القمعية، وأصبح له في مفاصلها، وفي مواقع القرار فيها، والنفوذ فيها، والتأثير فيها، من هو عميلٌ له، يعمل لخدمته، يعمل لمصلحته، وهذا شيءٌ مؤكد، وله شواهد حتى في المراحل الماضية، شخصيات كبيرة في السلطة الفلسطينية سابقاً، اتضح أنها أصبحت عميلة بكل ما تعنيه الكلمة، ومرتبطة بالعدو الإسرائيلي، تُنَفِّذ له أجندته بالعمالة والخيانة ضد الشعب الفلسطيني، وهذا ليس خاصاً بالسلطة الفلسطينية، مما يعتمد عليه العدو الإسرائيلي في سياساته، تجاه بقية الأنظمة حتى، الأنظمة العربية، الأنظمة في العالم الإسلامي: أنه يسعى لاختراقها، وفي المقدمة الأجهزة الأمنية، هي في مقدمة ما يسعى العدو الإسرائيلي إلى اختراقه، فحالة الاختراق أصبحت واضحة وجلية في واقع الأجهزة القمعية للسلطة الفلسطينية، وهذا يشكل خطراً على الشعب الفلسطيني، عندما يكون هناك في الأجهزة القمعية تلك، من يعمل بشكلٍ مباشرٍ ومقصود لخدمة العدو الإسرائيلي، وتنفيذ أجندته، وهي عدوانية وظالمة، ضد الشعب الفلسطيني، وهذه خيانة عظمى.
- والسبب الثاني: هو الفهم الخاطئ الذي لدى البعض الآخر:
البعض يعمل بعمالة وخيانة، والفهم الخاطئ انظروا كيف يلتقي الفهم الخاطئ مع مسار الخيانة والعمالة، مما يدل على بطلانه، أول دليل على بطلان الفهم الخاطئ، الذي يعتبر المقاومة والجهاد، والتصدي للأعداء، أنه هو السبب في المشكلة معهم وفي عدوانهم، ثم يحمِّل من يتصدى للعدو، ولعدوانه وإجرامه، المسؤولية تجاه ما يفعله العدو، فيظلم بذلك ظلمين: ظلم عندما يحمِّل المظلوم مسؤولية ما فعله الظالم، وعندما يعتبر دفاعه عن نفسه، وهو دفاع مشروع، الشعب الفلسطيني يدافع عن النفس، والأرض، والعرض، والدين، ومع ذلك يُحمَّل من يتحرك في إطار هذا الحق المشروع، والواجب المقدس، يُحمَّل مسؤولية ما يفعله العدو الإسرائيلي، فيحرم من حقه المشروع، ويُحَمَّل- في نفس الوقت- ما يفعله العدو، ولا ينظر إليه كمظلوم.
الفهم الخاطئ هذا أيضاً هو منتشر في مساحة واسعة من هذه الأمة، لدى كثير إن لم يكن كل الأنظمة العربية تفكر بنفس هذا التفكير، ما عدا استثناءات نادرة، وإلا فمعظم أبناء هذه الأمة يفكرون هذا التفكير: أن التحرك لمواجهة العدو، ودفع شره، وعدوانه، وإجرامه، وبغيه، هو سببٌ في أن يحصل ما يحصل من جانب العدو، وهذا فهمٌ غبيٌ بكل ما تعنيه الكلمة، لا يستند إلى الحقائق والوقائع، التي تثبت عكسه تماماً، مثلما قلنا في الكلمات السابقة: اليهود الصهاينة جاءوا إلى فلسطين منذ البداية لاحتلال فلسطين بشكلٍ كامل، هذا هدفهم، وليس فلسطين فقط، بل وما يسمونهم بـ [إسرائيل الكبرى]، التي تشمل أجزاء واسعة من العالم العربي، ومارسوا منذ اليوم الأول لاحتلالهم العدوان بكل أشكاله: جرائم الإبادة الجماعية، والقتل، والنهب، والاحتلال، والمصادرة، والتعذيب... وكل الممارسات الإجرامية بلا استثناء مارسوها، ويمارسونها بشكلٍ مستمر، وهدفهم لم يتغيِّر، الإسرائيلي لم يغيِّر بعد أهدافه، وليس هناك أي دليل، لأي أحد يتبنى المفاهيم الخاطئة، بأن الإسرائيلي قد غيَّر أهدافه، لا يزال هدفه قائماً بالاحتلال الكامل لكل فلسطين، لا يزال هدفه قائماً بالاحتلال لبقية الأجزاء الواسعة من العالم العربي، تحت عنوان [إسرائيل الكبرى]، وهو يعمل على ذلك بشكلٍ مرحليٍ، ويسعى لتحقيق إنجازات تراكمية، ليصل بها إلى هدفه المنشود، فالفهم الغبي الذي يرى وكأن المشكلة عندما يأتي أحد ليدافع عن نفسه، عن أرضه، عن حقه المشروع، ثم كأن الإسرائيلي ليس لديه أي نيَّة سيئة، وكأنه ليس معتدياً، ولا محتلاً، وكأنه لا يحمل الحقد والعداوة للشعب الفلسطيني، ويسعى إلى السيطرة التامة، حتى لا يبقى للفلسطينيين أي شيء إطلاقاً.
الذي كان يؤخِّر العدو الإسرائيلي ما هو؟ بوضوح هناك سببان أساسيان:
- الأول: المقاومة والجهاد.
- والعامل الثاني: النقص الذي يحصل له في تعداد من يسميهم بالمستوطنين [المغتصبين].
هو بحاجة إلى المزيد من المغتصبين؛ لتعزيز حالة الانتشار في بؤر استيطانية، يغتصب بها المزيد من الأراضي، ويمتد إلى بقية المناطق، ومعه مشكلة في قلة عدد اليهود، لم يتوفر له العدد اللازم، للانتشار في كل المساحة الجغرافية التي يريد الانتشار فيها؛ ولـذلك هو يسعى باستمرار إلى استقدام المزيد من اليهود، وانتشارهم في بؤر استيطانية جديدة وتوزيعهم فيها.
الشيء المؤسف، ومن المفارقات العجيبة جداً، في الموقف لدى اليهود الصهاينة، ولدى الكثير من أبناء أمتنا، ولدى البعض في فلسطين نفسها، هو: أن اليهود الصهاينة يلتفون حول من يعتبرونهم أقوياء في مواقفهم ضد العرب، ضد الشعب الفلسطيني على وجه الخصوص، وبقية الشعوب العربية معه، فمن يرونه من أكابر مجرميهم أكثر تشدداً، وأكثر عدوانيةً، ويحمل رصيداً إجرامياً من جرائم الإبادة الجماعية، ويرون مواقفه أكثر جِدِّيَّةً في إطار العمل لتنفيذ هدفهم الكبير، يلتفون حوله أكثر، ويحظى في أوساطهم بشعبيةٍ أكبر؛ ولـذلك كان معظم مجرميهم، الذين وصلوا إلى مسمى رئيس وزراء، يعني: في موقع المسؤولية الأول عندهم، هم ممن كانوا على رأس عصابات إجرامية، ترتكب الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني، وهذا معروف يعني، هناك على سبيل المثال: إسحاق رابين، إسحاق شامير، شارون... وآخرين أيضاً، فأولئك حظوا بشعبية كبيرة، لماذا؟ لأنهم يروون فيهم أنهم أكثر قوة ضد العرب، وأكثر عدوانية ضد العرب، ضد الشعب الفلسطيني وغيره، وبهذا كانوا يلتفون حولهم أكثر، ويتفاعلون معهم أكثر، يحظون بأصوات أكثر، حتى من تسمى الآن بالحكومة، الحفنة من المجرمين، من كبار المجرمين، الذين هم الآن يقودون العدو الإسرائيلي، هم حظوا بنفوذ أوسع، وشعبية أكثر، ووصلوا إلى تلك المواقع في قيادة العدو الإسرائيلي، لماذا؟ لأنهم معروفون بأنهم أكثر تطرفاً، وعدوانية، وتشدداً، ضد من؟ ضد الشعب الفلسطيني، وضد العرب بشكلٍ عام؛ ولـذلك هناك تصريحات لهم: ما يسمى بوزير مالية، ما يسمى بوزير اتصالات، ما يسمى بوزير آمن... بمختلف مواقعهم تلك، تصريحات تبيِّن طبيعة توجهاتهم، أنهم من الأكثر حقداً، وعداءً، وعدوانيةً على العرب، وفي المقدمة الشعب الفلسطيني.
في المقابل، من يبرز من أبناء الشعب الفلسطيني، ومن أبناء هذه الأمة، وهو أكثر قوةً في مقام الدفاع، في مقام الحفاظ على الحق المشروع لهذه الأمة، والدفاع عنها، ومواجهة أولئك الأعداء، الذين هم عدوٌ خطيرٌ بالغ الخطورة على أمتنا في كل شيء، في: أرضها، وعرضها، وثرواتها، وأمنها، واستقلالها، وحريتها، وكرامتها، وشرفها، ودينها، ودنياها، يحارب من قِبَل الكثير من أبناء الأمة، يساء إليه، البعض من الأنظمة تصنِّفه في قوائم الإرهاب، لماذا؟! لأنه قويٌ في مواجهة أولئك المعتدين، المجرمين، يحمل رؤية التصدي لإجرامهم، والدفع لشرهم، والتصدي لخطرهم، وبمقدار ما هو قويٌّ في إطار الموقف الحق، وليس الموقف العدواني، في إطار الموقف الحق، المشروع، والتمسك الجاد بالقضية العادلة؛ بقدر ما يتَّجهون إلى حملات كبيرة جداً من الإساءة إليه، والتشويه له ليل نهار؛ ولـذلك هناك نشاط إعلامي دعائي سيء ومسيء من البعض في فلسطين، من البعض من الأنظمة العربية، التي تتجه اتِّجاه ما يسمونه بـ [التطبيع]، يعني: العمالة للعدو الإسرائيلي وللأمريكي، وهم في حملات لا تتوقف أبداً، حملات على مدار الأربعة وعشرين ساعة، كلها سب، شتم، تشويه، افتراء... إساءات متنوعة جداً، ضد من؟ ضد من يقف بوجه العدو الإسرائيلي، لمواجهة شرِّ العدو الإسرائيلي، وإجرامه، وطغيانه، وظلمه، وبغيه، من يقف عائقاً أمام العدو الإسرائيلي في أن يسرع بإنجاز ما يسعى لإنجازه، من: احتلال الأرض، والهتك للعرض، والسيطرة التامة على كل شيء، [لماذا لا تفسحوا له الطريق؟ لماذا لا تسكتوا، وتجمدوا، وتتوقفوا عن أي إعاقة أو عرقلة للعدو الإسرائيلي؟]، وهذا شيءٌ مؤسفٌ جداً، ويعود إلى فهمٍ خاطئ، فهمٍ خاطئ!
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
كلمة السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي
حـــول آخـــر التطـــورات والمستجـــدات الأسبوعيـــة
الخميس 9 رجب 1446هـ 9 يناير 2025م