ما يحصل في فلسطين استفز الضمير الإنساني في شعوبٍ غير مسلمة، في أمريكا اللاتينية، في بلدانٍ منها على المستوى الشعبي، وعلى المستوى الرسمي، الزعماء فيها والحكومات اتخذت قرارات وإجراءات ضد العدو الإسرائيلي، إجراءات بالمقاطعة السياسية، والمقاطعة الاقتصادية، وإلى اليوم لم تتخذ كثيرٌ من الدول العربية مثل هذا الإجراء، بالرغم من كل ما يحصل، ومع أنه يزداد، يزداد الإجرام الصهيوني، العدوان الصهيوني، مثلما هو الحال في شمال قطاع غزة، تصعيد إلى أسوأ مستوى، وأقصى مستوى، ومع ذلك لا توجُّه لإجراءات إضافية، ومواقف بحجم هذا الإجرام، تقابل هذا الإجرام من قِبَل العدو الصهيوني.
شعوب تخرج مظاهرات، حتى مظاهرات في أوروبا، وحتى مظاهرات في أمريكا، مظاهرات في أستراليا، مظاهرات في أنحاء كثيرة من العالم، ومع ذلك لا يزال الكثير من أبناء شعوب أُمَّتنا في حالة وكأنهم خارج نطاق الحياة، كأنهم لا يسمعون، ولا يبصرون، ولا يفهمون، ولا يعقلون، ولا يعرفون عمَّا يحدث نهائياً! هذا تقصير كبير جداً، البعض يندهشون في تلك البلدان، يعبِّرون عن اندهاشهم مما عليه العرب والمسلمون، البعض يتحدثون ولهم فيديوهات منتشرة: [لماذا يتفرَّج المسلمون على هؤلاء الذين هم جزءٌ منهم، وفي أوساطهم، وداخل محيطهم أو بلدانهم، في وسط العالم الإسلامي، في محيطٍ كله عربي؟ لماذا يتفرَّجون؟! لماذا لا يتحركون؟!]، ينتقدونهم هناك، وهم مُسْتَفَزُون ويستغربون من هذه الحالة في واقع العرب.
وفعلاً أنا أقول بكل يقين: أنَّ التخاذل العربي له تأثير سلبي في تخاذل كثيرٍ من البلدان الإسلامية غير العربية، غير العربية؛ لأن الواجب على العرب المسلمين قبل غيرهم، الواجب عليهم قبل غيرهم، الواجب أن يكونوا هم في الطليعة، وهم يعتبرون القضية الفلسطينية أنها قضية عربية، وليس فقط إسلامية، هي قضية إسلامية، ومع ذلك يقولون أيضاً عربية، يعني: العرب يتحمَّلون فيها مسؤولية قبل غيرهم، هم المحيط، هم الجوار، هم المستهدفون أصلاً من العدو الإسرائيلي قبل غيرهم.
في واقع الحال المسؤولية كبيرة، والفرز الذي يجري حالياً هو فرز خطير جداً، في سنَّة الله تَعَالَى، {مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ}[آل عمران:179]، وَسُبْحَان الله! فرز عجيب: {الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ}، وليس فقط المؤمن الصادق، من المنتسب للإيمان وهو غير الصادق، بل على هذا المستوى: (الطيِّب، والخبيث(، لماذا؟!
من يعرف بما يجري في قطاع غزة، من يعرف بما يجري أيضاً في شمال قطاع غزة من إجرام صهيوني، من يشاهد مثل تلك المشاهد الدامية المأساوية، من يشاهد تلك المظلومية الرهيبة جداً للأطفال والنساء، والكبار والصغار في قطاع غزة، ثم لا يتأثر وجدانه، لا تتحرك مشاعره، لا يتفاعل، لا يحس بمسؤولية، هل نفسيته ووضعه النفسي سليمٌ على المستوى الأخلاقي والإنساني؟! بالتأكيد لا، بالتأكيد وقطعاً لم يعد سليماً، نفسه خبيثة، النفس التي لا تتأثر، ولا يثيرها، ولا يشعرها بالمسؤولية، ما يجري من مأساة للشعب الفلسطيني، وهي بذلك الحجم الكبير جداً، المأساوي للغاية، المؤلم جداً، المحزن جداً، المغضب جداً، إذا وصل الإنسان إلى درجة ألَّا يستثيره ذلك، ألَّا يحرِّك مشاعره، ألَّا يُحِسّ بمسؤولية تجاه ذلك؛ فنفسه خبيثة بلا شك، هكذا هو الفرز إلى هذه الدرجة: بين الطيِّب والخبيث، المسألة خطيرة جداً، خبث النفوس هو الذي قد يصل بالإنسان إلى تلك الحالة.
فلذلك هناك مسؤولية علينا كمسلمين- وفي المقدِّمة: العرب أكثر من غيرهم- لنصرة الشعب الفلسطيني، للوقفة الجادة على كل المستويات معه، وكلما صعَّد العدو الإسرائيلي من جانبه؛ كلما تضاعفت المسؤولية أكثر.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
كلمة السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي
حـــول آخـــر التطـــورات والمستجـــدات الأسبوعيـــة
الخميس 21 ربيع الثاني 1446هـ 24 أكتوبر 2024م