اليوم المشاكل التي تواجهها أمتنا هي مشاكل لا فكاك عنها إلا بتحمل المسؤولية والتحرك الجاد والواعي لمواجهتها والتصدي لها، لا يمكن لنا أن نتنصل عن المسؤولية، وأن نُعفيَ أنفسنا بالتالي من كل هذه التبعات تجاه هذه الأخطار والتحديات، أخطار كبيرة، وتحديات كبيرة. اليوم هذه الحروب التي نعاني منها، كل هذه الفتن، كل هذه الأحداث، كل هذه المؤامرات التي تستهدفنا شئنا أم أبينا، لا بد لنا من التصدي لها، أو أن ننحني لها فتسحقنا سحقاً ولا تُبقي ولا تذر، مشاكل لم تأتِ وفق رغبتنا، أحداث وتحديات عصفت بأمتنا، لم تأتِ بطلبٍ منّا أو برغبةٍ منّا. |لا| اعتداءات، مكائد هندس لها أعداؤنا، لنا علاقة بها، أمتنا اليوم لها علاقة بكل ما يحدث عليها، ليس كل الإشكال منحصراً في طبيعة الدور الأجنبي والخارجي، هو دورٌ أساسٌ، ولكن هو مستثمر، هو مستفيد، ولكن واقع الأمة، الاختلالات الكبيرة في واقع الأمة على مدى قرونٍ من الزمن، وتفاقمت في الآونة الأخيرة، وتعاظمت في الآونة الأخيرة، تراكمات من الخلل عظمت وازدادت وكبرت في واقع الأمة، وصحِبتها تداعيات لها ونتائج لها تتعاظم- أيضاً- نتائج سلبية: خلل سلبي، خلل له آثار سيئة، تعاظم الخلل وتعاظمت معه نتائجه السلبية، نتائجه الكارثية في واقع الأمة؛ فعظمت تلك النتائج السلبية والسيئة والخطيرة والكارثية بقدر ما عظم هذا الخلل في واقع الأمة، خلل يعود إلى التزامها، إلى مبادئها، إلى قيمها التي حدثت فيها اختلالات كبيرة جدًّا: اختلالات كبيرة على مستوى الوعي، واختلالات كبيرة على مستوى الالتزام الأخلاقي والسلوكي، واختلالات كبيرة جدًّا ورهيبة جدًّا فيما يتعلق بمدى تحمل هذه الأمة لمسؤوليتها التاريخية التي حملها الله إياها، وهذه الاختلالات التي شملت الوعي، وشملت المشروع، شملت الالتزام الأخلاقي، والالتزام المبدئي والقيمي، بكل ما ترتب عليها من نتائج صنعت في واقعنا الكثير من المشاكل والكثير من الأزمات؛ سُنّةُ الله، ما كان بإمكان الأمة أن يحدث كلما حدث في واقعها من اختلالات كبيرة في الوعي، في السلوك، في الالتزام، في العمل، في تحمل المسؤولية… ويبقى الأمر طبيعياً، لا تدفع ثمن هذه الاختلالات والانحرافات. |لا| كان لا بد لها أن تدفع ثمن ذلك، {بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ} [الروم:41] وكما يقول -سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى-: {قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ} [آل عمران: من الآية165]، هذه سنة الله مع من قبلنا من الأمم السابقة، كل الأمم التي حملّها الله المسؤولية في أن تحمل رسالته إلى البشرية بقيمها، بأخلاقها، بمبادئها، بمشروعها العظيم، ثم فرّطت، وقصّرت، وتوانت، وأخلّت حتى في التزامها هي، ما بالك فيما تقدمه للعالم؛ عوقبت، وأُوخذت على ذلك، وعاقبها الله عقاباً شديداً جدًّا {وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَاباً شَدِيداً وَعَذَّبْنَاهَا عَذَاباً نُّكْراً (8) فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْراً}[الطلاق: 8-9].
فالأمة اليوم تعيش الكثير من المشاكل؛ نتيجةً للاختلالات الكبيرة- على مدى زمنٍ طويل- في الوعي، وفي الالتزام، في المسؤولية… في جوانب كثيرة، وأتى العدو الأجنبي، أتى الأمريكي ليستثمر كما استثمر الذين من قبله، آخرون، الصليبيون- في مراحل معينة- استثمروا هذا الانحدار والسقوط في واقع الأمة، وما صاحبه من مشاكل كثيرة وظروف ومؤثرات كبيرة، المغول استثمروا- أيضاً- في مراحل من تاريخ هذه الأمة، الاستعمار في مراحله على مدى زمن طويل، يعني: على مدى مئات السنين، البريطاني وما قبل البريطاني، وكذلك الأوروبي: سواءً الفرنسيين، أو الإيطاليين، أو غيرهم… الكل سيستثمر؛ واقع مُغرٍ، واقع- بالنسبة لأعداء هذه الأمة- واقع جذاب بالنسبة لهم، يعبّر عن فرصة تاريخية ثمينة، بالتأكيد سيسعون لاغتنامها، الواقع الذي تحدث عنه النبي -صلوات الله عليه وعلى آله- فيما روي عنه: ((يوشك أن تداعى عليكم الأمم كما تداعى الأَكَلَةُ على قصعتها)).
فالحال الذي تعيشه الأمة، وتتداعى عليها الأمم، وأتى الأمريكي من هناك، من غرب الأرض، من آخر الدنيا، وأتى اليهود شُذاذُ الآفاق إلى فلسطين ليزرعوا لهم- بمعونة غربية ودعم وإسناد غربي- كياناً في قلب الأمة، مفروضاً على هذه الأمة، معادياً لهذه الأمة، محتلاً، وظالماً، ومفسداً، ومتآمراً، كُلُ هذا هو خِضَمٌ من الأحداث والتحديات، مع كل ما يتزايد معه من مشاكل إضافية مع الوقت، وأزمات إضافية مع الوقت، يعني: كل عام وهناك المزيد من التحديات والمؤامرات، ومؤامرات كبيرة جدًّا، ومشاريع متنوعة: الإسرائيلي أتوا به إلى الأمة كمؤامرة كبيرة جدًّا في استهداف الأمة، أضافوا إلى ذلك المدّ التكفيري بكل ما يمثله من خطورة كبيرة جدًّا على الأمة، وما ألحقه بالأمة من: خسائر، ونكبات، ومعاناة، ومآسٍ… وكذلك ما أحدثه من ضرر كبير على الأمة في عملية تزييف الوعي، أيضاً في الاختلال الأمني الكبير جدًّا، في السعي من خلاله لتمزيق الأمة من جديد وإسقاط كياناتها… أشياء كثيرة ومآرب أخرى، كل مشروع من مشاريعهم، وكل مؤامرة من مؤامراتهم يدخل ضمنها الكثير من الأضرار، ويدخل ضمنها الكثير- أيضاً- من المكائد بهذه الأمة.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من كلمة السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي / حفظه الله.
في ذكرى الهجرة النبوية وثورة 21 من سبتمبر 28ذوالحجة 1438هـ /9/ يوليو, 2019م.