عبدالفتاح حيدرة
قد تكون المهام العسكرية متوقفه خلال أيام الهدنه هذه ، لكن غيرها من المهام تعمل بوتيرة عالية جدا في غرف العدو ، وأخطر تلك الأعمال هو زراعة الفتنة بين الناس وبين من يدافع عنهم، اي بين الشعب والسلطة، لهذا يمر الشعب اليمني المواجهة والصامد والثابت بوجه العدوان في أيام الهدنه هذه ، بمرحلة خطيرة جدا، وهي مرحلة زراعة الخوف من مستقبل الحياة ، بهدف إزاحة تفكيره من الخوف من الله، الذي جعله صامدا وثابتا كل هذه الأعوام ، إن الثبات في الحياة يعني كيف نتمكن من إدارة الخوف بداخلنا إدارة رشيدة ، تجعلنا لا نهلع أو نسلم قيادنا للقنوط واليأس الذي حذرنا الله منه ، أما عدم الخوف أساسا فيشير إلى عيب في التكوين الشخصي، يفضي إلى اللامبالاة، وربما ينحدر في نهاية المطاف إلى مهاوي التبلد ، وللخوف في النفس البشرية مبعثان ، المبعث الأول هو (مبعث الإيمان) ومعلوم فيه ممن نخاف ، انه الخوف من الله عزوجل ومن يوم الحساب ومن عذاب النار ، والمبعث الثاني هو (مبعث العلم) والذي تتسع فيه رقعة الخوف باتساع قوة الوعي و الإدراك ، فكلما علمت كلما عانيت من جحيم المعرفة إن صح التعبير..
لا شك أن جحيم المعرفة أقرب للنفس السوية من جنة الجهل، التي لا أخفيكم أني في بعض الأحيان يوسوس لي الشيطان إن أحسد أصحابه على فرط غفلتهم فيه ، ولكنه ولله الحمد انه حسد موقوت وملؤه الاشفاق ، و ذلك أن الجاهل أيضا يخاف ، فهو في النهاية إنسان ، ولكن خوفه هنا هو من صاحب العمل ومن حساب المصالح ومن النار الدنيوية بعينها ، لأنه لا يمتلك آلية التعاطي مع جهل خوفه ، فخوفه أسطوري منذ بداية البشرية أو قريب من ذلك ، ومن ثم لا تستطيع علاجه من براثن هذا الخوف إلا بالدواء الذي لا يجدي معه نفعا، وهو المنطق الواعي ، وتأسيسا على ما تقدم ، يمكن القول إن الخوف من مستقبل الدنيا، صفة لصيقة بطبائع البشر، ملازمة لوجوده في هذه الحياة ، لا يمكن تجاوزها أو ادعاء التعالي عليها، وإنما يمكن ان يتم تحديد الفرق بين الخوف المبرر من المستقبل الدائم، اي الخوف من الله ومن يوم الحساب ومن النار ، وغيره من الوساوس الشيطانية التي تشغل الانسان دائما بالخوف من المستقبل الدنيوي المؤقت..
عني عن نفسي يا سادتي، أكتب هذه الايام وانا أعرف جيدا أن كل كتاباتي تذروها الرياح، وتذهب بلا جدوى، لكني سوف أستمر في الكتابة حمدا وشكرا لنعمة أنعم الله بها على ، وحملني رسالتها ، أكتب إبراء لذمة وليس للإرتقاء بالوعى كما كنت أقول سابقا، أكتب للخلاص الروحي والسلام النفسي أمام الله ورسوله والقيادة القرآنية ، وليس تمهيدا لتغيير ما في نفوس الأشخاص او المجتمع ، أكتب للوعي هربا من يأس الجهل الذي يحاصرنا ، لفضاء يضيق كل يوم بالتضليل والكذب ، أكتب دون انتظار رمشة عين او انتباهة عقل أو رجفة قلب من أحد ، أكتب إرضاءا لله وفي سبيل الله ، أكتب لتطهير وتحرير نفسي من وساوس الشيطان الرجيم ، وهذه مقالاتي وكلماتي هي بذوري التي أنثرها في حقول صفحات هذا الكون الافتراضي ، إن أجدت فيها فإن حصاد زرعها هو إن أجري على الله أملا في مستقبل الآخرة ، وان أهملت او قصرت فيها فقد حملت عبء ذنب وجريرة ذلك وحسابي على الله الذي اسأله لي ولكم الحكمة والرشد والايمان والتقوى والعمل الصالح الذي يرضاه لنا ويرضى به عنا..