يتجلى لنا أهمية وعظمة المشروع القرآني، أنه مشروعٌ صحيحٌ وعظيمٌ ومهم، لماذا؟ لأننا أمة مستهدفة على كل حال، ليس ما يثير المشكلة لنا هو عندما نتحرك نحن تحركاً حراً لنحفظ لأمتنا الكرامة والاستقلال، لنحافظ على هويتنا وانتمائنا الإيماني، لنتمسك بحقوقنا المشروعة في الحرية، والكرمة، والاستقلال، والانتماء الإسلامي، وإدارة شؤون حياتنا على أساسٍ من انتمائنا وهويتنا الإسلامية والإيمانية، ليس ما يثير لنا المشكلة هو هذا التحرك فحسب، قبل ذلك نحن أمةٌ مستهدفة أساساً، مستهدف بهدف السيطرة علينا بشكلٍ كامل، إنساناً، وأرضاً، وثروات، ومقدرات، واستعبادنا، واستغلالنا، وإذلالنا، وإهانتنا، ممن يعادوننا عداءً حقيقياً، عداؤهم لنا- كما أسلفنا- هو معتقدٌ ديني، هو ثقافة راسخة ومتَّبعة، هو- أيضاً- استراتيجية تُبنَى عليها، وبُنِيَت عليها الخطط، ودوِّنت فيها بنود كلها مؤامرات على هذه الأمة، كلها لإضعاف هذه الأمة، كلها لاستغلال هذه الأمة، كلها لقهر هذه الأمة، كلها لتدمير هذه الأمة، كلها في سبيل أن تبقى أمتنا أمةً مستضعفةً، مقهورةً، مفككةً، منهارةً، معذَّبةً في كل شؤون حياتها، وفي نفس الوقت هناك مسؤولية علينا، مسؤولية علينا فيما حقنا الفطري والإنساني، وواجبنا الإنساني تجاه أنفسنا، تجاه أمتنا، تجاه أجيالنا، أن نتحرك للتحرر من تلك الهيمنة، من تلك الاستهدافات العدائية، من ذلك العدو الذي يسعى إلى أن يحكم سيطرته علينا إلى درجة ألَّا يكون هناك صوتٌ في داخل هذه الأمة يعارض هيمنته، أو تحركٌ جادٌ، صادقٌ، مخلصٌ، صحيحٌ، سليمٌ، ناجحٌ، يعيق شيئاً من مخططاته ومؤامراته، إلى هذا الحد، يتحتم أن يكون لنا هناك تحركٌ جاد.
وهنا يأتي المشروع القرآني، الذي له ميزة أنه يستند إلى الحق، الذي هو حقٌ بإجماع المسلمين جميعاً: القرآن الكريم، الذي هو هدى ونور، الذي يمثل أو يتضمن الرسالة الإلهية الحقة، ودَّون الله فيه التزاماتنا العملية بحكم انتمائنا الإسلامي والإيماني، مسؤولياتنا في هذه الحياة، رسم لنا فيه الخير في هذه الحياة، شخَّص لنا الواقع، هو هدى، هو نور، ينير لنا الواقع، ينير لنا الحياة، نقيِّم من خلاله كل فئات المجتمع البشري بتشخيصٍ دقيق، وهو يساعدنا في مواجهة كل الحملات التضليلية، بما فيها الحملات التي يسعى الأعداء إلى أن يصبغوها بصبغةٍ دينية، وبعناوين دينية، وهكذا يأتي المشروع القرآني الذي أيضاً مع ما فيه من هدى ونور، يقدِّم الشواهد من الواقع، الشواهد العملية، الشواهد الواضحة، الوقائع والأحداث التي تمثل مصاديق قائمة في واقع حياتنا، متطابقةً مع النص القرآني، مع الآيات القرآنية.
فتحرَّك السيد حسين بدر الدين الحوثي “رضوان الله عليه” بالمشروع القرآني، في مواجهة كل تلك الحملات التضليلية الهائلة، والتي تجعل من الاستهداف أو من الاختراق لأمتنا الإسلامية، وتحريك أدوات من الداخل في واقع أمتنا الإسلامية، أسلوباً أساسياً يعتمد عليه أعداء هذه الأمة، والتي تسعى إلى ترسيخ الولاء لأعدائنا؛ بهدف تسهيل سيطرتهم علينا مع تقبلٍ لسيطرتهم علينا، يأتي المشروع القرآني مشروع تحصين للأمة من الداخل؛ لأن هذه نقطة جوهرية وأساسية في الصراع مع هذا العدو، يخترق هذه الأمة، يشغِّل كل عملائه، ليحولوا هذه الأمة إلى موالية له، في الوقت الذي هو يعاديها، إلى متقبلة لكل مؤامراته، إلى منفِّذة لكل مخططاته، التي تستهدفها، والتي تجعلها تخسر دينها ودنياها، فأتى المشروع القرآني والمواقف المبنية عليه التي تحصِّن المجتمع الإسلامي من الداخل، وتنهض به، وتنير دربه في مواجهة كل تلك الحملات التضليلية، وكل تلك المؤامرات بكل أشكالها وأنواعها، رؤيةً متكاملة، ركَّزت على ما ركَّز عليه القرآن الكريم، تقدِّم الوعي والبصيرة كأول متطلبات لهذا الصراع، وأول عوامل للنهضة، وأول وسائل أساسية وسلاح رئيسي تحتاج إليه الأمة في المقدِّمة لفضح مؤامرات الأعداء؛ لأن نجاح الكثير من مؤامرات أعدائنا يعتمد على الاختراق لأمتنا في الداخل، معظم مؤامراتهم، بدون ذلك هم فاشلون، بدون ذلك لا ينجحون في أكثر المؤامرات، إنما هم يستغلون إمَّا جوانب خلل في واقعنا الداخلي، أو عملاء يشتغلون لمصلحتهم في واقعنا كأمةٍ إسلامية، في واقعنا الداخلي.
[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
ألقاها السيد/ عبدالملك بدر الدين الحوثي
الذكرى السنوية لاستشهاد الشهيد القائد 1443هـ