مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

الجمهورية اليمنية
وزارة الإرشاد وشؤون الحج والعمرة 
قطاع التوجيه والإرشاد
الإدارة العامة للخطباء والمرشدين
--------------------------------
خطبة الجمعة الثالثة من شهر شوال 1446ه‍
🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️
*العنوان* :(دروس من غزوة أُحد والأحزاب)

التاريخ: 20 / 10/ 1446هـ

المـوافــق: 18/ 4 / 2025م

الرقم: (42)
➖➖➖➖➖➖➖
🔹أولاً: نقاط الجمعة 
1-في مثل هذا الشهر مـن حياةرسول الله حصلت غـــزوةأحــد في السنةالثالثةمن الهجرة وغزوةالأحزاب في السنةالخامسة وتحدث الله عن هاتين الغزوتين بالتفصيل لأن فيهماالكثير من الدروس وفي مقدمتهاأهمية الجهادفي سبيل الله  
2-من أهم الدروس في غزوةأحد هو أهميةالالتزام بتوجيهات القيادة وأن العصيان والمخالفةتؤدي إلى الهزيمةحتى لو كان القائدفيها رسول الله 
3- من دروس غزوةأحد والأحزاب هو الحذرمن الشائعات ففي أحدأشيع مقتل رسول الله وفي الأحزاب عمل المنافقون على التهويل والإرجاف  
4- في الأحزاب برز موقف الإمام علي في مواجهةعمرو وقال في ذلك الرسول برزالإيمان كله للشرك كله وموقف اليمن في هذه المرحلةيشبه هذه المقولة 
5- مازالت غـــزة تتعرض لأبشع أنواع الإجــرام وسط صمت وتخاذل عربي وإسلامي ولم يبرز إلا الشعب اليمني في مناصرةالقضية ولا بد من الاستمرارفي هذا الموقف بالمشاركةفي المظاهرات والدورات  والتأكيدعلى فشل العدوان الأمريكي 
6- الاهتمام بالدفــع بأبنائنا وبناتنا للالتحاق والاستمرار في الدورات الصيفية لتحصينهم مــن مؤامرات الأعــداء.
◼️ ثانياً: نــص الخــطبة 
*الخطبة الأولى* 
الخطبة الأولى
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، الحمد لله الذي نجانا من القوم الظالمين وصدقنا وعده، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له القائل: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ}، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله المجاهد في سبيل الله كما قال الله عنه: {لَـكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ جَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَأُوْلَـئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}، فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله الطاهرين، ورضي الله عن أصحابه الأخيار المجاهدين.
*أما بعد/ أيها المؤمنون:* 
في مثل هذا الشهر من حياة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حدثت غزوة أحد في السنة الثالثة للهجرة، ووقعت غزوة الأحزاب في السنة الخامسة للهجرة، وقد ذكر الله في القرآن الكريم هاتين الغزوتين بالتفصيل والتحليل والتعقيب للاستفادة من الدروس والعبر التي تحتاجها الأمة على مرّ الزمان، ولا سيما في هذا الزمن والصراع محتدم بين الإسلام والكفر، حيث تحتاج الأمة للعودة إلى الرسول والرسالة وإلى سيرة الرسول المليئة بالدروس والعبر المهمة، ومن تلك الدروس الهامة: أنّ الأمة تحتاج إلى الجهاد كما احتاج إليه الرسول والمسلمون في صدر الإسلام، ولا يمكن أن تعتز هذه الأمة إلا بما اعتز به أولها: {مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً}، {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ}.
وقد رسم الله للأمة طريق العزة الذي إن سارت عليه اعتزت وارتقت وصلحت أحوالها أَلَا وهو الجهاد في سبيل الله؛ لأننا نعيش في عالم يسيطر فيه الشر والضلال، ويعتدي فيه أهل الباطل على أهل الحق، والله سبحانه يقول: {وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ} فالإسلام لم تقم له قائمة إلا عندما جاهد الرسول وجاهد المسلمون معه حتى قويت شوكة الإسلام، وقوي عمود الدين، وساد الحق وزهق الباطل، كما قال سبحانه: {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ} وهكذا كانت حياة الرسول والمسلمين معه جهادا واستبسالا وتضحية وصمودًا وكفاحًا وثباتًا في وجه الكفر والظالمين كما قال سبحانه: {لَـكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ جَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَأُوْلَـئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} وكما وصفهم الله سبحانه: {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ}، ولا يزال هذا الأمر مطلوباً وقائماً إلى قيام الساعة؛ فالجهاد لم يكن واجباً محصوراً على الرسول والذين آمنوا معه بل هو جزء من الدين الذي لا تزال الأمة مكلفة به إلى آخر الزمان، ومن يريد إسلاماً بدون جهاد فهو لم يفهم القرآن الكريم، ولم يفهم السيرة النبوية الشريفة، ولم يفهم الإسلام المحمدي الأصيل، ولو رجع إلى القرآن الكريم لوجد أنّ الجهاد في سبيل الله بَلَغَ من الأهمية إلى درجة أنّ الإنسان لا يُعتبر - بحسب القرآن الكريم -

مؤمناً حتى يجاهد في سبيل الله ولا يرتاب بنصره ووعوده، قال سبحانه: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ}، ولو رجع الإنسان إلى القرآن الكريم لوجد أن لا أمل في دخول الجنة إلا إذا حملنا القضية وجاهدنا في سبيل الله وبذلنا جهودنا في جميع المجالات من أجل إعلاء كلمة الله وإزهاق الكفر، كما قال سبحانه: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ}، وقال سبحانه: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ}. 
أيها المؤمنون: 
من الدروس في غزوة أحد: أنّ التفريط والعصيان والمخالفة تجعل المسلمين يدفعون الثمن ويتعرضون لضربة وإن كان قائدهم في المعركة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كما حصل بسبب الرماة عندما خالفوا التوجيهات ونزلوا من جبل أحد؛ فتغير مسار المعركة لصالح المشركين بعد أن كان المسلمون قد حققوا انتصاراً كبيراً في بداية المعركة، وكاد المشركون أن يهربوا من ساحة المواجهة؛ لنأخذ الدروس جميعاً ونحن نواجه الكفار أنه يجب علينا أن نهتم وأن نتحرك وأن نضاعف جهودنا، وأن نبذل كل ما في وسعنا في مواجهة كفار اليوم، وأن نحذر من الذنوب والعصيان والمخالفة والتراجع والتفريط والتقصير والتنازع والتهاون والتخاذل، وأن نكون كما قال الله في غزوة أحد للمسلمين: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}.
عباد الله:
وإنّ من الدروس والعبر في غزوة أحد: هو موقف ضعاف الإيمان الذين تزعزعت ثقتهم بالله، واهتز إيمانهم بالله في تلك المعركة، وظنوا أنّ الأمور خرجت عن السيطرة، وأنّ الكفار سيحسمون المعركة لصالحهم، وهكذا الحال في كل زمان حيث ينظر ضعاف الإيمان إلى الأمور كما سجل الله عنهم في غزوة أحد بقوله: {وَطَآئِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَل لَّنَا مِنَ الأَمْرِ مِن شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنفُسِهِم مَّا لاَ يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ مَّا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُل لَّوْ كُنتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحَّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} فهؤلاء حصل عليهم التخويف والإرجاف عندما أشاع الكفار أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد قُتل فاهتزت أركانهم فنزل قول الله سبحانه: {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} وقوله سبحانه: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ}.
أيها المؤمنون: 
ومن الدروس في غزوة أحد وغزوة الأحزاب: الحذر من الشائعات التي يستخدمها الكفار من قديم الزمان، أما اليوم ومع القنوات والإنترنت فإنّ العدو يستخدم الشائعات في الحرب كسلاح للحرب النفسية؛ لإضعاف معنويات المسلمين، وإشغالهم بقضايا جانبية، وتشكيكهم بمواقف القيادة؛ ليختلفوا ويتنازعوا؛ ليتمكن من الانقضاض عليهم، ففي غزوة أحد أشاع الكفار خبر مقتل الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم ليرتبك المسلمون.
وفي غزوة الأحزاب استخدم العدو الحصار والكثرة؛ ليربك المسلمين كما قال سبحانه: {إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا . هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا} فحينما أتى الأحزاب من كل حدب وصوب قال الهيابون المترددون: {مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً}ْ وقال المؤمنون في المقابل: {وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَاناً وَتَسْلِيماً} ولهذا ذكر الله خطورة المنافقين في معركة الأحزاب وما يقومون به من إرجاف وتخويف فقال سبحانه: {لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا .

مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا}.
ولكن ورغم كل المتغيرات والمستجدات ورغم انهزام معنويات البعض إلا أنّ في معركة أحد والأحزاب لم يحقق الكفار أهدافهم ولم ينتصروا بل انتصر الإسلام عليهم، وما أشبه الليلة بالبارحة، واليوم بالأمس، ومعركة الحاضر بالماضي فها هم البعض اليوم يرون أمريكا وكأنها على كل شيء قدير، ويراها البعض ولسان حاله كحال ضعاف الإيمان في غزوة أحد والأحزاب وكحال ضعاف الإيمان من قوم طالوت الذين قالوا: {لاَ طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنودِهِ} أما المؤمنون في شعبنا المؤمن العظيم فهم يرون كما قال الله: {أَنَّ الْقُوَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً}، وأنّ النصر وعد من الله لا يمكن أن يتخلف فوراء هذا القرآن من أنزل القرآن.
ونحن على موعد مع النصر الذي يعتبر الإيمان به جزءاً من الإيمان بالغيب كما قال سبحانه: {وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ}، {لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ  . وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} وقد وعدنا بهزيمتهم: {لَن يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذًى وَإِن يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الأَدُبَارَ ثُمَّ لاَ يُنصَرُونَ} وقال سبحانه: {وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يَجِدُونَ وَلِيّاً وَلَا نَصِيراً}.
أيها الأكارم: 
ومن الدروس في غزوة الأحزاب: موقف الإمام علي عليه السلام الذي برز فيه لعمرو بن ود العامري الذي كان يعدّ بألف فارس فقال فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (برز الإيمان كله للشرك كله)، وها هو شعبنا اليمني اليوم يسير في نفس الدرب بما ينطبق عليه قول الرسول: برز الإيمان كله للشرك كله، والإيمان لا يمكن أن يهزم، والإسلام لا يقبل الضعف والهزيمة، قال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ . وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ . ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ . أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا . ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ}. 
قلت ما سمعتم وأستغفر الله العظيم لي ولكم ووالدينا ووالديكم وكافة المؤمنين والمؤمنات فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم. 
الخطبة الثانية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له القوي العزيز، القائل في كتابه الحكيم: {وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ}، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، فصلوات الله عليه وعلى آله الطاهرين، ورضي الله عن أصحابه الأخيار المنتجبين. 
أما بعد/ أيها المؤمنون:
ها هم أهلنا في غزة وفلسطين يتعرضون لأكبر مظلومية على وجه الأرض قتلاً وحصاراً وتدميراً ومجازر وحروب إبادة أمام مرأى ومسمع من العالم أجمع ومن المسلمين والعرب أيضاً، ولا ينصرهم ولا يقف معهم إلا شعبنا المسلم الذي وقف هذا الموقف استجابة لله، وطاعة لله، واتكالاً واعتماداً على الله، وخوفًا من عذاب الله، وتنفيذاً لأوامر الله سبحانه التي قال لنا فيها: {وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ}، وقال لنا فيها: {وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَـذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا} وهذا الموقف هو الموقف الذي به تبرأ ذمتنا، وهو الموقف الذي به نطيع ربنا، وهو الموقف الذي يبيض وجوهنا، وهو الموقف الذي نرفع به غضب الله عنا، وهو الموقف الذي نحافظ به على انتمائنا للإسلام؛ فقد قال صلى الله عليه وآله وسلم: (من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم)، وقال صلى الله عليه وآله وسلم: (من سمع منادياً ينادي للمسلمين فلم يجبه فليس من المسلمين)، و(المسلم أخو المسلم لا يسلمه ولا يظلمه ولا يخذله)، وهذا الموقف هو محل تأييد وعون ورعاية من الله سبحانه؛ لأننا استجبنا لأمره ووثقنا بوعده وتحركنا في سبيله والعاقبة بيد الله وحده: {وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ}، {إِلَيْهِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ}، {أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الأمُورُ}، ووعود الله بالنصر وعود قاطعة لا يمكن أن تتخلف، ولا يمكن أن يضعف إيماننا بقوة الله وقدرته وجبروته ووعوده؛ فقد هدانا الله سبحانه وتحركنا على أساس وعوده وسننه، ووعود الله سبحانه ليست كالمعلبات لها فترة صلاحية ثم تنتهي، وليست

صلاحيتها فقط إلى السنة الثالثة أو الثانية عشرة للهجرة ثم أصبحت غير صالحة، لا، وحاشا الله أن يخلف وعده أو أن تتبدل سننه: {فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلاً}.
عباد الله: 
إنّ العدوان الأمريكي على بلدنا هو إسناد منهم للصهاينة في مجازرهم وحروبهم الشيطانية الظالمة، وإنّ معركتنا هي نصرة للمظلومين من أبناء ديننا: {الَّذِينَ آمَنُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُواْ أَوْلِيَاء الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً} وإنّ عدوان أمريكا على بلدنا هو فاشل وسيفشل ولن يحقق أهدافه، وهم يقصفون المقصوف ويضربون المضروب ولن يتراجع شعبنا عن موقفه قيد أنملة، بل سيسهم عدوانهم على بلدنا في تطوير قدراتنا العسكرية كما حصل في الجولة الأولى من معركة الفتح الموعود التي كانت نتيجتها تطوير قدراتنا العسكرية، وهذا ما سيكون بإذن الله في هذه الجولة، وقد رأينا كيف أعمى الله صواب أمريكا ففتحت على نفسها حرباً اقتصادية مع العالم: {يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ} وما هذه إلا بداية الزوال ونهاية الهيمنة التي ستكون على أيدي المؤمنين بإذن الله: {وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ}.
أيها المؤمنون:
يجب علينا الاستمرار في هذه المعركة بالحضور في المسيرات، والاستمرار في دورات طوفان الأقصى، والاهتمام بالإنفاق والدعم للقوة الصاروخية وسلاح الجو المسير ولإخواننا في غزة وفلسطين كما قال سبحانه: {وَأَنفِقُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} والحضور في المسيرات هو من الجهاد المهم في سبيل الله، وهو إسناد لأهل غزة وللقوات المسلحة، والمشاركة في هذه المعركة لا ينبغي أن يتخلف عنها مؤمن كما قال سبحانه: {وَلاَ يَطَؤُونَ مَوْطِئاً يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلاً إِلاَّ كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ} كما يجب علينا الاهتمام برفع الحس الأمني والحذر من خدمة العدو عبر نقل الأخبار بالتلفونات فنحن نقاتل عدواً يستعين بالأقمار الصناعية وشبكة الإنترنت، وهو من صنع التلفونات ليتجسس بها على المؤمنين، ويجب أن يكون المؤمنون أذكياء ووعيهم عالٍ ليفشلوا مخططات الأعداء.
وأخيراً يجب علينا الاهتمام بالدفع لأولادنا للمشاركة في الدورات الصيفية ليستفيدوا الخبرات والمهارات والمعارف التي تهذب أخلاقهم وتزكي نفوسهم وتنمي معارفهم بدلاً من الفراغ القاتل أو الجلوس على التلفونات أو أن يتعرضوا لقرناء السوء في الشوارع.
أيها الآباء الكرام: نخاطب فيكم الوعي والإيمان، ونناشد ضمائركم الحية، في زمن لم يعد العدو فيه يقتحم الديار بجيوشه فقط، بل بات يقتحم العقول والقلوب، ويستهدف أبناءكم وبناتكم من داخل بيوتكم، عبر شاشات وتطبيقات ومواقع ظاهرها ترفيه وباطنها سمّ قاتل يغتال القيم ويذبح الهوية.
نعم، فنحن في معركة شرسة مع أهل الكتاب وأعداء الأمة، الذين لا يألون جهدًا ليلًا ونهارًا في السعي لإسقاط هذه الأمة، واستهدافها في أخطر ما تملك: فكر أبنائها، وأخلاقهم، وهويتهم، ودينهم؛ لأنهم يدركون أنّ السيطرة العسكرية ستكون سهلة إذا ما سقطت الحصانة الفكرية والأخلاقية، وإذا ما تم عزل الجيل عن دينه وقيمه، قال تعالى: {وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىٰ يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا}.
... فهل ندرك حجم المؤامرة؟
اليوم، وفي هذا الوقت الحرج، تتحرك القيادة الحكيمة ومعها أبناء الشعب اليمني الغيور؛ لاستثمار العطلة الصيفية في فتح المراكز الصيفية الإيمانية التي تهدف إلى تحصين النشء، وبناء وعيه، وصقل قدراته، وربطه بالقرآن الكريم، وتجهيزه لمواجهة كل التحديات التي تُفرض على أمتنا.
وهنا يأتي دوركم، أيها الآباء، فأنتم على المحك: إما أن تكونوا عونًا لأبنائكم في سلوك طريق النور والهداية، وطريق القرآن والمعرفة، وإما أن تخذلوهم فتتركوهم فريسة سهلة أمام هذا الطوفان الإعلامي المسموم الذي يسعى بكل ما يملك لإبعاد أولادكم عن هذه المراكز، ويخيفكم منها، ويشوهها بكل وسيلة.
فالأعداء يعرفون ما تصنعه هذه المراكز من وعي، ويعلمون أنها تبني جيلًا لا يُخدع، ولا يُستَغل، ولا يُباع، ولهذا يحاربونها بكل ما أوتوا، لا حبًا فيكم ولا حرصًا على أولادكم، بل خوفًا من وعي يولد، وجيل يتحرر؛ فاحذروا من دعايات التحريض التي تبثها قنوات العهر والنفاق، واعلموا أن من يثبطكم عن إرسال أبنائكم لهذه المراكز، إنما يخدم أعداء الإسلام، ويعمل لهدم مستقبل أبنائكم بأيديكم.

أيها الأب: إن لم تُحصّن ولدك اليوم بثقافة القرآن، فغدًا سترى هذا الولد ضحية، إما في مستنقع الفساد الأخلاقي، أو ضمن أدوات الإعلام المُضلِّل، أو خادمًا للعدو بجهله دون أن يدري.
فلا تنتظر أن يأتي ذلك اليوم المؤلم، وتعضّ أصابع الندم، بل اتخذ قرارك من الآن: فإما أن يكون ولدك من أبناء القرآن، أو من ضحايا الشيطان، والله المستعان.
هذا وأكثروا في هذا اليوم وأمثاله من ذكر الله، والصلاة على نبينا محمدٍ وآله؛ لقوله عزَّ مِنْ قائلٍ عليم: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً}، اللهم صلِ وسلم على سيدنا أبي القاسم محمدٍ بن عبدِالله بن عبدِ المطلب بن هاشم، وعلى أخيهِ ووصيهِ وباب مدينة علمهِ ليث الله الغالب، أميرُ المؤمنين عليٌ بن أبي طالب، وعلى زوجتهِ الحوراء، سيدةِ النساءِ في الدنيا والأخرى فاطمةَ البتولِ الزهراء، وعلى ولديهما سيدا شباب أهل الجنة الحسن والحسين الشهيدين المظلومين، وعلى آل بيت نبيك الأطهار، وارضَ اللهم برضاك عن صحابةِ نبيِّك الأخيار، مِنَ المهاجرين والأنصار، وعلى من سار على نهجهم، واقتفى أثرهم إلى يوم الدين، وعلينا معهم بمنِك وفضلك يا أرحم الراحمين
اللهم اجعل لنا من كلِ همٍ فرجًا، ومن كلِ ضيقٍ مخرجًا، ومن النارِ النجا، اللهم احفظ وانصر عَلَمَ الجهاد، واقمع بأيدينا أهل الشرك والعدوان والفساد، وانصرنا على من بغى علينا: أئمة الكفر أمريكا وإسرائيل وبريطانيا، ومن تآمر معهم وحالفهم وعاونهم، اللهم واجمع كلمة اليمنيين وأصلح شأنهم ووفقهم لنصرة دينك وإعلاء كلمتك والجهاد في سبيلك، اللهم واحفظ قائدنا العلم المجاهد السيد عبد الملك بدر الدين واجعلنا له خير أنصار وخير أعوان، اللهم وانصر المجاهدين في غزة واليمن وانصر مجاهدينا وثبت أقدامهم وسدد رمياتهم يا قوي يا متين، يا رب العالمين: اللهم واغفر لنا ولوالدينا ومن لهم حق علينا واجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، اللهم واغفر لهم ولوالديهم من أوقفوا هذه الأرضية وأسسوا هذه البنية ومن يعملون على إحيائها يا أرحم الراحمين. 
{رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}، {رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}.
عباد الله:
{إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}.
➖➖➖➖➖ ➖➖
📝 صـادر عـن الإدارة العامــة للخطباء والمرشدين بديـوان
 عــام الــوزارة.
---------


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر